«الغارديان»: بيريـز حاول بيـع جنـوب أفريقيا قنابـل ذريـة

25-05-2010

«الغارديان»: بيريـز حاول بيـع جنـوب أفريقيا قنابـل ذريـة

كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، النقاب عن أن الفائز بجائزة نوبل للسلام، الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، حاول عام 1975 بيع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قنابل نووية. ورغم أنه سبق لصحيفة «هآرتس» أن نشرت معلومات حول هذه المسألة، إلا أن «الغارديان» انفردت بنشر وثائق وركزت على دور بيريز. ومن المهم الإشارة إلى أن المعنى الحقيقي لهذبعض الوثائق السرية التي نشرتها «الغارديان» أمس حول المفاوضات بين إسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في أواسط السبعينياتا الكشف، هو إثبات أن إسرائيل ليست دولة «مسؤولة» كما تدّعي، وأنها كانت على استعداد للمتاجرة بالسلاح النووي. وعدا ذلك، فإن هذه الوثائق هي أول أدلة رسمية تنشر علناً للإشارة إلى امتلاك إسرائيل السلاح النووي.
وأظهرت الوثائق، التي كشفها الباحث الأميركي ساشا سورانسكي، أن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز أدار اتصالات متقدمة مع وزير الدفاع الجنوب أفريقي بي في بوتا، في موضوع التعاون النووي بين الدولتين. وطلــب الوزيــر بوتا من بيريز أن يزود بلاده بــرؤوس متفجرة نووية، فــيما اقــترح بيريز تزويـدها بـ«ثلاثة أحجــام». كما وقّع المسؤولان على اتفاق تعاون أمني سري بين الدولتين.
وبحسب الوثائق المنشورة، فإن الطرفين الإسرائيلي والجنوب أفريقي اجتمعا في 31 آذار عام 1975 حيث أقاما تحالفاً سرياً، وأن الإسرائيليين عرضوا رسمياً بيع جنوب أفريقيا قسماً من صواريخ «أريحا» التي يملكونها، والقادرة على حمل رؤوس نووية. ودفع هذا الاتفاق قائد الجيش الجنوب أفريقي آر أف أرمسترونغ إلى إعداد مذكرة عرض فيها الفائدة التي ستجنيها جنوب أفريقــيا من حيازة هذه الصواريخ بأنها تنحصر فقط في تحميلها برؤوس حربية نووية.
وجاء في المذكرة أنه «أخذاً بالحسبان بمزايا منظومة السلاح كالتي عرضت، فإن هناك فرضيات عديدة بينها أن تكــون الصواريخ مزودة برؤوس حربيــة نوويــة تنتج في جنوب أفريقيا، أو تشـترى في مكان آخر». وأشارت المذكــرة إلى أن جنوب أفريقــيا كــانت بعيدة عن تطوير سلاح نــووي. وربما لهذا السبب تكشف الوثائق عن أن وزير الدفاع الجنوب أفريقي أعرب في لقائه مع بيريز عن اهتمامه بعدد محدود من الصواريخ شرط أن تكون مع «الشحنة المناسبة».
وجاء في محضر الاجتماع أن «الوزير بيريز قال إن الشحنة المناسبة متوافرة بثلاثة أحجام. الوزير بوتا أعرب عن تقديره للعرض، وقال إنه بحاجة للتشاور».
في ختام احد اللقاءات بين وزيري الدفاع الإسرائيلي والجنوب افريقي، جاء في المحضر بالنسبة لطلب جنوب أفريقيا الحصول على رؤوس متفجرة نووية، أن «الوزير بيريز قال إن الشحنة المطلوبة موجودة في ثلاثــة أحجام مختلفة». وقد فسّر الباحث الأميركي هذا الأمر بأنّ المقصود هو رؤوس متفجرة تقليدية، كيميائية ونووية.
ليس واضحاً لماذا لم تخرج الصفقة في نهاية المطاف إلى حيز التنفيذ. وأغلب الظن أن الجنوب أفريقيين خافوا من السعر، كما لم يظهر أن بيريز حصل من رئيس الوزراء اسحق رابين على المصادقة لعرض السلاح علـى جنوب افريقيا.
وردت الرئاسة الإسرائيلية يوم أمس على تقرير «الغارديان» قائلة إنه «لم يجر أبداً أي حوار مع حكومة جنوب أفريقيا بشأن بيع صواريخ... ونحن نأسف لأن صحيفة محترمة مثل الغارديان لم تتوجه إلينا لطلب رد، وحينها كان سيفهم أن القصة والوثائق التي لديه مفبركة ولا أساس لها في الواقع».
وذهبت مصادر إسرائيلية إلى حد ادّعاء أن «الوثائق التي تدّعي بيع صواريخ نووية هي من دون شك مزيفة». وكانت «هآرتس» قد أشارت إلى الجهد الهائل الذي بذلته إسرائيل مع حكومة جنوب أفريقيا من أجل منع نشر هذه الوثائق.
غير أن التعاون النووي بين إسرائيل وجنوب أفريقيا كان أكثر من سر مذاع، إذ سبق للعديد من وسائل الإعلام الدولية أن نشرت تقارير موسعه عنه. بل إن تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عام 1980، الذي نشر عام 2004، أشــار إلى اختبار نـووي «غيـر مؤكـد» بــين الدولتين.
ورغم كثرة ما نشر عن امتلاك إسرائيل لسلاح نووي فإن الوثائق التي عرضها سورانسكي في بحثه هي أول قرينة رسمية على السلاح النووي الإسرائيلي. وهذا يعني توجيه ضربة قوية لسياسة الغموض النووي التي توافقت عليها إسرائيل مع الولايات المتحدة. كما أنه يعني أساساً أن إسرائيل ليست دولة مسؤولة بما فيه الكفاية في ما يتعلق بعدم إساءة استخدام السلاح النووي.
وقد حاولت إسرائيل منع صحيفة «الغارديان» من نشر هذا التقرير الآن. وفسرت الصحيفة هذه المحاولة بأنها تنبع من خشية إسرائيل من أثر هذا الكشف على المساعي الرامــية لبلورة إعلان يتعلق بتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي وهو ما تجري المفاوضات حالياً بشأنه في نيويورك.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...