تركيا: السيناريو القادم وأبرز التوقعات

05-07-2008

تركيا: السيناريو القادم وأبرز التوقعات

الجمل: دخل الصراع التركي – التركي بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وخصومه العلمانيين مرحلة الحسم النهائي ومن المتوقع خلال الأسابيع القادمة أن تصدر المحكمة الدستورية التركية العليا حكمها حول القضية المطروحة أمامها.
* التوقعات حول قرار المحكمة:
بدأت المحكمة الدستورية النظر في القضية التي رفعها المدعي العام ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم و70 من زعمائه، وتقول المعلومات الآتي:
• تكوين المحكمة: تتكون المحكمة الدستورية من أحد عشر قاضياً، منهم 7 يعتبرون من ألد الخصوم لحزب العدالة والتنمية بسبب نزعاتهم العلمانية – الأتاتوركية المتطرفة، وتقول التسريبات بأن الرئيس السابق نجدت سيزر هو الذي قام بتعيين خصوم حزب العدالة والتنمية وذلك بعد أن أيقن أن صعود الإسلاميين أصبح مسألة وقت وتجدر الإشارة إلى أن سيزر قد أصدر قرارات التعيين خلال فترة نهاية ولايته وتقول المعلومات أيضاً بأن التصويت داخل هذه المحكمة حول قضية الحجاب قد كان في غير صالح حزب العدالة والتنمية بنسبة 7 إلى 4، ولما كان قرار الحجاب قد تمت الموافقة عليه بواسطة البرلمان التركي فإن قرار المحكمة قد نظر إليه المراقبون باعتباره قراراً جزئياً لأنه يجعل للمحكمة الدستورية العليا مكانة ووزناً أكبر من وزن ومكانة البرلمان الذي يمثل السلطة التشريعية التي تقوم بسن القوانين.
• هل تنجح المحكمة في إسقاط الحكومة بالانقلاب القضائي؟ ومن الواضح أن قرار المحكمة المتعلق بالحجاب كان في الجانب المعلن يهدف إلى التأكيد على التزام المحكمة بالعلمانية وحمايتها ولكنه في الجانب غير المعلن كان قراراً يهدف إلى جملة من الجوانب والأبعاد غير المعلنة منها:
* اختبار وفحص ردود أفعال حزب العدالة والتنمية الحاكم.
* اختبار وفحص ردود أفعال الرأي العام التركي.
* تمهيد المسرح التركي للجولة الحاسمة في الصراع مع حزب العدالة والتنمية.
* تهيئة الرأي العام التركي لاحتمالات أن تصدر المحكمة قراراً بحظر الحزب.
* فرض الأمر الواقع القائم على ترسيخ مبدأ أن المحكمة الدستورية العليا التركية لديها صلاحيات تتجاوز السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ومؤسسة الرئاسة التركية.
* الأزمة الراهنة والخارطة السياسية التركية:
نشر المحلل السياسي نيكولاس بيرش تحليلاً على موقع أوراميا – نت الإلكتروني حمل عنوان «تركيا: اعتقالات، وقضية المحكمة تكشف أن تركيا في حالة استقطاب خطير جداً» وأشار التحليل إلى النقاط الآتية:
• وصلت التوترات بين المؤسسة العلمانية التركية والحكومة التركية ذات التوجه الديني الشعبي والمسنود بواسطة الرأي العام التركي مرحلة شديدة السخونة.
• تسيطر على المجتمع التركي في هذه الأيام حالة استقطاب غير مسبوقة.
• بدأت المحكمة الدستورية العليا التركية في الأول من تموز 2008م السماح لإفادات الإدعاء في قضية حزب العدالة والتنمية.
• قبل بدء المحكمة الدستورية بالاستماع إلى اتهامات الإدعاء بحوالي ساعة قامت حكومة حزب العدالة والتنمية بتنفيذ واحدة من أكبر حملات الاعتقال ضد أكثر من عشرين شخصاً من العسكريين السابقين والعلمانيين المتطرفين بتهمة التخطيط لتنفيذ محاولة انقلاب عسكري ضد الحكومة.
• كشف الإعلام التركي عن أن مجموعة تحمل اسم "إيرغينيكوين" باعتباره المسؤول عن مخطط محاولة الانقلاب العسكري.
• كشفت التحريات الأولية عن وجود محاولتي انقلاب ضد حزب العدالة والتنمية كان محدداً لهما التنفيذ خلال عام 2004م الماضي ولكن تم تأجيلهما وتقول التسريبات بأن تكتيك الانقلابيين كان يحاول التركيز على إثارة أزمة الملف القبرصي كذريعة للانقلاب وتفادي إثارة الأسباب الحقيقية المتمثلة في رفض توجهات حزب العدالة والتنمية الإسلامية والهدف منها استمالة الرأي العام التركي عن طريق الأزمة القبرصية وتفادي الدخول في أي مواجهة بشأن المسائل والتوجهات الإسلامية.
• اللافت للنظر كان بيان رئاسة هيئة الأركان التركية الصادر يوم 27 أيار 2008م المنصرم والذي نفت فيه علم الجيش بأي معلومات تتعلق بمزاعم الحكومة حول محاولات الانقلاب التي خطط لها بعض الجنرالات المتقاعدين بالتعاون مع بعض السياسيين العلمانيين الأتراك.
* السيناريو القادم: أبرز التوقعات:
تقول التحليلات بوجود ثلاثة سيناريوهات أساسية لما يمكن أن يكون عليه قرار المحكمة العليا:
• سيناريو صدور الحكم بحظر حزب العدالة والتنمية وحظر نشاط 70 من قادته.
• سيناريو صدور حكم جزئي يتضمن من جهة براءة الحزب وتحميل المسؤولية لقادته بما يؤدي إلى استمرار الحزب وحظر قادته فقط عن العمل السياسي، ومن الجهة الأخرى إدانة الحزب وتوقيع عقوبات عليه تتضمن الغرامة المالية أو إخضاعه للفحص والتدقيق أو حظر قادته أو تجميد بعض أقسامه.
• سيناريو صدور الحكم ببراءة الحزب وهو السيناريو الأضعف حسب ما تقول التوقعات والتحليلات وإن كان غير مستبعد الحدوث.
برغم تعدد السيناريوهات فإن السيناريو الذي يتوقعه عدد كبير من المحللين والمراقبين بما في ذلك الأتراك أيضاً هو أن تصدر المحكمة الدستورية قراراً يقضي بإدانة الحزب وحظره هائياً أو لفترة زمنية محددة إضافةً إلى حظر قادته لفترة خمسة سنوات.
* ما المتوقع بعد صدور قرار الإدانة المحتمل؟
من الواضح أن أطراف النزاع التركي – التركي هي:
• حزب العدالة والتنمية الذي يستند على:
* الرأي العام التركي المساند له.
* السلطة التشريعية التي يسيطر على برلمانها.
* السلطة التنفيذية التي يسيطر فيها على مجلس الوزراء.
* مؤسسة الرئاسة التركية.
* تأييد دول الجوار الإقليمي لسياسات حزب العدالة والتنمية وبالذات سوريا وإيران.
• حزب الشعب الجمهوري التركي الذي يستند على:
* تأييد المحكمة الدستورية العليا لتوجهاته السياسية.
* مساندة جنرالات المؤسسة العسكرية وعلى وجه الخصوص هيئة الأركان والأجهزة الأمنية.
* تأييد أحزاب المعارضة العلمانية التي تمثل أقليات صغيرة داخل البرلمان.
من المعروف أن حزب الشعب الجمهوري التركي لن يستطيع الحصول على أغلبية برلمانية في حال الدعوة إلى انتخابات مبكرة إضافةً إلى أن غضب الرأي العام التركي سيكون محفزاً يدفع الأتراك للتصويت إلى الحركات والقوى ذات التوجهات الإسلامية، والتي بلا شك إن وجدت فرصة الصعود إلى السلطة فسوف تبدأ باستهداف المؤسسات الدستورية مثل هيئة الإدعاء العام والمحكمة الدستورية.
وعلى ما يبدو فإن سيناريو التصعيد بين حزب الشعب العلماني المعارض وحلفاءه وحزب العادلة والتنمية الإسلامي الحاكم وحلفاءه يهدف إلى توسيع دائرة المواجهة في أوساط الرأي العام التركي وإثارة غضب الشارع التركي، وعلى خلفية عدم تمتع حزب الشعب الجمهوري بالتأييد والسند الشعبي فإن "فراغ السلطة" الذي قد يحدث من جراء إدانة وحظر حزب العدالة سيدفع بالمؤسسة العسكرية إلى استخدام نظرية "دواعي الأمن والتقدم لملء الفراغ" عن طريق تكوين حكومة عسكرية ضمن شعارات معلنة تقول بأنها حكومة انتقالية تهدف إلى الإشراف على إدارة تركيا لفترة مؤقتة ريثما تستقر الأمور ويتم إجراء انتخابات، وغايات غير معلنة تهدف إلى إعادة ترتيب وتنظيم الهياكل المؤسسية والسياسية التركية بما يضمن الآتي:
• عدم ظهور أو صعود أي قوى إسلامية إلى السلطة في أنقرة.
• إكمال المهمة التي بدأتها بالوسائل غير العسكرية المحكمة الدستورية التركية وهيئة الإدعاء العام، وذلك باللجوء إلى استخدام الوسائل العسكرية والأمنية في تصفية حزب العدالة والتنمية وحلفاءه.
• إعادة تركيا إلى مسارها القديم وعلى وجه الخصوص إحياء تقاليد مبدأ الرئيس التركي السابق تورغت أوزال وسليمان ديميريل وغيرهم، لجهة إعادة إنتاج دور تركيا الوظيفي العسكري – الأمني كقاعدة ومنصة تمركز وانطلاق للمشروعات الأمريكية في منطقتي الشرق الأوسط والشرق الأدنى والقفقاس والقوقاز وآسيا الوسطى.
وتشير التوقعات إلى جود مخطط إسرائيلي – أمريكي يهدف إلى استخدام تركيا وتوظيفها في المنطقة لكي تقوم بدور "شرطي المتوسط" تماماً على غرار دور "شرطي الخليج" الذي كانت تلعبه إيران خلال فترة نظام الشاه محمد رضا بهلوي.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...