بـاراك يفقد ثقة حزبـه

01-04-2008

بـاراك يفقد ثقة حزبـه

احتلت الخلافات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت ووزير دفاعه إيهود باراك، والخلافات داخل حزب العمل، عناوين الصحف في الأيام الأخيرة. إذ يبدو أن تراجع باراك عن تعهداته أثناء الحملة الانتخابية لزعامة حزب العمل بالخروج من الحكومة إذا بقي ايهود أولمرت رئيسا لها بعد تقرير فينوغراد، ليس نهائيا. فقد أبلغ عائلات الجنود الإسرائيليين الذين لقوا مصرعهم في حرب لبنان الثانية بانه لا يزال عند قناعته بوجوب تقديم أولمرت لاستقالته. وقد خلق موقف باراك هذا ارتباكا كبيرا في حزب العمل تجلى في كلام حليفه بنيامين بن أليعزر عن أنه «إذا كان باراك يريد الانتحار.. فسيذهب الى حتفه وحيدا».
وعقد حزب العمل يوم أمس جلسة خاصة لبحث الارتباك الذي سببته الخلافات في صفوفه ومن أجل تحديد موقف نهائي من الائتلاف الحكومي. وكان باراك قد تعهد في الانتخابات لزعامة الحزب بالانسحاب من الحكومة إذا لم يقدم أولمرت استقالته من رئاستها فور تقديم تقرير فينينوغراد النهائي. لكن بعد تقديم التقرير، عاد باراك للقول بان حزبه لاعتبارات مختلفة ليس بصدد الخروج من الحكومة.
وخلال الاجتماع، دار جدال عاصف بين قادة الحزب. وحمل زعيم الحزب السابق عمير بيرتس على باراك قائلا له «انت منقطع عن الواقع. ولديك هوس بأن تكون رئيس حكومة، ولكنك لا تملك برنامج. ما هو برنامجك الاقتصادي؟ ما هو برنامجك الاجتماعي؟ ما هو برنامجك السياسي؟».
وكان باراك قد استهل الجلسة بالدعوة للوحدة وتنظيم الحزب لخوض الانتخابات، ومن أجل إعداد 8 آلاف مندوب يكونون جاهزين للحظة الانتخابات. ولكن بدا ان الكثير من قادة الحزب كانوا في واد آخر ولم يتجاوبوا مع نوايا باراك.
ونظرا للضعف الذي وجد باراك نفسه فيه داخل حزب تريد غالبية قيادته البقاء في الحكومة، اضطر للإعلان عن أنه لا ينوي الانسحاب فورا من الحكومة، لكن لا ينبغي للحزب أن يبقى أسيرا لأولمرت. ورأى الكثير من المراقبين أن باراك يحاول، من دون نجاح كبير، تقديم نفسه كزعيم يريد أن يحدد الخطوط الفاصلة بينه وبين أولمرت. ويشير هؤلاء إلى أن أساس المشكلة يكمن في تنافس الرجلين، وبالتالي الحزبين، على زعامة ما يسمى «معسكر الوسط ـ يسار» في إسرائيل. لكن ثمة من يعتقدون أن الصراع يعود كذلك إلى سعي الرجلين كل من ناحيته لكسب موطئ قدم في أرضية الحزب الآخر.
وخلافا للصورة التي يحاول أولمرت رسمها لحكومته، والتي تشير الى استقرار وثقة بالنفس، يقدر باراك علنا ان الحكومة الحالية ستنهي مهامها في غضون بضعة اشهر. ويؤمن باراك ان الانتخابات العامة ستجري في الغالب خلال العام .2008 وفي هذا اللقاء، توافق باراك مع ممثلي العائلات الثكلى على انه في ضوء الاستنتاجات الخطيرة للجنة فينوغراد كان ينبغي لاولمرت ان يستقيل من منصبه. وكان والد أحد الجنود قد قال عن تقرير فينوغراد ان «باراك أبلغنا: هذا تقرير شديد كان ينبغي لاولمرت في اعقابه ان يستقيل مثلما استقال (رئيس الاركان السابق دان) حالوتس ومن بعده (وزير الدفاع السابق عمير) بيرتس». وأشار هذا الوالد إلى أن باراك قال إنه لم يخرج من الحكومة حتى الآن «لاعتبارات خافية عن العيان».
ومن الجلي أن موقف باراك هذا والذي يضع علامات استفهام على استمرار حزب العمل في الائتلاف الحكومي، خلق ردود فعل عاصفة في حزب العمل. وتجلت هذه الردود أولا في ما كشفت عنه محادثة جرت بين بن أليعزر وشالوم سمحون المقربين من باراك أثناء اجتماع احتفالي للحكومة. وفي هذا الحديث الذي نقله ميكروفون للصحافيين وسجلوه انتقد، بن أليعزر بشدة باراك. وقال «اذا كان (باراك) يريد أن ينهض وينتحر، فلينهض وينتحر.. اسمع، اقول لك كصديق، لم اقل له هذا. اعتقد ان ايهود (باراك) مذنب في ذلك. ايهود (اولمرت) يجلس معه، يأكلان، يشربان، يخيل لي لثلاث ساعات... يخرج ويبدأ الجنون، هذه قصة حقيقية».
ويرى معلقون إسرائيليون أنه إذا كان هذا موقف بن أليعزر وهو المقرب جدا من باراك، فإن وضع زعيم الحزب بالغ الحرج. وقد ذهلوا في مكتب باراك لسماع أقوال بن أليعزر، لكن العديد من الوزراء والسياسيين سمعوا مؤخرا بن اليعزر يهاجم بحدة سلوك باراك، والجو المحيط به والطريقة المختلة التي يعمل بها مع رئيس الوزراء.
وكتبت مراسلة الشؤون الحزبية في «معاريف» مايا بنجل تحت عنوان «الميكروفون المفتوح الذي هز العمل»، ان «باراك في مشكلة مرة اخرى. مع ان السنة هي ,2008 لكن في حزب الله يبدو أن التاريخ يكرر نفسه. مثلما في حينه، في العام ,2000 السنة التي كان فيها زعيم حزب العمل ورئيس الوزراء باراك منقطعا ومنبوذا في حزبه، هكذا هي الحال اليوم. معظم اعضاء الكتلة، بل والوزراء الذين وقفوا الى يمينه بحماسة قبل سنة فقط، يفقدون الثقة به».
وأشارت الصحيفة إلى أن اقوال بن اليعزر أثارت عاصفة في كتلة حزب العمل في الكنيست، لكن بعض قادة الحزب قالوا انه «واضح الآن أن باراك لم يتغير.. هو يفقد الارتفاع ونحن في تحطم». وأضافت ان في الحزب من يشتبهون في أن تجاهل باراك معالجة المشاكل الداخلية يشكل تلميحا لما سيأتي «فهو يعتزم حل الحزب وخوض الانتخابات في رئاسة كديما»، كما قال مسؤول كبير في الكتلة. وأضاف «يبدو أنه عاد ليس ليرمم بل ليفكك».
وبين أبرز التعليقات يوم أمس ما أدلى به وزير الدولة عن حزب العمل عامي إيالون حول ان «باراك هو فعلا رئيس الحزب لكنه ليس الحزب نفسه». وقال في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه ليس من حق باراك أن يقرر وحده الخروج من الحكومة.
وفي كل حال، هناك من يرى أن المواقف التي أعرب عنها بن أليعزر إزاء باراك تدل على خلاف بينه وبين وزير الدفاع حول ضمان موقع الرجل الثاني له في قائمة الحزب للانتخابات العامة. ومعلوم ان الصراع محتدم داخل حزب العمل بين المعسكرات وخصوصا بين باراك والمعسكر الذي يقوده بيرتس. ومن المقرر ان تصمت المدافع في حزب العمل إلى ما بعد انتهاء إجازة قصيرة للكنيست تتجدد بعدها الخلافات والصراعات داخل الحكومة وأحزابها.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...