الاستخبارات الإسرائيلية: سوريا جدية في سعيها للسلام

24-10-2008

الاستخبارات الإسرائيلية: سوريا جدية في سعيها للسلام

تتعاظم التقديرات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حول جدية السعي السوري للتوصل إلى سلام مع إسرائيل، حيث من المتوقع أن تشكل هذه النقطة جزءا مركزيا من التقدير الاستخباراتي السنوي الإسرائيلي، فيما اعتبر رئيس مركز الأبحاث السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية نمرود بركان أن الرئيس بشار الأسد يمكن أن يفاجئ إسرائيل سلميا.
وكتب المراسل العسكري لصحيفة »معاريف« عمير ربابورات أن التقدير الاستخباراتي السنوي سيتحدث عن تعاظم التقدير حول جدية السوريين في نيات التوصل الى سلام في ظل الادارة الأميركية المقبلة، والحكومة الإسرائيلية الجديدة. وأشار إلى أن السؤال الذي يشغل بال أجهزة الأمن في إسرائيل منذ سنوات هو: هل السوريون جادون في تصريحاتهم السلمية أم أنهم يطلقونها فقط من أجل تحسين مكانتهم الدولية؟.
وأضاف ان مدرسة رئيس الموساد مئير داغان كانت تقول انه ليس لدى السوريين نية حقيقية للتوصل الى اتفاق سلام. لكن شعبة الاستخبارات العسكرية تعتقد خلاف ذلك. وفي داخل الشعبة نفسها، حصلت طوال فترة طويلة خلافات في الرأي بين المحافل المختلفة، وعلى رأسها رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العميد يوسي بايدتس، ممن يعتقدون أن السوريين معنيون بالتأكيد بالتوصل الى سلام حقيقي مع اسرائيل، وبين المحافل الاخرى الاكثر قربا في موقفها من التوقع المتشائم لداغان.
وأشار ربابورات إلى أن رئيس شعبة الاستخبارات نفسه، اللواء عاموس يدلين، اعرب عن نهج اكثر تشككاً بشأن صدق تصريحات السوريين في نيتهم التوصل الى سلام. لكن يتبين انه مع حلول العام ،٢٠٠٩ يتعزز النهج في شعبة الاستخبارات، وهي الهيئة التي تعد التقدير الوطني، القائل بالفعل إن هناك احتمالا لسلام حقيقي مع سوريا.
وبحسب النهج السائد الآن، فإن السوريين مستعدون للتوقيع على اتفاق سلام لكنهم يديرون المفاوضات من دون ضغط الزمن، ومن المعقول الا يوافقوا على اتفاق اذا لم يضمن لهم العودة الى الخطوط التي كانوا عليها قبل اندلاع حرب الايام الستة واذا لم يضمن لهم »مظلة اميركية« للاتفاق، بحيث يتضمن ايضا مساعدة اقتصادية سخية، على شكل المساعدة التي تتلقاها مصر منذ توقيعها على اتفاقية السلام مع اسرائيل. وثمة من يعتقد في الجيش الاسرائيلي الآن ان السوريين يعتزمون فتح »صفحة جديدة« مع الادارة التي ستنشأ في الولايات المتحدة، بمعزل عن هوية الفائز، وهم يتوقعون ايضا ان يروا ما اذا كانت تسيبي ليفني ستشكل حكومة مستقرة في اسرائيل.
وتابع ربابورات انه يتبين من آخر التقديرات ان السوريين، وفقاً لطريقتهم، قطفوا منذ الآن العديد من الثمار لمجرد جعل المفاوضات مع اسرائيل علنية، ذلك لأنها ازالت المقاطعة الدولية عنهم. وكان السوريون مستعدين لدفع الثمن بتجميد علاقاتهم مع ايران، اذا ما طرح على جدول الاعمال اتفاق سلام يرضيهم. وهم يرون أنهم يتأثرون ايضا بالمواضيع الداخلية، وعلى رأسها التخوف الكبير من ازمة اقتصادية خطيرة من شأنها ان تتطور في غضون سنوات عقب التراجع الكبير في احتياطات النفط في الدولة، والتي تترافق ايضا مع انخفاض عالمي حاد في اسعار النفط.
مشكلة اخرى تقلق السوريين، بحسب ربابورات، هي »تعزيز محافل الارهاب المرتبطة بالجهاد العالمي والتي تعمل داخل الدولة لضرب استقرار الحكم. في هذا السياق، يتعاظم في اوساط الاستخبارات في الغرب التقدير بأن العملية القاسية التي جرت في سوريا قبل نحو ثلاثة اسابيع، نفذها ارهابيون وصلوا من العراق، وينتمون الى مجموعة اسلامية متطرفة للغاية«.
ومن جهة ثانية، يجد تقدير الاستخبارات السنوي هذا الدعم من مداولات اللقاء السنوي الاستراتيجي لوزارة الخارجية الإسرائيلية. وفي هذه المداولات، أعلن نمرود بركان موقفه القائل بأن سوريا قد تفاجئ إسرائيل كما فعل السادات وتكسر الجليد مع إسرائيل، وذلك قبل حوالى أسبوعين في اللقاء السنوي الاستراتيجي لتحديد السياسة الخارجية الإسرائيلية في العام المقبل.
وأوضح مسؤول إسرائيلي آخر أن المفاوضات التي جرت مع سوريا بوساطة تركية منذ شباط الماضي، غيرت النظرة في الخارجية الإسرائيلية. وكانت النظرة التقليدية ترى أن سوريا جزء من محور الشر وأن الاسد يمارس الألاعيب وأنه غير مستعد لدفع الثمن المطلوب من أجل السلام مع إسرائيل. وقال مسؤول في الخارجية الإسرائيلية لصحيفة »يديعوت أحرونوت« إن »هناك اليوم أصواتا أخرى في الخارجية، ترى أن سوريا مرشحة للسلام، وأقوال رئيس مركز الأبحاث تثبت ذلك«. وثمة اعتقاد أن فرصة السلام مع سوريا أكبر من فرصة السلام مع الفلسطينيين »بسبب الوضع المعقد هناك«.
وأوضحت »يديعوت« أنه ليس هناك إجماع بالضرورة حول هذه الرؤية، حيث شدد آخرون على أن أقوال بركان لا تمثل وزارة الخارجية. وأشار أحد هؤلاء لـ»يديعوت« إلى أنه »لا ريب في اهتمام الخارجية الإسرائيلية بالمسار السوري، إلى جانب السجال الجوهري عما إذا كان ينبغي منح الأسد فرصة، أو مواصلة إبداء الخشية من مجرد وجوده في محور الشر. فالسلام المقبل قد يكون مع السوريين، لكن المسافة حتى تحقيق ذلك الهدف طويلة«.
من جهتها، أشارت »معاريف« إلى أن ليفني تحفظت حتى الآن على الاتصالات مع سوريا. لكن في ضوء التوصيات التي اطلقها مسؤولون كبار في وزارتها، في ظل التغيير في الادارة في الولايات المتحدة ومع الخط الذي يقوده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، يمكن لليفني أن تتبنى التوصيات التي طرحت في المباحثات في وزارتها، لتحث المحادثات مع سوريا اذا ما نجحت في تشكيل حكومة.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...