رسالة للمسؤولين في حمص بمناسبة إضاءة الشجرة بـ8000 لمبة

23-12-2006

رسالة للمسؤولين في حمص بمناسبة إضاءة الشجرة بـ8000 لمبة

الجمل ـ حمص ـ يامن حسين: السادة المسؤولين في محافظة حمص العديّة قرأت خبر رعايتكم لحفل إنارة أكبر شجرة عيد ميلاد (شجرة السلام) في ساحة حي المحطة بمحافظة حمص.
لم  يتح لي الذهاب لحضور الحفل ورؤية الشجرة ولا الإستماع لكلماتكم وكلمات من في بلاطكم لأن "محافظة المحطة" بعيدة معنوياً واجتماعياً عن مكان إقامتي في حي السبيل الواقع في ريف محافظة المحطة, نعم ريف محافظة المحطة , فلقد شاءت التقسيمات الإدارية القديمة للمحافظات السورية أن يكون حي المحطة الغني وأحياء "السبيل والأرمن والعباسية والمهاجرين ودير بعلبة" الفقيرة في نفس المحافظة أي حمص.  و بجهودكم وجهود حكومتنا واقتصاد السوق الإجتماعي وربط التعليم بسوق العمل والخطط الخمسية المتتالية ووو .. إلخ سننضم نحن الأحياء الفقيرة إلى ريف محافظتكم أو ضواحيها بأحسن حال.
لقد استنرتم بحكمتكم وتسامحكم العظيم وعمق وحدتكم الوطنية في محافظتكم الآنفة الذكر أن تزينوا شجرة السلام بهلال ونجمة كرمز لعيدي الأضحى والميلاد، ونحن أيضاً في هذه الأحياء الفقيرة سنحتفل، ولكن على طريقتنا الخاصة بالعيدين معاً، سنحتفل بانتظار زيادة الراتب أو إشاعة عن زيادة الرواتب، وإذا لم تمنح لنا تلك المتعة (فلربما متعة الحلم تكلف غالياً) سنحتفل بانتظار منحة أو إشاعة عنها,
طقوس احتفالنا ستبقى مختلفة , جارنا أبو ألياس سيشتري لعيد الميلاد زجاجة نبيذ ميماس  من أرخص الموجود، وسيشوي لأولاده فروجاً  ـ طبعاً الأطفال لايتفهمون الفقر وأسبابه ـ وأنتم كآباء لايمكنكم رؤية لعاب أطفالكم يسيل لرائحة الشواء القادمة من عند الجيران دون أن تحركوا ساكناً.
 جارتنا أم محمد ستكتفي هذا العيد بشراء بنطال لابنها علي، وقد تقبل أخوته الفكرة على مضض فليس بمقدور أمهم شراء ثياب جديدة للجميع دفعة واحدة.
سادتنا المسؤولين .. حكومتنا الرائعة ..  وصل إلى مسامعنا أخبارالشجرة التي كلفت قرابة الـ(1600000 ل.س) وقمتم بإضاءتها بـ(8000) مصباح وأن حضراتكم بالتعاون مع مستشاريكم ومستشاري مستشاريكم أدخلتم طرقا جديدة في الإضاءة (من باب التحديث والتطوير). إنه لمن المبكي (لاعلاقة لهذا التعبير بجريدة المبكي) أن لا نتمكن من تركيب ساعة كهرباء في منزلنا بحجة أن المنزل عليه مخالفات ويجب تنظيمه لكي ينتقل من صفته في منطقة زراعية إلى الصفة العقارية! و أنتم طبعاً لا تتهاونون في هذا الموضوع .
هل من المعقول إضاءة شجرة بـ(8000) لمبة من أجل التفاخر بها أمام العالم ومن ثم رميها في حاويات القمامة ,ونحن لانستطيع إضاءة لمبة واحدة في المنزل؟!
أليس من المفجع أن المهندسين والمسؤولين في البلدية يرتشوون بمبالغ خيالية لقاء السماح لفقراء أحيائنا بالبناء المخالف؟, نعم بناء مخالف... لكن هل تظنون أننا نستمتع بهذه المخالفة ؟ هل تظنون اننا لانريد السكن في المناطق المنظمة؟ لكن من أين لنا بالملايين ، نحن الذين تدفعنا الحاجة لارتكاب المخالفة مجبرين لا مخيرين ولدفع الرشى آسفين، وإذا ما بقيت حالتنا المادية بهذا السوء سنبقى نخالف في المستقبل وإلى أبد االآبدين .
السادة المشعين بِـ(8000) مصباح متوهج كالشمس, نمي الى مسامع اطفالنا انكم ستتنكرون بزي بابا نويل وستوزعون الهدايا على الأطفال التي تمر بجانب الشجرة.
وهنا نسأل بابا نويل المار في المحطة و شارع الحمرا وسائر ملحقاتها هل سيمر من قرب تلك الشجرة أطفال الفقراء؟! ألن يتقزز أطفال أحيائكم "الكرابيج والدلوعين" من رائحة أفواه أطفالنا بسبب أمعائهم الخاوية إلا من الشنكليش (والله الشنكليش طيب بس يلعن أبو ريحتو) ؟!
ألن تفزع مجتمعاتكم المستشقرة والمتمخملة إذا ما مررنا في شوارعهم بحجة أننا نطفش السواح وننزع بهجة العيد بثيابنا الرثة المرقعة؟
ليس فقط ثيابنا مرقعة بل أيضا وبفضلكم شوارعنا مرقعة، فالمدن تشبه ساكنيها كما يقال ,حتى الراتب مرقع فهو بحاجة لمضاعفته مرتين على الأقل بالدين والتعتير ليسد رمقنا وأفواه عيالنا. ستقولون الحفريات بالشوارع دليل على الإهتمام, مشكورين طبعاًعلى اهتمامكم لكن لماذا تترك الحفر في شوارعنا سنوات بينما بلمح البصر تزال الردميات وتلمع الشوارع في الأحياء الأخرى؟
حكومتنا المبهرة أخبرنا البعض أن المصابيح والزينة هي من صنع أطفال بيت السلام للمعاقيين المنغوليين , هل تصدقون أن أطفال الحاويات في أحيائنا يتمنون لو أنهم منغوليين ليكون لهم بيت بدل البحث في المخلفات والحاويات صيفاً وشتاءاً عن قطعة بلاستيك أو علبة معدن.؟
 أعلم ويعلم القارئ  أنكم لن تقرؤوا وإذا ما قرأتم لن تصدقوا لأنكم لم تمروا في شوارعنا بسبب الوحول والتراب التي تعيق تحرككم وأنتم تلبسون الأحذية الملمعة والملابس الفاخرة وتخافون على البريستيج.
أعلم علم اليقين أن كلامي لن يغير شيئاً في المعادلة فالبيوت المخالفة التي لم تدفع رشوة ستهدم وأطفالنا لابابا نويل لهم يوزع عليهم هداياه وسيكتفون برش السكر على الخبز المبلل بالماء لتعويض غياب حلويات العيد,وأعلم أن العيد عندنا يوم عادي لأن نعيش ذلك الروتين البليد القاتل للفرح المسمى "الفقر"
ولكنني سأقول كلمتي وأمضي كما قال غيري ومضى " السكوت ليس علامة الرضى"..

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...