أميركا تحارب «الصودا»: مشروب يفاقم أزمة الرعاية الصحية

06-06-2012

أميركا تحارب «الصودا»: مشروب يفاقم أزمة الرعاية الصحية

مع بدء ارتفاع معدلات البدانة في الولايات المتحدة خلال ثمانينيات القرن الماضي، تحرّكت الحكومات المتعاقبة للدفع بالاتجاه المعاكس على مستوى رقابة وجبات المطاعم والمدارس، فتقرر التخلص من الدهون غير الصحية نهائياً.
بالرغم من ذلك، تواصل «تضخم الخصر» في اميركا، مع معاناة ثلثي البالغين وثلث الأطفال من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة، ما شكّل عاملاً رئيسياً في أزمة الرعاية الصحية في البلاد، خصوصاً أن السمنة قد تؤدي إلى أمراض مزمنة ومكلفة كالسكري وأمراض القلب.
في بداية سنوات الألفية الثالثة، بدأ المسؤولون تركيز طاقتهم على هدف جديد: المشروبات الغازية. منتوج يحوي على سعيرات حرارية كثيرة ولا يتميز بأي قيمة غذائية، فيما يُعدّ المصدر الأكبر للسكر في النظام الغذائي الأميركي. وبعد دراسات متتالية، تبين أن الأشخاص الذين يتناولون «الصودا» (المشروب الغازي) أكثر من غيرهم، هم الأكثر عرضة لخطر السمنة.
ولكن في مواجهة الضغوط المكثفة من قبل صنّاع المشروبات الغازية، يبدو أن الجهود المبذولة لتنظيم هذا النوع من المشروب، بالضرائب وغيرها من الوسائل، قد تعثرت.
واقترح عمدة مدينة نيويورك مايكل بلومبرغ هذا الاسبوع تكتيكاً جديداً: منع بيع المشروبات الغازية والسكرية في المطاعم ودور السينما ومحال البقالة وأمام منافذ بيع أجهزة التلفون المحمول. خطوة جديدة زادت من حدة السجال الاميركي الداخلي بشأن البدانة وأثارت الجدل حول مدى قدرة الحكومة على الذهاب باتجاه تسيير سلوك الفرد بحجة الحفاظ على صحته، فضلا عن استفزاز هذا الاعلان صناع المشروبات الغازية (صناعة سنوية بقيمة 75 مليار دولار).
يقول المتحدث باسم «جمعية المشروبات الاميركية» كريس غيندلسبرغر إن «لدى وزارة الصحة في مدينة نيويورك هاجساً غير صحي عنوانه مهاجمة المشروبات الغازية. فاق الأمر حدّ المعقول. المدينة لن تذهب الى معالجة مشكلة السمنة من خلال مهاجمة الصودا، لأن المشروبات الغازية ليست من دفع بنسبة البدانة الى التفاقم».
لم يجد صناع «الصودا» أنفسهم وحيدين في رفض اقتراح بلومبرغ بل ساندهم «مركز حرية المستهلك» الذي شنّ حملة على عمدة نيويورك اتخذت شكل اعلانات تهكمية، فيما فضّلت مجموعة «ماك دونالد» للوجبات السريعة الردّ عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي بالقول: «نثق في أن زبائننا يدركون ان ما نقدمه هو الافضل لهم».
هكذا، يرى المسؤولون الاميركيون انفسهم امام معضلة التوفيق بين حرية المستهلك والحدّ من تبعات البدانة الاقتصادية، خصوصاً ان ترك المواطن يفعل ما يريد في هذا الشأن كلّف البلاد 192 مليار دولار تُدفع سنوياً على طبابة السمنة. ويقول المسؤول التنفيذي في «مركز العلوم والمصلحة العامة» مايكل جاكوبسون «إذا نجحت نيويورك بتنفيذ خطتها، فلا شك في ان الامر سيشجع المدن الاخرى على اتخاذ تدابير مماثلة والحد من استهلاك الصودا»، خصوصاً أن ما اعلنه الرئيس الاميركي باراك اوباما في العام 2009 عن فرض ضريبة على شراء «الصودا» لم تحلّ مشكلة السمنة كما دفعت بالمنتجين الى تدابير وخطط استهلاكية أكثر إغراء.
هذا وتستعد شركة «والت ديزني» مالكة شبكة «ايه.بي.سي» التلفزيونية وعدد من القنوات الخاصة، للامتناع عن بث بعض اعلانات التسويق للأطعمة السريعة غير الصحية التي تستهدف الأطفال سواء على شاشات التلفزيون او على الموجات الإذاعية والمواقع الالكترونية. وذكرت مصادر مطلعة ان من المنتظر ان يعلن عن الخطة في واشنطن كل من السيدة الاميركية الاولى ميشيل أوباما والرئيس التنفيذي لـ«ديزني» بوب ايجر.


السفير نقلاً (عن «نيويورك تايمز» بتصرّف)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...