أديب قدورة ثمة خيول لا تشيخ أبداً

22-12-2009

أديب قدورة ثمة خيول لا تشيخ أبداً

لم يكن ظهور الفنان أديب قدورة في الحلقة الأخيرة من برنامج «أنت ونجمك» عابراً، فالحوار معه والذي لم يختلف من حيث الشكل عن حلقات سابقة مع فنانين آخرين، ما كان ليمر بسلام وقد أغرورقت عينا الرجل بالدموع وهو يستعيد ذكريات طفولته في قأديب قدورةرية «ترشيحا» في فلسطين وتالياً سنوات اللجوء والتشرد ومكابدات الوجع الفلسطيني.
لم يكن أديب قدورة في الحوار مجرد فلسطيني حالم يقف على شرفة ذكريات الحنين بالكلمات والدموع، بل حمل في حواره أيضاً غصة الوسط الفني السوري الذي عامله كما تعامل الخيول حين تشيخ. فالفنان قدورة كان حتى وقت قريب الرقم الصعب في السينما السورية حتى لُقب بفتى الشاشة السورية، وهو واحد من نجوم بواكير الدراما التلفزيونية السوري، وكان من المقدر أن ينتقل الفنان قدورة كما أبناء جيله إلى نموذج جديد من الأدوار الدرامية التي تتناسب وعمره الحالي، إلا أن فورة الدراما السورية في تسعينيات القرن الماضي جافته كما جافت العديد من رواد الدراما السورية الأوائل، فتركت البعض على رف الذكريات، وحصرت الجزء الثاني في دائرة محددة وباهتة من الأدوار التلفزيونية، لتكتفي بعدد قليل من أبناء الجيل الذهبي للدراما.
وسط هذا الواقع من الجفاء كان الفنان أديب قدورة يحاول ملكاً. حاول الرجل ان يساير الانتاج الجديد من الدراما والشرط الدرامي الباهت الذي أحيط به أبناء جيله، الى أن تعرض لإصابة في أحد أعماله منذ نحو ثلاثة أعوام أثناء تصوير مشهد ليلي، الأمر الذي أقعده في البيت بينما قررت الشركة المنتجة حذف ما قام بتصويره من قبل واستبداله بممثل آخر! ومع إصابته انتقل أديب قدورة إلى موقع الخيول عندما تشيخ... إلى جانب أسماء كثيرة يستطيع المرء أن يحصيها عندما يتابع أعمال السبعينيات ويبحث عن أبطالها في أعمال جديدة ولا يجد أيا منهم، ليدرك بعدها أن الفنان أديب قدورة ليس الوحيد الذي أصابته حالة الجفاء، وربما قلة الوفاء من أهل الدراما الجدد تجاه جيل أسس للدراما السورية وواجه ثنائية الجوع والاستنكار المجتمعي له لتصل الدراما السورية إلى ما وصلت إليه الآن.
ربما يكون كسل البعض من جيل التأسيس هو ما ساهم في ابتعادهم لاحقاً عن استحقاقات الدراما السورية الجديدة، وربما قلة موهبة البعض الآخر ساهم في ذلك أيضاً، إلا أن كثيراً من الأسماء الفنية من ذلك الجيل يتم تغييبها اليوم قسراً، إذ كيف يمكن لفنان مثل أديب قدورة بحضوره التمثيلي المميز الذي تشهد عليه جوائزه في كل من مهرجان لوكارنو في سويسرا وكارلوفيغاري والمهرجان السينمائي السوري الأول لسينما الشباب... كيف له أن يغيب عن قائمة نجوم الدراما السورية اليوم؟ والسؤال ذاته ينسحب على فنانين آخرين.
ربما العيب يكمن في النصوص الدرامية التي لم تستطع إيجاد أدوار تمثيلية تستوعب كل أبناء الجيل القديم، لكن إسناد أكثر من خمسة أدوار في خمسة مسلسلات لاسم واحد من ذلك الجيل في موسم واحد تترك إشارة استفهام عريضة، فالقصة لا تعود غياب الجيل القديم بل تغييبه!
بكل الأحوال، حرك ظهور الفنان أديب قدورة الماء الإعلامي الراكد تجاه أبناء جيله، ولعل توقف الكثيرين عند كلامه في برنامج «أنت ونجمك» كان كفيلاً بتعزيز قناعة بأن ثمة خيولا لا تشيخ أبداً، وإن كبت قليلاً فهي تنام واقفة.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...