تائهون في زحام دمشق

28-01-2008

تائهون في زحام دمشق

(س) من الناس درس الجامعة في دمشق خلال الثمانينيات من الالفية الماضية، وتابع حياته بعيداً في بلد عربي، إذ حصل على الفيزا، يتذكر من دمشق حصوله على الاجازة الجامعية، وكيف كان يعربش على باب باص النقل الداخلي، زار دمشق مؤخراً شاهد مايشبه الباص الذي كان يعربش عليه، امعن في بضعة مواطنين معربشين في الباب، قال: ارتعد حنيني الى ثمانينيات الالفية الماضية، ولكن لم تدخل دمشق بعد الالفية الحالية..!

اذاً، أيصلح السؤال للحكومة ووزارة النقل ومحافظة دمشق وادارة المرور وشركة النقل الداخلي وفق الصيغة التالية: مادمنا لاننتمي الى القرون الوسطى، فهل انماط واشكال النقل والمرور في دمشق تنتمي الى هذه الالفية؟! 
 علي طالب جامعة، « فقعان» من التنقل، قال: اعتقد ان انتمائي الى هذا الكون قائم على احساس واحد، هو الانتظار؟ أتاه السؤال: وماذا تنتظر؟ قال: ساعة الذروة المرورية كي اكتشف سذاجتي وتهميشي واهمالي وضياعي وسط الزحام، لانني انتظر (سرفيس او باص او تاكسي) كي اذهب الى الجامعة أو أعود منها بخفي انتظار!! ‏

زميله يدرس المعلوماتية: قال: أغوص يومياً في التأهيل المعلوماتي وانا قادم من قطرميز مكدوس.!! كان لابد من استيضاح ماذا يعني بقطرميز المكدوس، فأوضح: احدى وسائط التنكيل الجماعي بالركاب!! ‏

ونجد في نص الخطة الخمسية العاشرة على الصعيد الاستراتيجي للتخطيط النقلي والمروري الخاص في دمشق( باصات نقل داخلي وميترو، وقطار السكة المحمول على اعمدة..) ‏

وسنكشف كيف ان بعض هذه التخطيطات تخلخلت..؟ وبينما تقضي التوجيهات العليا بتحسين ظروف المرور والنقل العام تزداد حرارة السؤال ماذا تنتظر دمشق نقلياً ومرورياً؟! ‏

- لم تختلف تصريحات الرسميين في وزارة النقل ومحافظة دمشق وادارة المرور للصحافة المحلية وخلال الندوات حول ازمة النقل والمرور في دمشق كثيراً منذ سنوات عدة، وهي تتفق على المحاور التالية: زحام الناس والسيارات المتركز في دمشق وحيث فيها ثلث السوريين وثلث وسائل النقل السورية، وزيادة الكثافة السكانية وعدم مواكبتها الزمنية للمخططات التنظيمية الموضوعة مسبقاً، وعجز وسائط النقل الجماعي عن تلبية حاجات السكان، ونقص في المشاريع الطرقية، اضافة الى تركز الاسواق والفعاليات التجارية والحكومية في مركز المدينة وغياب المرائب، والنقص في المساحات الخالية.. وانه لابد من بناء نظام نقل جماعي بالمواصفات القياسية للنقل الجماعي الموجود في دول العالم، ولا يوجد حل سحري لمشكلة النقل والمرور. ‏

د. المهندس راجح سريع، معاون وزير النقل لشؤون النقل البري، يقول: ‏

في مدينة كدمشق لايمكن الاعتماد على الباصات والميكروباصات كحل للنقل العام، فلا بد من انماط اخرى كالميترو والقطارات الخفيفة للضواحي... وغاب طويلاً الربط بين متطلبات النقل والمرور والمخططات التنظيمية التي لم تراع الطلب على النقل، وحتى في بعض الاحياء حديثة التنظيم بدأت تظهر فيها الاختناقات المرورية كمشروع دمر، اذ تمت في المشروع اضافة مجموعة ضواحي تقارب المساحات الاساسية لحجم المشروع وبقي الشارع الرئيسي ذاته، كذلك الحال في ضاحية قدسيا فالشارع الرئيسي لايستوعب النقل والمرور جيداً.. ‏

- جاء في نص الخطة الخمسية العاشرة ضمن قطاع النقل انه سيتم حتى عام 2015 انجاز عملية التحديث والتطوير عبر ايجاد منظومات نقل جماعية متطورة ومتكاملة داخل المدن السورية الرئيسية تؤمن سرعة وراحة وأمان التنقلات، ونظافة البيئة، وتزيل الاختناقات المرورية باستخدام كافة الانماط التقليدية والحديثة( الباصات ـ قطارات السكة الحديدية السطحي والمرتفع وفي الانفاق) مع تشجيع مشاركة القطاع الخاص بكافة الامكانيات( شركات استثمارية ـ مشاريعbot ـ شركات مشتركة). ‏

وجاء في المرامي الكمية انه ستتم زيادة الطاقة النقلية لشركات النقل الداخلي من/650 باصاً عاملاً الى/2000/ باص، وانهاء الدراسات المتعلقة بمشروع مترو دمشق والبدء بالتنفيذ، وتنفيذ الخط الاول لمشروع المونوريل( قطار السكة المحمول على اعمدة) في مدينة دمشق بطول/ 5،9/كم. ‏

حول الوضع النقلي والمروري في دمشق اعتبر معاون وزير النقل لشؤون النقل البري انه تتم متابعة الاجراءات التنفيذية لاستيراد 600 باص نقل داخلي من الصين، بعدما تم فتح الاعتماد لعقد التوريد، وسيبدأ توريد الباصات على دفعات هذا العام لتشغيلها في دمشق وبعض المدن الاخرى، كذلك فوزارة النقل بصدد الاعلان عن تأمين الف باص جديد. 
 - يوضح معاون وزير النقل لشؤون النقل البري ان وزارة النقل تشارك في اللجنة العليا المعنية بميترو دمشق، وتقوم شركة فرنسية بدراسة اولية للميترو، لما يسمى الخط الاخضر، وستعقبها دراسة تنفيذية،ثم الاعلان عن التنفيذ، والجهة صاحبة المشروع هي محافظة دمشق، وسيكون من المعضمية الى كراج البولمان في القابون مروراً بمركز المدينة.. وانه لايمكن الحديث عن الميترو دون الحديث عن الاشكال الاخرى المكملة( خطوط باصات لشبكة الميترو، ونمط نقل ضواحي اكثر حداثة من الميكروباصات الحالية( قطارات خفيفة ـ ترام..) واتصور أنه يمكن ان تكون خطوط المؤسسة العامة للخط الحجازي هي المرجح استعمالها للترامواي..؟ ‏

وسبق للدكتور موسى الشعار، مستشار وزير النقل، ومعاون وزير النقل السابق، ان شرح لتشرين عن الميترو وانه خلال 1984 تمت متابعة تنفيذ عقد الدراسة الاولية لميترو دمشق وفق عقد بين وزارة النقل واحدى شركات الاتحاد السوفييتي سابقاً، وتحددت يومها خطوط الميترو بطول 43كم و45محطة..، ولكن يومها توقفت الجهود ولم تتم المباشرة بتنفيذ ولاخط منه..؟! ‏

وحالياً وبعد حوالي ربع قرن نجد ان الامور في مرحلة الدراسة الاولية لخط واحد للميترو بمنحة من بنك الاستثمار الاوروبي تبلغ 5،2 مليون يورو..؟ ‏

- ورد الحديث في نص الخطة الخمسية العاشرة عن تنفيذ الخط الاول لمشروع المونوريل في مدينة دمشق بطول/5،9/ كم، وهو من وسائل النقل الجماعي نظير للميترو، يتمثل بقطار السكة الواحدة المحمول على اعمدة، وبدلاً من الحفر تحت الارض كما يتطلبه الميترو فيمكن في المنوريل بناء اعمدة مسبقة الصنع فوق الارض، ويتم تركيب خط جانب الشارع المحدد لمساره، ولكن هاهو د. سريع، معاون وزير النقل لشؤون النقل البري، يقول المونوريل حالياً متوقف ولا املك اية معلومات عن هذا المشروع، وكوجهة نظر شخصية فإن المنوريل هو نمط نقل جيد وتكاليف انشائه الاولية اقل من الميترو، ولكن لم يلق عالمياً الانتشار الواسع، وهو من الانماط المطروحة في دمشق وحدثت في فترة ما حماسة للماليزيين من اجل تنفيذه.. ‏

وتفيد المعلومات التي توفرت لتشرين عن مونوريل دمشق، بأنه كان يفترض تدشين العمود الاول منه في حزيران 2006، على ان يكون المسار على خط الدوار الجنوبي من مشفى المواساة، واعدت شركة ماليزية الدراسة التنفيذية الكاملة للخط، وحدث لاحقاً خلاف مع الجانب الماليزي حول المشروع، اذ اصر الجانب السوري على أن يكون وفق صيغة bot (لإعطاء المشروع لمستثمر يتكفل بإنجازه كاملاً ويستمثره ويشغله لسنوات محددة مع اعطاء حصة ارباح للدولة ويصبح المشروع لاحقاً ملكا للدولة)..،بينما الجانب الماليزي اقترح صيغة قرض ميسر ويتكفل الجانب السوري بالاعمال الانشائية له، فتعثر المشروع بعد ذلك؟! ‏

- يوجد رأي للهيئة العامة لشؤون البيئة ورد في مذكرة لها موجهة لتشرين ومما جاء فيها( يجب العمل على تطوير نظم المرور بما يؤمن انسيابية المرور ويجنب الاختناقات، والسعي لتخفيض الطلب على النقل وتعديل ذرواته والعمل على احلال منظومة النقل العام مكان الانظمة الفردية الحالية، وتطوير شبكة الجسور والانفاق داخل المدن بالشكل الذي يؤمن انسيابية المرور، وحل مشكلة السيارات المتوقفة على جوانب الطرقات من خلال تخصيص مرائب للسيارات في الاحياء المختلفة وفي مراكز الانطلاق، وترتيب وتنظيم حركة المشاة والعمل على فصلها عن حركة السيارات، والعمل على تأسيس الحكومة الالكترونية لمالها من دور في تخفيف الطلب على وسائل النقل وبالتالي التقليل من التلوث..) ‏ وتوقع معاون وزير النقل لشؤون النقل البري بأنه مع انتهاء العقد المرورية في دمشق ومع انشاء محاوركاملة تقع عليها الحلول المرورية، سيتحسن الوضع المروري ‏

وريثما تتحقق تطبيقات الحلول المقترحة لأزمة النقل والمرور في دمشق فإن تأخير كل يوم يعني هدراً كبيراً لوقت قاطني دمشق وزوارها مع ما يترافق ذلك من هدر مادي كبير، ومن ابسط حقوق الناس الذين ينتمون الى زمن الالفية الانخراط بمنظومة نقل جماعي من هذه الالفية ايضاً.. ‏

ويظل برسم الاداء الحكومي تجاه ازمة النقل والمرور في العاصمة مقولة عجوز مقرفص في الميكروباص بسبب الزحام: أنا مقرفص فأنا أشعربالذل الذي لم تكتشفه الحكومة بعد؟! ‏

ظافر أحمد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...