تركيا – إسرائيل – قبرص: تعاون ثلاثي في غاز المتوسط

12-02-2014

تركيا – إسرائيل – قبرص: تعاون ثلاثي في غاز المتوسط

عاودت المفاوضات المباشرة بين الطرفين اليوناني والتركي في قبرص مسيرتها في المنطقة الوسطى بين شطري العاصمة نيقوسيا برعاية الأمم المتحدة، أمس، حيث عقد الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس والزعيم القبرصي التركي درويش اروغلو لقاء استمر ساعة ونصف ساعة.
وإثر اللقاء، تلت ممثلة الأمم المتحدة رئيسة البعثة الدولية ليزا باتنهايم بيانا مشتركا جاء فيه "أنّ القادة هدفهم التوصل إلى حل في أسرع وقت ممكن لتنظيم عمليتي استفتاء منفصلتين اثر ذلك"، موضحة أنّ اللقاء المقبل بين المفاوضين يرتقب أن يعقد خلال "هذا الأسبوع".
وتتميز المحادثات الجديدة بنقاش مفصل لكل بند من ورقة عمل أو إعلان سوف يوقع عليه في حال الاتفاق ويمكن وصفه بإعلان مبادئ. ويقوم الإعلان على القبول بقبرص على أنها "متحدة" بين فدراليتين مستقلتين تشمل مواطنة واحدة وهوية سياسية واحدة وسيادة واحدة. ويريد الطرف التركي أن تعني السيادة الواحدة المساواة في السيادة لدى كل طرف وبطريقة تطمئنهما.
الخصوصية الثانية لهذه المحادثات هي تهديد الجانب القبرصي التركي أنّها ستكون الأخيرة في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق وأنهم لن يعودوا بعدها إلى الطاولة، وسيتصرفون على أساس دولة مستقلة بالكامل. وقد يشكل هذا التهديد عامل تحفيز للوصول إلى حل.
لكن العامل الاقتصادي يلعب دورا مهما في حث الطرفين على اللقاء بعد انقطاع سنتين. فقبرص التركية تدرك أنّ ثروتها من النفط ومن الغاز الطبيعي المكتشفة شرقي البحر الأبيض المتوسط تواجه مشكلات التصدير إذ أنّ تركيا تعارض أي استغلال لهذه الثروة من جانب الطرف القبرصي بمفرده على أساس أنّ هذه الثروة هي ملك مشترك لكل سكان الجزيرة من الطائفتين التركية واليونانية. وقد هددت تركيا أكثر من مرة بمنع الشركات اليونانية والأجنبية من التنقيب عن النفط في المنطقة الإقليمية القبرصية كما تعارض تصدير النفط القبرصي من دون تفاهمات مسبقة مع الجانب التركي.
وقد أضيف إلى التعقيدات القبرصية مسألة الغاز الإسرائيلي الذي استخرجته إسرائيل من حقول شرقي المتوسط وتدرس كيفية تصديره وتعاونها مع قبرص اليونانية.
وتبرز هنا الوسيلة التي ستعتمدها إسرائيل. فقد نقلت صحيفة "زمان" التركية أنّ الحكومة التركية تميل إلى اعتماد خط أنابيب يمتد من إسرائيل إلى قبرص فتركيا لتصدير الغاز إلى أوروبا وأن الحكومة التركية لا تمانع في ذلك، لكن بعدما تنفذ إسرائيل الشروط التركية حول ما سمي بحادثة سفينة مرمرة.
وبالفعل اعتذر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، العام الماضي، والآن يتحدث المسؤولون الأتراك عن قرب التوصل إلى اتفاق حول التعويضات. ولعل هذا مرتبط بمسألة التعاون في مجال النفط والغاز بين الدول الثلاث، تركيا وإسرائيل وقبرص، وهو ما يفسر جانبا من استئناف المحادثات لحل المشكلة القبرصية.
وفي الواقع أنّ هناك ميلا لدى رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان للخروج من عزلته الإقليمية والدولية عبر تعزيز وضع بلاده الاقتصادي أولا بزيارته إلى طهران، مؤخراً، التي اتخذت طابعا اقتصاديا صرفا وثانيا عبر تطبيع العلاقات مع إسرائيل للاستفادة من تصدير النفط الإسرائيلي كما القبرصي عبر تركيا وتعزيز موقع تركيا بالتالي كناقل للغاز والنفط بعدما فشلت في مد الغاز القطري والخليجي عبر سوريا جراء عجزها عن إسقاط النظام هناك. كما أنّ تركيا بذلك تخفف نسبيا من الضغوط الأميركية وضغوط اللوبيات اليهودية عن اردوغان وحكومته.
ويجب التذكير هنا أن مدير عام وزارة الخارجية التركية ناجي قورو قد صرح في 28 كانون الثاني الماضي أنّ تركيا باتت تقارب العلاقات مع إسرائيل بمعزل عن القضية الفلسطينية الموجودة منذ عشرات السنين وحلها ليس قريبا. وهذه المقاربة لا شك جديدة من جانب حكومة "حزب العدالة والتنمية" وتلقي ظلالا من الشك حول الموقف الفعلي لتركيا من القضية الفلسطينية عبر الفصل بين القضية الفلسطينية والعلاقات مع إسرائيل. ورأى قورو في ذلك الحين أنّ إعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل ستساهم في إحراز تقدم في مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...