أرقام مساهمات القطاع الخاص في سورية

31-03-2008

أرقام مساهمات القطاع الخاص في سورية

لعله من الظلم والقسوة أن نحمّل القطاع الخاص المحلي كل هذا الوزر، عندما ندعي أن عدد المشتغلين فيه يقارب الـ 5ر3 ملايين عامل، بعد حسم 5ر1 مليون عامل من الـ 5 ملايين الذين تدعي الاحصاءات الرسمية أنهم يشكلون العدد الاجمالي للقوى العاملة في سورية.
5ر3 ملايين عامل نعتقده رقماً كبيراً نسبياً بل كبير جداً على القطاع الخاص بمفهومه المؤسسي لذا نعتقد أن خللاً ما وقع ونقع فيه دوماً يمكن حصره بالتبويب الاحصائي والتعاطي الدقيق مع المصطلحات.
مشكلتنا أننا نقع أحياناً في تناقض مع أنفسنا وتخرج أرقامنا غير معبرّة عنا ولاعن أعمالنا والمشكلة الأكبر أن ماننتجه من أرقام يعالج خارج الدوائر الاحصائية، ولدى الاخر الذي قد يكون جهة ما خارج البلد يعالج وفق معايير هي ليست ذاتها التي جرى بموجبها صياغة التفاصيل الاحصائية وفرز أرقامها.
فالقطاع الخاص لدى كل المنظمات الدولية كما في مخيلة أي مواطن بسيط هو تلك المنشآت أو المعامل والمكاتب التي تعود في ملكيتها لرجال اعمال وأصحاب عمل كبروا أم صغروا حتى لوكانوا من صغار الحرفيين الذين يشغلون شخصاً واحداً أواثنين على اقل تقدير.
ولانعتقد أن أحداً يأخذ بالحسبان ان المسوحات الاحصائية تعتبر ان من يعمل في الزراعة حتى في أرضه هو عامل لدى القطاع الخاص.
باختصار من لايعمل في القطاع العام من اجمالي القوى العاملة بالضرورة سيجري تصنيفه على انه عامل لدى القطاع الخاص فالخاص كلمة فضفاضة جداً في قواميسنا، لكنها في الميدان تبدو ضيقة جداً أيضاً.!!
فلنحاول تتبع بعض المفارقات مثلاً القطاع الخاص يشغل في الحسابات النظرية للدوائر الاحصائية 70٪ من اجمالي قوة العمل في سورية.
والقطاع الخاص في سورية يسهم بأكثر من 60٪ من الناتج الاجمالي المحلي والقطاع الخاص ايضاً يحظى بالحصة الكبرى من اجمالي حجم الصادرات السورية الى الاسواق الخارجية.
إلا أن القطاع الخاص ذاته صاحب نسب الـ 70٪ والـ60٪ لم يسهم إلا بحوالى 25٪ من اجمالي الحصيلة الضريبية في العام الواحد فأي قطاع خاص الذي نقصده نحن كإحصائيين.؟؟
لعله السؤال الذي على احصائيينا الاجابة عنه وان اقتنعوا انهم على خطأ منهجي فليصوبوا اذاً.
الزراعة بكل المشتغلين فيها وكل مساهمتها في الناتج الاجمالي ومعدل النمو هي قطاع خاص في عرف الدوائر الاحصائية لدينا فالاسر التي تعمل في أراضيها تعمل لدى القطاع الخاص واصحاب الورش الفردية يعملون لدى القطاع الخاص وهم العامل وصاحب العمل.
لذا قد يكون عملاً يسجل لاحصائيينا فيما لواستطاعوا اخبارنا عن عدد العاملين بأجر في الزراعة وعدد العاملين بأجر في الحرف-  أي ليس أصحاب العمل انفسهم- ومن ثم عدد العاملين في القطاع الخاص الممأسس «شركات- مؤسسات» وسنقدرهم أكثر وأكثر فيما لواستطاعوا اخبارنا عن عدد المشتغلين في القطاع الخاص لكن بعيداً عن قيوده المعلنة.
إننا ننشد الدقة في الاحصاء لان الرقم والمعطى الاحصائي هو مقدمة أو مادة أولية من مواد ومستلزمات صناعة القرار لذا فليكن منتجنا مكتمل المواصفات ويحظى بحاجته من الجودة بما اننا نفتش عن جودة السلع ونفتش.
70٪ من العمالة السورية تتمركز في القطاع الخاص هذا يعني انه علينا ان نحني هاماتنا صباحاً ومساءً لـ«قطاع القطاعات» كما سيستنتج أي متتبع خارجي لم يدرك تفاصيل الخلل.ويعني أيضاً أنه يحق لرجال اعمالنا حتى اصغرهم شأنا ان يمنن الحكومة يومياً بأنه يضطلع بالجزء الاكبر من عبء التشغيل في البلاد في هذه الايام الصعبة أيام البطالة وغلاء الاسعار والصعوبات المعيشية.
بل يعني انه يحق لرجال اعمالنا بمطالبة الحكومة بأن تأخذ دورها  وتضطلع كفاية بالدور المنوط بها في تشغيل فائض القوى العاملة في السوق المحلية أي رقم أو أرقام «الاحصاء» تقلب الحكاية رأساً على عقب.
فالقطاع الخاص الذي أوكلت اليه مهمة تنفيذ جزء وافٍ من سياسات التشغيل وصنع فرص العمل مازال يئن متذرعاً بأن المهمة اكبر من حجمه ووزنه وان العبء سيكون ثقيلاً جداً عليه وقد خرجت من أوساطه اشارات واضحة تعتذر عن تنفيذ الجزء الموكل اليه من مهمة التشغيل.
الارقام عندما تخرج الينا بهكذا حلل خلبيّة لاتكون فقط مضللة لأصحاب القرار بل تكون ايضاً استفزازية لمشاعر كثيرين من اصحاب العلاقة بالرقم فكل اولئك الذين وقّعوا على استقلات مسبقة قبل أن يباشروا أعمالهم لدى القطاع الخاص سوف يستنكرون الرقم الذي يتحدث عن 5ر3 ملايين عامل.
وفي موضوع البطالة أيضاً المشكلة ذاتها، فعندما تعتمد مسوحات العاطلين عن العمل معايير منظمة العمل الدولية نعتقد ان بعض الحيف سيلحق بالعاطلين عن العمل في سوقنا لان حسابات حقول منظمة العمل الدولية لاتصب في «بيادرنا» ولانظن انه من السهل اقناع أي عاطل عن العمل بأن من عمل ساعة واحدة في اسبوع ماقبل اجراء المسح الاحصائي لايعتبر عاطلاً عن العمل.!!
كيف يمكن لنا اسقاط هكذا معايير على احصاءاتنا نحن خاصة في القضايا الحساسة التي ينتظر الجميع ارقامها كمقدمات للعلاج او البحث والدراسة.
باختصار نقول لنهتم أكثر بأرقامنا فإنتاجها للاستئناس وليس للمفاخرة بالانجاز لان الرقم يبقى رقماً والمهم ان نحس بتجسيداته الحية على أرض الواقع.

ناظم عيد

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...