تقرير العيوب الخلقية في العراق: ما هو السبب ولماذا تم تأجيل صدوره؟

27-09-2013

تقرير العيوب الخلقية في العراق: ما هو السبب ولماذا تم تأجيل صدوره؟

يبلغ معدّل انتشار العيوب الخلقية بين أفراد الأسرة في العراق 13.8 في الألف وفق أرباب الأسر، بينما يبلغ معدّل انتشار العيوب الخلقية بين جميع المواليد 21.7 في الألف وفق الأمهات.
وشخّص الأهالي نحو ربع حالات العيوب الخلقية، بينما أورد مقدمو الخدمات الصحية نسبة 70 في المئة من الحالات. وتعود تلك الأرقام إلى ملخص التقرير الذي نشرته وزارة الصحة العراقية بالتعاون مع «منظمة الصحة العالمية» في 11 أيلول الحالي في شأن انتشار العيوب الخلقية.
والدراسة التي أجريت بين أيار وأيلول العام 2012 شملت 18 منطقة عراقية، هي الموصل، حلبجة، تلعفر، جمجمال، الخالص، بلدروز، الفلوجة، القائم، الرصافة، المدائن، المحمودية، الحلة، الطارمية، المسيب، الناصرية، الزبير، الجبايش، وأبو الخصيب.
وشملت الدراسة 10800 أسرة، بمعدل 600 أسرة في كل منطقة و72 فردا لإجراء المقابلات. وارتكزت على تعبئة رب الأسرة والأم استمارات في شأن العيوب الخلقية، ومسار الحمل، وخصائص العائلة الاجتماعية والديموغرافية، ومدى التعرض للأشعة، والقرابة بين الزوجين، وعلى التقارير الطبية بنسبة 32 في المئة من الحالات.
ولا يتجاوز معدل الإجهاض التلقائي، وفق نتائج التقرير، الأرقام المتوقعة، وهي بين 11 إلى 22 في المئة. ويعتبر معدّل وفيات الأجنة قبل الولادة، بين العامين 2008 و2012 منخفضا (11.8 لكل 1000 ولادة) مقارنة بتقديرات «منظمة الصحة العالمية» (32 في الألف) من دون تسجيل زيادة أو انخفاض كبيرين في العقدين الماضيين. ويسجل معدّل العيوب الخلقية 23.7 لكل ألف ولادة بين العامين 2008 و2012. ويقارب هذا المعدل الأرقام التي تسجلها البلدان ذات الدخل المرتفع (بين 20 على 40 في الألف) من دون وجود تغيرات في المعدلات منذ 15 عاما.
ويعتبر التقرير أن اختلاف المعدلات بين المناطق عشوائي، حيث سجلت القائم وحلبجة الانتشار الأكبر للعيوب الخلقية، بينما سجلت مناطق الناصرية والفلوجة وجمجمال الانتشار الأقل. وتخلص الدراسة إلى عدم وجود دلائل على ارتفاع معدّل العيوب الخلقية في العراق.
وفي المقابل، تسجّل البروفسورة في علم الجينات في جامعة «جينوه» الإيطالية ومنسقة «لجنة الأسلحة الحديثة» باولا ماندوكا ملاحظات عدة في شأن التقرير: عدم تحليل أثر العوامل الخارجية (مثل الأسلحة التي استخدمت في الهجوم على العراق واليورانيوم المنضب، أو التعرض للسموم أو مبيدات الحشرات، أو سوء التغذية، والحياة في منطقة تعرضت للقصف) على نسبة انتشار العيوب الخلقية، إهمال تاريخ عائلة الأب، عدم توضيح معايير اختيار الأمكنة التي أجريت فيها الدراسة إن كانت تعرضت للقصف أم لا، وعدم بلورة معايير اختيار الأشخاص الذين شملتهم الدراسة.
تجاهل القيّمون على التقرير، وفق ماندوكا، دراسة أثر العوامل الخارجية والأسلحة المستخدمة في معدل انتشار العيوب الخلقية لتجنب إثارة المسألة ولإغفال أثر الحروب التي شهدها العراق على الصحة العامة. ولم يوضحوا معايير اختيار المناطق في محاولة لتبسيط المسألة المطروحة، وجعل نتائج الدراسة مقبولة وضمن المعدلات الطبيعية، واختاروا وسيلة المسح العائلي لوجود إمكانية التلاعب بالصورة الكاملة.
وتؤكد باندوكا ضرورة توضيح تلك التساؤلات صونا لشفافية التقرير ومعطياته العلمية، ومحاولة إقناع الأفراد بنتائجه وخدمة للصحة العامة إذ تساهم دراسة آثار العوامل الخارجية على انتشار العيوب الخلقية في معالجة الأشخاص.
يذكر أن معدي التقرير أجلوا كثيرا موعد نشره، ما حث 58 باحثا علميا، من لبنان، العراق، إيران، اليابان، أوروبا، شمال أميركا، واستراليا، على رفع كتاب إلى منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العراقية للمطالبة بنشر التقرير، خصوصا في ظل دراسات عديدة تؤكد ارتفاع معدل الإجهاض التلقائي والعيوب الخلقية في العراق.
وأشار أحد المسؤولين في وزارة الصحة العراقية، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في 22 آذار الماضي، إلى ارتفاع معدل العيوب الخلقية والأورام السرطانية في العراق.
وتلاحظ خبيرة السموم البيئية في كلية الصحة العامة في جامعة «ميشيغن» مزهان سافابي أصفهاني، نقلا عن قناة «ام اس ان بي سي» الأميركية، ارتفاع معدل العيوب الخلقية في البصرة والفلوجة منذ أوائل التسعينيات، بعد حرب الخليج الأولى وإلى ما بعد العام 2011.
وتشير الدراسات إلى أن أكثر من نصف حديثي الولادة في الفلوجة أظهروا عيوبا خلقية، بين العامين 2007 و2010 بينما لم تتعد النسبة عُشر قبل فترة الحصار. وانتهت نسبة 45 في المئة من الحمل بالإجهاض التلقائي بين العامين 2004 و2006، ونسبة واحد على ستة بين 2007 و2010، بينما لم تتعد النسبة 10 في المئة قبل الهجوم. وتكشف الأرقام ارتفاع معدل العيوب الخلقية عند حديثي الولادة في البصرة 17 مرة في أقل من عقد بين العامين 1994 و2003، وبنسبة 48 في المئة بين 2003 و2009.
وأشارت أصفهاني، نقلا عن صحيفة «الاندبندنت» في 14 تشرين الأول الماضي، إلى وجود أدلة دامغة على ارتباط ارتفاع معدل الإجهاض والعيوب الخلقية في العراق بالعمليات العسكرية والأسلحة المستخدمة.
ويربط الباحثون العلميون بين ارتفاع معدل العيوب الخلقية في البصرة والفلوجة بنوعية الأسلحة المستخدمة في العقدين الماضيين، إذ تكشف الدراسات ارتفاع معدل الرصاص في شعر المواليد ذوي العيوب الخلقية في الفلوجة خمس مرات عما هو عليه في شعر المواليد الآخرين، فبينما سجل معدل الزئبق ارتفاعا بلغ ست مرات. وسجّل معدل الرصاص في أسنان الأولاد في منطقة البصرة ارتفاعا بلغ ثلاث مرات عما هو عليه في مناطق أخرى لم تتعرّض للقصف. وأظهر أهالي الأولاد ذوي العيوب الخلقية معدلات أكبر من الرصاص في شعرهم وأسنانهم من أهالي الأولاد العاديين. وتؤكد أصفهاني انه يوجد رابط بين ارتفاع معدل العيوب الخلقية والإجهاض والمعادن المؤذية للأعصاب التي خلّفها قصف المدن العراقية.
ويلفت المساعد السابق للأمين العام للأمم المتحدة منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق أيام الحصار هانز فون سبونك، نقلا عن صحيفة «الغارديان» في 26 أيار الماضي، إلى أن الحكومة الأميركية سعت لمنع «منظمة الصحة العالمية» من اجراء مسح في المناطق الجنوبية في العراق، حيث تم استخدام اليورانيوم المنضب الذي يسبب مضاعفات صحية وبيئية.

ملاك مكي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...