غسان الرفاعي

يحاول جيل من المثقفين القراصنة في الغرب, أن يسطو على الفضاءات والمنابر, وأن يمارس هواية الحفر في التضاريس التاريخية, لاستخراج ما يمكن أن نسميه الأمة الغربية بحجة أن إنقاذ الإنسانية يتوقف على انتصار الغرب أمام البربريات الشرقية التي تزحف من كل مكان حاملة معها الهوس الديني والجنون الاثني والإرهاب الحضاري. ‏

أطلق الأستاذ الجامعي «دانيال ليندلبريغ» المعروف بثوريته النزيهة الرصاصة الأولى، وأصدر كتاباً سماه «دعوة إلى الانتظام» اتهم فيه المثقفين الفرنسيين «بالرجعية الفاسقة» بسبب مناهضتهم للثقافة الجماهيرية،

من المؤلم أن تنهار الايديولوجيات التي كانت تعدنا بالفراديس. ومن المحزن ان نعيش بلا أمل بفردوس أرضي مفترض. ‏

-1- غريب هو هذا التحرك الثقافي الجديد الذي تتخبط فيه الأجيال الصاعدة والداعي إلى التخلي عن الالتزام وتبني «الفكر الفاتر»,.

في مناخات القتام التي تحيط بنا، تتلامح للبعض منها صحوات افتراضية هي أقرب إلى التفريج عن الكرب، التهرب من الضيق، منها إلى الحلول المتمهلة المبنية على الدراسة والتحليل. أحد الأصدقاء وهو شيخ لا يخلو من حكمة ووقار

يحاول جيل من المثقفين الذين يطلق عليهم في الأدبيات المتحذلقة اسم (الملاكمين) أن يمارس هواية (الحفر تحت التضاريس التاريخية) لاستخراج ما يمكن أن نسميه (الأمة الغربية).

استوقفني- وأنا أتجول في «سوق البراغيث»- إعلان مضاء بالنيون الباهر، تصدر كشكاً مكتظاً بالكتب تلتمع على بابه لافتة (مكتبة الأشرار) وتحتها بأحرف كبيرة ملونة

كان «هنري ميللر»- وقد تجاوز حدود العفة والاحتشام- يصف الكتابة بأنها «عملية اغتصاب», وقد بقيت كتبه, حتى فترة وجيزة, ترص في الرفوف الخلفية من المكتبات, على اعتبار أنها «تخدش الحياء», إ

حين تترجرج الأحداث ويستعصي فهمها على المراقب المتلهف، وحينما تنهال التفسيرات الواهية، فلا يعرف المتابع هل هي تنازلات مموهة أم فلهوية شيطانية تحير الخصم، يخيم علينا إعياء نفسي ممزوج بالخوف،

مازلت أذكر «المبارزة» التي نشرتها أسبوعية «لو نوفيل اوبسرفاتور» السنة الماضية بين «سلمان رشدي» الذي أصبح رئيساً لبرلمان الكتاب في ستراسبورغ، و«برنار هنري ليفي» الكاتب الصاعد دون استحقاق.