تركيا: بعد قرار منع الحجاب..انتخابات نيابية مبكرة في الخريف

14-06-2008

تركيا: بعد قرار منع الحجاب..انتخابات نيابية مبكرة في الخريف

بدأت تلوح في أفق المشهد السياسي في تركيا نذر انتخابات نيابية مبكرة، فقرار المحكمة الدستورية إبطال تعديل السماح للحجاب في الجامعات، بتسعة أصوات مقابل صوتين، خلق إحباطا ويأسا لدى حزب العدالة والتنمية واقتناعا بأن المحكمة الدستورية ستصدر حكما بحظر الحزب في الفترة القليلة المنظورة، وربما خلال تموز المقبل.
ولهذا السبب كان خطاب رئيس الحزب والحكومة رجب طيب أردوغان أمام نواب حزبه واضحا في رغبته بتحدّي قرار المحكمة الدستورية حول الحجاب، عبر اعتباره اغتصابا لصلاحية البرلمان وإرساله رسائل قوية إلى الشعب بأنه سيعتمد عليه لمواجهة الظلم، في مؤشر قوي إلى تكرار السيناريو الذي جرى في العام الماضي حين أبطــلت المحكمة أي انتخاب لرئيس الجمهورية من دون نصــاب الثلثين، بأن ذهب إلى انتخابات نيابية مبكرة جلبت له انتصارا كبيرا.
اليوم يأمل أردوغان بتكرار ذلك، وإن كانت الظروف ستختلف. ففي حال حظر المحكمة حزب العدالة والتنمية فلن يكون أردوغان شخصيا على رأس الحزب البديل. ورغم انه سيكون باستطاعته الترشح مستقلا، فليس مضمونا مع ذلك عدم وضع عقبات قانونية أمام مثل هذا الترشح.
وأعلنت المحكمة الدستورية العليا، في بيان، رفضها لهجوم مسؤولين في الأحزاب السياسية وأطراف أخرى على قرارها، معتبرة أن هذه التصريحات تمثل انتهاكا واضحا يقع تحت طائلة قانون العقوبات.
إشارات التوجه لانتخابات نيابية مبكرة، إضافة إلى قول رئيس الحكومة انه سيواصل المسيرة مع الشعب، بدت أيضا في تعليمات أردوغان بعدم منح البرلمان الإجازة الصيفية وإبقائه في انعقاد دائم تحسبا لصدور قرار المحكمة بإغلاق الحزب خلال العطلة الصيفية، ولتمكين البرلمان اتخاذ قرار بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
من الإشارات الأخرى حديث رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض دينيز بايكال، أمام نواب حزبه أمس الأول، عن أن على الحزب أن يكون مستعدا منذ الآن لاحتمال قوي في إجراء انتخابات نيابية مبكرة ربما في الخريف المقبل، إذا حُظر حزب العدالة والتنمية.
وفي هذه الحال، ستكون الانتخابات مزدوجة نيابية وبلدية، لأنه لا يجوز إجراء انتخابات لكل منهما منفصلة عن الأخرى إذا كان الموعد بينهما أقل من سنة.
وإذا ما حصل ذلك، فمن المحتمل أن يخوض الحزب البديل عن حزب العدالة والتنمية الانتخابات النيابية والبلدية بقيادة جديدة، قد تكون وزير الخارجية علي باباجان أو وزير العدل جميل تشيتشيك أو رئيس البرلمان كوكسال طوبتان أو غيرهم.
ويتوقع الخبراء الانتخابيون أن تتراجع أصوات حزب العدالة والتــنمية عن الـ47 في المئة الحالية، لكنها لن تنـزل عن الأربعــين في المئة، ما يبقي السلطة السياســية، برلمــانا وحكومــة، بيد تيار أردوغان.
وستكتسب هذه الانتخابات المبكرة إذا جرت طابع التحدي المزدوج: أولا من جانب مناصري حزب العدالة والتنمية، أي التيار الإسلامي، وثانيا من جانب مناصري حزب المجتمع الكردي الذي ينتظر بدوره أن تحظره المحكمة الدستورية قريبا. ومن جديد ستواجه قوى «الدولة العميقة»، الممثلة في الهيئات القضائية والمؤسسة العسكرية والمتشددين من العلمانيين، تحدي عودة الحزبين الإسلامي والكردي إلى الساحة السياسية مع تصميم أكبر لديهما بإجراء تعديل دستوري كبير أو الذهاب إلى استفتاءات لتغيير بنية المحكمة الدستورية، ومنع تفرد المدعي العام في طلب إغلاق الأحزاب السياسية والعودة إلى السماح للحجاب في الجامعات وما إلى ذلك.
والهدف الأساسي الآن للتيار الإسلامي هو منع انهيار ما بنوه وحققوه من إنجازات خلال السنوات القليلة الماضية والمضي أكثر في محاصرة القوى المتشددة داخل النظام. وليس أمام التيار الإسلامي سوى خيار الانتخابات المبكرة، بعدما بدا أن سياسة التهدئة وعدم التحدي التي اتبعها أردوغان منذ طلب المدعي العام حظر الحزب في منتصف شباط الماضي لم توصل إلى أي نتيجة ايجابية، وقد يكونون قد أضاعوا وقتا لعمل شيء ما يصعّب مهمة خصومهم. الأمة مقابل «الدولة» مرة أخرى في منازلة لم تستطع الأمة منذ عام 1960 أن تنتصر فيها.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...