العراق أرض خصبة للعبة الحرب بين الأطفال

15-09-2011

العراق أرض خصبة للعبة الحرب بين الأطفال

حروب وحصار وطغيان واحتلال كلها عبرت أرضاً واحدة، بلاد الرافدين، فأنهكت شعبها وأهلها الذين اعتادت آذانهم سماع دوي الانفجارات، وبات مشهد الجثث روتيناً يتكرر أمام أعينهم. لكن ماذا بشأن الطفولة المتأرجحة بين الرصاص لو وجدت...
أطفال العراق نشأوا على ثقافة الحرب واعتادوا على لعبة القتال في حين ينشغل أترابهم الغربيون باللعب بالكرة أو بالرقص والغناء أو القراءة. فلعبة الطفل العراقي المفضلة هي الحرب التي احترف خوضها بالأسلحة البلاستيكية وهو يردد وأصدقاؤه في الأزقة الضيقة لمدينة الصدر في بغداد «نفدت الذخيرة»، «إحمي ظهري»، «المنطقة آمنة».
وغالباً ما تُسمع هذه الصرخات أيام العيد بشكل خاص، حيث تتحول الأزقة إلى ساحة لتقليد الاشتباكات المسلحة، التي ما برحت تشهدها المدينة. فلا شيء يعلو على صراخ الأطفال المتحاربين، الذين ينقسمون في لعبتهم إلى فريقين، يتقدم كل منهما قائد ومساعده.
وقد شهدت الأسواق العراقية بعد عام 2003 دخول الكثير من الأسلحة البلاستيكية المستوردة التي تختلف وتتنوّع أحجامها وأشكالها، والتي تشبه إلى حد كبير الأسلحة المستخدمة من قبل القوات الأمنية. وتعمل هذه الرشاشات بعد ان يتم حشو مخزنها بكرات بلاستيكية صلبة وصغيرة الحجم. ويمكن لهذه الأسلحة البلاستيكية أن تطلق الكرات لمسافة ستة أمتار تقريباً، مما يجعل لها القدرة على إصابة العين بدقة.
وقال الطفل عباس جواد الذي يعزو سبب شرائه الأسلحة البلاستيكية للمشاركة في لعبة «الشرطة والعصابات» كما أسماها «أشعر بفرح غامر عندما ألعب مع أصدقائي بهذه الأسلحة». وبينما كان عباس (12 عاماً) يختبئ خلف ناصية زقاق في مدينة الصدر لنصب «فخ» لعدوه، أضاف «من السهل أن أشتري كل ما أريد من أنواع الأسلحة في العيد خاصة بعد حصولي على مبلغ العيدية من أهلي وأقاربي».
لذلك تزداد مخاوف ليلى ستار جبار (37 عاماً) وهي أم لطفلين مع حلول العيد مشيرة إلى ضرورة تدخل الجهات المعنية لوضع الضوابط اللازمة لاستيراد مثل هذه الأسلحة، داعية في الوقت ذاته إلى الاهتمام ببناء المرافق الترفيهية من الحدائق والمتنزهات وفتح الدورات التعليمية والرياضية لـ«تغني الأطفال عن اللهو بهذه الألعاب الخطرة».
من جانبه كشف المعاون الإداري لمستشفى ابن الهيثم المتخصص بمعالجة العيون في بغداد حسين حمود إبراهيم، عن أن المستشفى استقبل خلال أيام العيد الماضي فقط أكثر من 40 طفلاً بإصابات في العين نتيجة اللعب بالأسلحة البلاستيكية. ويقول إبراهيم إن إصابة العين بهذه الكرات الصلبة غالباً ما «تتسبب بإصابات بليغة مثل تلف الشبكية والقزحية أو فقدان البصر في أغلب الأحيان».
العنف وعسكرة المجتمع العراقي أثارا رغبة الصغار بتقليد الكبار ويفسر أستاذ علم الاجتماع في الجامعة المستنصرية في بغداد الدكتور عبد الكريم خلف جعو سبب ميول الأطفال إلى تفضيل اللهو بالألعاب العنيفة إلى جملة من أسباب «أبرزها اهتمام الأنظمة السياسية التي حكمت العراق بتطوير ترسانتها العسكرية وقواتها الأمنية بدلاً من تنمية قدرات الطفل البدنية والفكرية».
ويُذكَر أن مجلس محافظة بغداد كان قد أصدر في تشرين الثاني من العام الماضي قراراً يقضي بمنع استيراد أو بيع ألعاب الأطفال من الأسلحة البلاستيكية التي تقذف الكرات الصلبة، إلا أن القرار لم يبصر النور على أرض الواقع وبقي حبراً على ورق.


(عن «دويتشي فيليه»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...