تركيا تخسر 20 مليار دولار بسبب دعوى لإغلاق حزب العدالة والتنمية

19-03-2008

تركيا تخسر 20 مليار دولار بسبب دعوى لإغلاق حزب العدالة والتنمية

تكبّدت تركيا، وفي يوم واحد فقط أكثر من 20 مليار دولار خسائر من جراء الهزة العنيفة التي تسبب بها المدعي العام بفتح دعوى قضائية لإغلاق حزب العدالة والتنمية، والتي فتحت أمام مرحلة من عدم الاستقرار والغموض والتوترات.
وفي ما عرف بـ«الاثنين الأسود» تراجعت البورصة التركية بمعدل 7.46 في المئة، وتراجع سعر صرف العملة أمام اليورو والدولار وارتفعت الفوائد إلى 18.35 في المئة.
في هذا الوقت برزت اتهامات وحملات على القضاء التركي بتهمة إساءة استخدام وظيفته، والرضوخ لضغوط عصابات الجريمة المنظمة. ولعل أبرز التلميحات إلى ارتباط القضاء بعصابات الجريمة المنظمة، هو تصريح وزير الثقافة ارطغرل غوناي من أن إغلاق الحزب الحاكم يهدف إلى قطع الطريق أمام محاكمة شبكة «أرغينيكون» المتغلغلة في صفوف الدولة، والمتهمة بالوقوف وراء العديد من عمليات الاغتيال، والتخطيط لعمليات اغتيال أخرى، بينها اغتيال رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، وأن المدعي العام قد أجبر على فتح دعوى ضد حزب العدالة والتنمية. وأشار إلى أنه إذا جرت انتخابات غداً فسينال «العدالة والتنمية» 20 مليون صوت بدلاً من الـ 15 مليوناً الحالية.
وهو ما ألمح إليه في ما بعد اردوغان بتساؤله عما إذا كان هناك من منزعج بسبب تفكيك الدولة للعصابات. ودعا أعضاء حزبه إلى الصبر والهدوء، معتبراً أن أنقرة بحاجة إلى حزب العدالة والتنمية و»سندير المرحلة كما يجب، ويجب أن نكون شجعاناً ومنتصبين».
والتقى زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي بأركان حزبه، مبديا انفتاحا على أي تغيير دستوري يحول دون إغلاق الأحزاب، لكنه اشترط لذلك أن تستثنى الأحزاب الانفصالية، وهو ما ووجه بالرفض من قبل نائب رئيس حزب العدالة والتنمية دنغير مير محمد فرات، لأنه لا يمكن وضع استثناءات.
في المقابل أعرب زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض دينيز بايكال عن حزنه لما ورد من قرائن تدين الحزب الحاكم في مطالعة المدعي العام. وامتدح المطالعة «التي لم تكن انفعالية ولا سياسية، بل موضوعية وقانونية، وضمن حدود المسؤولية».
واستمرت في هذا الوقت النقاشات القانونية حول الاحتمالات المستقبلية. ويبدو أنه في حال إغلاق الحزب من أساسه فستكون المرة الأولى التي يحصل فيها أن يحظر حزب في السلطة، من دون أن يكون ذلك نتيجة انقلاب عسكري.
لكن في المقابل في حال حظر الحزب، ومنع 71 من قادته من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات، فإنه يمكن لأردوغان أن يترشح إلى أية انتخابات بصفة مستقل، وأن يكون رئيساً للحكومة في حال أيّدته غالبية برلمانية، لأن قانون الأحزاب يحظر على الشخصيات الممنوعة من العمل السياسي أن تتحرك بصفة «حزبية» فيما يمكن لها ذلك إذا كانت «مستقلة».
أما الرئيس عبد الله غول فيمكن له أن يستمر في رئاسة الجمهورية كونه غير مسؤول، ولا يمكن محاكمته إلا بتهمة الخيانة العظمى، لكن في حال لم تنقض مهلة السنوات الخمس من الحظر لدى انتهاء مدته الرئاسية فلا يمكن له التحرك سياسياً في إطار حزبي.
ووصف حقوقيون بارزون الادعاء على غول بأنه فضيحة، وخطأ قانوني كبير، لأنه لا يمكن محاكمة رئيس الجمهورية إلا بتهمة الخيانة العظمى.
وفي حال تشكيل حزب جديد قبل صدور قرار المحكمة الدستورية، ونجح أعضاء منه قيد المحاكمة في الانتخابات النيابية فيمكن للمحكمة الدستورية إلغاء نيابتهم إذا صدر حكم ضدهم في قضية حزب العدالة والتنمية.
وإذ يدعو البعض لإطلاق حملة شعبية ضد المدعي العام عبد الرحمن يالتشينكايا، فإنهم يذكّرون كيف أن القاضي الذي اتهم رئيس الأركان الحالي الجنرال ياشار بويوك انيت، عندما كان قائداً للقوات البرية، بالتورط في تشكيل عصابة منظمة، قد تم فصله فوراً من وظيفته من جانب المجلس الأعلى للقضاء.
ووصف شاهين ألباي، في صحيفة «زمان»، ما يجري بأنه صراع سياسي، ولا علاقة له بالعلمانية، معتبراً أن الدعوى ضربة للاستقرار ولعلاقات تركيا الدولية، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي دليل مقنع على انتهاك قواعد العلمانية، فكل التصريحات التي وردت في الادعاء من جانب قادة العدالة والتنمية تدخل في باب حرية الرأي ليس إلا. وقال «إنهم يريدون معاقبة الحزب في قضية ارتداء الحجاب والانفتاح على المسألة الكردية، والمسألة هي في الصراع بين النخب القديمة والنخب الجديدة».
واعتبر علي بيرم اوغلو أن ما يجري هو محاولة انقلاب عبر القوى القضائية، وان الدعوى ليست مزحة بل بداية عملية لإغلاق حزب العدالة والتنمية. وتساءل «عما إذا كانت الدعوة مجرد رصاصة طائشة أم خطوة أولى في عملية واسعة؟ وبعبارة أخرى هل هي خطوة لعودة الديموقراطية العسكرية عبر قرارات قضائية؟».
وقالت نوراي ميرت في صحيفة «راديكال» إن ما يجري ليس أزمة سياسية بل أزمة نظام، والنقطة التي وصلت إليها تركيا وخيمة جداً على البلاد، والخسائر بدأت منذ الآن بغــض النـظر عن الشــكل الذي سيتخذه الصراع.
وكتب حسن جلال غوزيل أنه «يتصور كيف يجلس الكثير من الحقوقيين يقهقهون على هذه الفضيحة القانونية، المتمثلة بمطالعة المدعي العام والتي معظمها أكاذيب». ودعا حزب العدالة والتنمية إلى التعاون مع حزب الحركة القومية لتعديل المادة 68 و69 من الدستور وقانون الأحزاب، وتغيير بنية المحكمة الدستورية.
واعتبر الكاتب العلماني ديريا سازاك انه «يجب ألا تسقط تركيا في التجربة الباكستانية، وأنقرة لا يمكن أن تكون ديموقراطية حين تصبح مقبرة للأحزاب، ومعاقبة الأحزاب على أخطائها يكون فقط عبر الانتخابات».

محمد نور الدين

المصدر: السفير
  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...