حسابات الفرص والمخاطر أمام البرلمان والحكومة الأردنية الجديدة

29-11-2010

حسابات الفرص والمخاطر أمام البرلمان والحكومة الأردنية الجديدة

الجمل: دخلت الساحة السياسية الأردنية مرحلة جديدة، فقد انتهت جولة الانتخابات البرلمانية العامة الأردنية، وتم إعلان الفائزين بمقاعد مجلس النواب الأردني، وأعلن الملك عبد الله الثاني تكليف سمير الرفاعي بمهمة تولي منصب رئيس الوزراء وتشكيل الحكومية الجديدة: فما هي حسابات الفرص والمخاطر الماثلة أمام البرلمان الأردني الجديد وحكومة سمير الرفاعي الجديدة؟
* التوازنات السياسية الأردنية الجديدة: توصيف المعلومات الجارية
على أساس الاعتبارات السياسية الجارية، لم تشهد الساحة الأردنية أي تغيرات جذرية على المستوى الهيكلي، وبالتالي مازال القوام الدولاتي الأردني كما هو مع بعض التغييرات ذات الطابع الوظيفي، ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
•    السلطة الملكية العليا: وتتمثل في سمو العاهل الأردني الملك عبد الله.
•    السلطة التنفيذية: وتتمثل في مجلس الوزراء الأردني بزعامة رئيس الوزراء الحالي سمير الرفاعي.
•    السلطة التشريعية: وتتمثل في البرلمان الأردني والذي يتكون من غرفتين هما:
-    الغرفة العليا: وتتمثل في مجلس الأعيان الأردني، ويتكون من 55 عضواً يقوم الملك بتعيينهم لذلك فهو "مجلس الملك" ومهمته متابعة الأداء الحكومي ورئيسه الحالي هو طاهر المصري.
-    الغرفة الدنيا: وتتمثل في مجلس النواب الأردني ويتكون من 110 أعضاء ويتم انتخابهم فهو "مجلس الشعب" ومهمته إصدار التشريعات والقوانين.
•    السلطة القضائية: تمارس السلطة القضائية الأردنية مهامها باستقلالية كاملة عن السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) والسلطة التشريعية (البرلمان) وتتبع مباشرة للملك، هذا وتمارس السلطة القضائية مهامها ضمن ثلاثة مستويات: المدني، الديني والخاص، مع ملاحظة أن المهام الجنائية تندرج ضمن المستوى المدني، والمستوى الخاص يندرج ضمن المهام القضائية الخاصة التي تستند على التكليف الملكي.
أشارت التقارير والتحليلات السياسية المعنية بالشأن الأردني إلى تزايد مفاعيل الصراع السياسي الأردني-الأردني على خلفية التنافس الساخن الذي حدث خلال جولة الانتخابات العامة الأردنية الأخيرة وما أعقبها من عمليات عنف سياسي استمرت لفترة قصيرة، ثم توقفت بعد نجاح السلطات الأردنية لجهة القيام باحتوائها.
* حسابات الفرص والمخاطر: السياسة الأردنية إلى أين؟
كشفت معركة الانتخابات العامة البرلمانية الأردنية الأخيرة عن تزايد ظاهرة الاصطفافات السياسية بما أدى إلى تشكيل خارطة جديدة لمناطق النفوذ السياسي.
وتأسيساً على ذلك، يمكن رصد المؤشرات الجديدة التي شكلت محفزات هذه الاصطفافات السياسية الأردنية على النحو الآتي:
•    مخاطر تأثير العامل القبلي-العشائري: أدت الحملات السياسية الانتخابية إلى بروز تأثير العامل القبلي-العشائري بشكل غير مسبوق هذه المرة، ومن أبرز النتائج المتعلقة بهذه الظاهرة صعود المحفزات القبلية-العشائرية بدلاً عن المحفزات الحزبية السياسية، بما أدى إلى إضعاف تأثير حركات الإسلام السياسي، وعلى وجه الخصوص حركة العمل الإسلامي التي قاطعت الانتخابات، ورغم أنها تمثل الفاعل السياسي الرئيسي، فقد أدى صعود العامل القبلي-العشائري إلى صعود النزعة القومية-الاجتماعية-السياسية بدلاً عن النزعة الإسلامية السياسية، وعلى هذه الخلفية فقد تمت عملية الانتخابات دون تأثير كبير يذكر بسبب مقاطعة جبهة العمل الإسلامي. إضافة لذلك، فقد أدت مفاعيل الحراك السياسي الانتخابي الأردني إلى بروز ظاهرة الاصطفاف القبلي-العشائري البيني، بما تضمن عامل صعود قبائل شرق الأردن كداعم ومساند رئيسي للنفوذ الملكي في مواجهة بقية قبائل المناطق الحضرية الرئيسية الأردنية والتي يسيطر أبناءها على الهياكل البيروقراطية الدولاتية، ومن المتوقع أن يتزايد الاصطفاف على هذا الجانب، بحيث أن المزيد من تأييد قبائل شرق الأردن سوف يقابله المزيد من سخط واحتجاجات قبائل وعشائر المراكز الحضرية الرئيسية مثل محافظة عمان الكبرى وغيرها.
•    مخاطر عامل تأثير عملية سلام الشرق الأوسط: تعتبر الأردن البلد العربي الأكبر لجهة استضافة اللاجئين الفلسطينيين، وعلى أساس اعتبارات صفة المواطنة والهوية يوجد مجتمع مدني يتضمن نوعين من المكونات: السكان الأردنيين الأصليين، والسكان الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية. وتشير التوقعات لجهة أن مسيرة عملية سلام الشرق الأوسط الجارية حالياً بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين من الممكن أن تؤدي إلى التداعيات الآتية داخل الأردن:
-    في حال فشل عملية السلام، من المحتمل أن تسعى إسرائيل إلى توسيع سياسة الترحيل بما أدى إلى دفع موجات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل الأردن، الأمر الذي سوف يجد المعارضة الشديدة بواسطة السكان الأردنيين الأصليين المتمركزين في مناطق ضفة شرق الأردن.
-    في حال نجاح عملية السلام، من المحتمل أن تسعى إسرائيل إلى رفض حق العودة بالنسبة للفلسطينيين الموجودين في الأردن، وذلك على أساس اعتبارات أنهم أردنيون طالما أنهم يحملون الهوية الأردنية، إضافةً إلى أن ملك الأردن عندما وقع على اتفاقية سلام وادي عربة مع إسرائيل، لم يسعَ إلى الحصول من الإسرائيليين على الاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في الأردن، وبالتالي فإن نجاح عملية سلام الشرق الأوسط بدون حق الفلسطينيين الأردنيين سوف يؤدي إلى احتجاج الفلسطينيين الموجودين في الأردن وأيضاًَ إلى احتجاج الأردنيين الأصليين.
•    مخاطر عامل التأثير الاقتصادي: تشير المعطيات الجارية إلى أن وضع الاقتصاد الكلي الأردني يتضمن الأرقام القياسية الكلية الآتية:
-    الناتج المحلي الإجمالي: الحد الأعلى 35.3 مليار دولار، الحد الأدنى 27.2 مليار دولار.
-    متوسط دخل الفرد في العام: الحد الأعلى 5800 دولار، الحد الأدنى 4435 دولار.
-    متوسط معدل النمو السنوي: 8.31%.
-    متوسط معدل التضخم: 15.5 %.
-    متوسط معدل النمو السكاني: 12.5%.
-    متوسط معدل البطالة: 13.5%.
-    مساهمة القطاعات الاقتصادية: الزراعة 3.6% وتستوعب حوالي 3.6 من قوة العمل، الصناعة 10.1 وتستوعب حوالي 10.1 من قوة العمل، الخدمات 86.3% وتستوعب حوالي 77.4 من قوة العمل. وبكلمات أخرى فإن حوالي 7.4% من إجمالي قوة عمل سكان الأردن البالغ عددهم الإجمالي 7 مليون نسمة يعملون في قطاع الخدمات مقابل 3.6% و10.1% يعملون في قطاع الإنتاج الزراعي والصناعي. وعلى خلفية هذا الوضع غير المتوازن فإن المؤشرات الكلية الاقتصادية سوف تعكس خلال الفترة المقبلة المزيد من التغيرات السالبة التأثير، فمعدل التضخم سوف يزداد، ومعدل البطالة سوف يزداد بما سوف يؤدي بالضرورة إلى جعل الحكومة الأردنية الجديدة تواجه مصاعباً جمة في سد فجوة عجز الميزانية العامة الحالية البالغ قدرها 2 مليار ولار، إضافةً إلى مصاعب متزايدة من أجل تغطية نفقات سداد الدين العام البالغ قدره 14.7 مليار دولار.
تشير التوقعات إلى أن استقرار الأوضاع السياسية الأردنية خلال الفترة القادمة سوف يكون رهيناً بحدوث المزيد من استقرار الأوضاع في علاقات الأردن السياسية الخارجية، وذلك بحيث تستطيع السياسة الخارجية الأردنية توفير الدعم والسند اللازم لدعم الاقتصاد الأردني، إما عن طريق رفع معدلات تدفقات الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة من جانب منظمة دول التعاون الخليجي، أو الحصول على المزيد من المساعدات الأمريكية والأوروبية، ولكن، على خلفية الأزمة الاقتصادية الأمريكية-الأوروبية الحالية، فإن الخيار الأكثر احتملاً هو السعي الأردني لجهة تعزيز روابط العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول منظمة التعاون الخليجي، وبالتالي، إذا نجحت حكومة سمير الرفاعي الجديدة في مهمة تعزيز القدرات الاقتصادية فإنها سوف تنجح بالضرورة في نزع فتيل الاحتقانات القبلية-العشائرية، أما إذا سعت إلى فرض المزيد من الضرائب والرسوم بما يؤدى إلى إضعاف مستوى الدخل والقدرات الشرائية فإن فتيل الأزمة سوف يكون جاهزاً للاشتعال إذا حدثت سيناريوهات عملية سلام الشرق الأوسط المتعلقة بأوضاع الفلسطينيين المقيمين في الأردن!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...