اتجاهات التجديد والإصلاح في الفكر الإسلامي الحديث

31-01-2009

اتجاهات التجديد والإصلاح في الفكر الإسلامي الحديث

استضافت «مكتبة الإسكندرية» بين 19 و21 من الشهر الجاري مؤتمر «اتجاهات التجديد والإصلاح في الفكر الإسلامي الحديث»، بمشاركة مفكرين وباحثين من مصر والعالمين العربي والإسلامي. ولوحظ أن غالبية الحضور، على منصة المحاضرات وفي مقاعد الجمهور كانت من «المدنيين» من أعمار مختلفة، عدا معممين أزهريين اثنين، أحدهما كان معقباً على محاضرة والآخر مستمعاً. لا يعني ذلك مقاطعة بقدر ما ان الشأن الإسلامي صار في عصرنا الحاضر لصيقاً بالحياة المدنية العربية والإسلامية، في وجوهها المتنوعة، بحيث لا بد لأي معني بالشأن العام من أن يعنى بالضرورة بالفكر الإسلامي وتأثيره السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وحاول المشاركون قراءة مشروعات التجديد والإصلاح - خلال القرنين الأخيرين - بعيداً من الأدلجة أو افتعال العصرنة، وذلك في بيئات متعددة مثل مصر، الشام وبلاد الرافدين، شبه القارة الهندية، إيران، البلقان، المغرب العربي، السودان وأفريقيا جنوب الصحراء، شبه الجزيرة العربية، تركيا والقوقاز، الملايو وأندونيسيا.
وركز المؤتمر أيضاً على مسائل: المرجعية لدى رواد الإصلاح، جدال الرواد حول الإسلام والمجال العام، التجديد وإشكاليات التمدن، التجديد والحرية والمسؤولية والحاضر والمستقبل، كما عقدت جلسة ختامية أدارها مدير المكتبة رئيس المؤتمر إسماعيل سراج الدين تحت السؤال: وماذا بعد؟ وكانت لافتة في المؤتمر ثلاث أوراق، الأولى لعاصم حفني الباحث المصري الزائر في مركز دراسات الشرق الأوسط - جامعة ماربورغ - المانيا، وعنوانها «الحرية في الإسلام: الردة بين حرية العقيدة والخروج على الجماعة».
يحاول حفني إثبات «ان الإسلام لا يعارض حرية العقيدة، بل يحث عليها ويعتبرها أحد مبادئه الرئيسية، ونعني هنا بحرية العقيدة حرية الإنسان في أن يدين بأي يدين وأن يبدّل دينه أياً كان وفي أي وقت، طالما ان ذلك كان نابعاً من قناعة شخصية، وغير مرتبط بأهداف سياسية من شأنها تهديد السلام الاجتماعي. ويهدف البحث الى إثبات أن عقوبة قتل المرتد عقوبة سياسية بحتة ليست لها علاقة بحرية العقيدة، وأنها عقوبة من باب التعزير، أي أنها يمكن أن تعطّل أو تستبدل بأخرى وفق ما يراه المشرّع وبما يتناسب مع ظروف الزمان والمكان».
ويستدرك الباحث قائلاًً: «ان محاولتنا تقرير حرية العقيدة بهذا المفهوم، ونفي عقوبة الردة كحد شرعي، لا تهدف، ولا يجب أن تفهم على أنها دعوة لترك الإسلام - والعياذ بالله - كما قد يتبادر الى ذهن البعض جرّاء القراءة السريعة، فثمة بون شاسع بين تقرير أمر والدعوة اليه، فإباحة الشرع الطلاق مثلاً لا تعني دعوته اليه، كما ان منح المشرع المرأة حق الخلع لا يدل على دعوة الزوجات الى الانفصال عن أزواجهن».
الورقة الثانية لرئيس جامعة الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عنوانها «ضرورة التجديد» وجاء في مطلعها:
«التأمل الهادئ في طبيعة رسالة الإسلام - كبيان من الله للناس يتخطى حدود الزمان والمكان - يبرهن على أن قضية «التجديد» إن لم تكن هي والإسلام وجهين لعملة واحدة فإنها - بالتأكيد - إحدى مقوماته الذاتية، إذا تحققت تحقق الإسلام نظاماً فاعلاً في دنيا الناس، وإن تجمدت تجمد وانسحب من مسرح الحياة، واختُزِل في طقوس تؤدَّى في المساجد أو المقابر، وتُمارَس على استحياء في بعض المناسبات. بل يثبت التأمل أن تاريخ الإسلام - في أزهى عصوره - يشهد على علاقة وثقى لا تنفصم بين التجديد وحيوية الإسلام، وبين الجمود وانزواء الإسلام الى ركن قصي عن الحياة وعن المجتمع. ومن الغريب - حقاً - أن يظل مصطلح «التجديد» في الإسلام في عهدنا هذا، من المصطلحات المحفوفة بالمخاطر والمحاذير، بسبب الاتهامات التي تُكال جُزافاً».
أما الورقة الثالثة فللدكتور رضوان السيد (في هذه الصفحة مقاطع منها)، الذي يقرأ في مسار الاجتماع السياسي الإسلامي ان العلماء والفقهاء، على الأقل منذ عهد السلاجقة، لم يطلبوا الحكم بل طلبوا أن يسمع الحاكم أقوالهم ويستشيرهم في شؤون يرون أنهم أعلم بها وبضوابطها.

محمد علي فرحات

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...