«غوغل» تعترف بجمع بيانات خاصة لملايين الأشخاص

24-05-2010

«غوغل» تعترف بجمع بيانات خاصة لملايين الأشخاص

بعد «فايسبوك»، ها هي شركـة «غوغل» تتعرّض لاتهامات بانتهاك الحرية الشخصية. فقد أعلــنت سلطات حماية البيانات في ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا أنّها فتحت تحقــيقات بحق «غوغل»، عملاق محركات البحث وخــدمات الإنترنت، الذي اعتــرف بأنّه يقوم منذ عام 2006، بجمع بيانات خاصة بمــلايين الأشــخاص حول العالم من مستخدمي شبكات «واي ـ فاي» اللاســلكية للاتصال بالإنترنت، عازية الأمر إلى «خطأ برمجي» عائد إلى ذاك العام.
وأكدت النيابة العامة في هامبورغ، مقر فرع «غوغل» الألماني، الخميس الماضي أنّها فتحت تحقيقاً جنائياً بحق الشركة لقيامها بجمع البيانات من شبكات الإنترنت الخاصة «واي فاي» في ألمانيا، محدّدة يوم الأربعاء المقبل موعداً نهائياً لقيام «غوغل» بتسليمها أحد الأقراص الصلبة التي استعملتها في تخزين البيانات، لتحديد إذا كان التحقيق سيوجه تهماً جنائية بحق الموظفين المعنيين بالأمر. إلا أنّ «غوغل» لم يحسم بعد إن كان سيسلّم القرص.
وقال المتحدّث باسم مكتب النيابة العامة في هامبورغ، ويلهيلم مولرز، «نحن حتماً في مرحلة مبكرة. هذا ليس بشيء سيتمّ الانتهاء منه في غضون أسبوعين أو ثلاثة. لدينا تحليل ما إذا كان هناك سبب لتوجيه اتهامات جنائية». ووفق القانون الألماني، تحمل عقوبة الإدانة في جمع البيانات بطريقة غير قانونية السجن لسنتين أو دفع غرامة.
ويعود اختراق الخصوصية إلى خدمة «ستريت فيو» التابعة لشركة «غوغل»، وهي سيارات جوّالة متخصّصة بتصوير الشوارع والبيوت لعرضها عبر الإنترنت، إذ التقطت أجزاء صغيرة من البيانات التي كان يرسلها مستخدمو «واي ـ فاي» أثناء اتصالاتهم المفتوحة. وتبيّن من جرائها أنّ «غوغل» جمع أكثر من 600 جيغابايت من الصور والإحداثيات وكلمات السر وغيرها من المعلومات الحسّاسة عبر رصد البيانات في أكثر من ثلاثين بلداً، بهدف تحميلها على موقعها المتطوّر لتحديد المواقع الجغرافية «GPS» .
وقد اعترفت «غوغل» بأنّ الهوائيات المنصوبة على السيارات التقطت مقاطع «مجزأة» من المراسلات لدى مرورها في شوارع المدن، مشيرة إلى أنّ السيارات «لم تكن متوقفة بل متحرّكة»، ومطمئنةً أنّ البيانات التابعة للمصارف «ظلت آمنة». وأعلن نائب رئيس شؤون الهندسة والبحوث في «غوغل» آلان أستاس عبر المدوّنة الرسمية للموقع، أنّه «من الواضح لنا الآن أنّنا كنا نجمع عن طريق الخطأ عينات من البيانات من شبكات «واي فاي» المفتوحة (غير المحمية بكلمة مرور)، وبالرغم من ذلك فإننا لم نستخدم تلك البيانات في أي من منتجات «غوغل».
بيد أنّ هذا الاعتراف لم يكن ليأتِ لولا طلب سلطات حماية البيانات الألمانية من محرّك البحث فتح تحقيق لمعرفة أسباب ما حصل. كما أمر مكتب مفوض المعلومات في المملـكة المتحدة «غوغل» بالتخلّص من البيانات الموجودة لديه. ودافع الرئيــس التنفيذي لـ«غوغل» إريك شميدت عن سجل شركته في مجال الخصوصية، وأشار في المنتدى الأوروبي السنوي للشركة، الأربعاء الماضي، إلى أنّه لن يفصح عما «إذا كنا قد فصلنا أيا من موظفينا في ما يتعلق بهذه القضية»، معتبراً أن «ما يهم حقاً هو إذا كان أي ضـرر فعلي قد وقع». وأكد شميدت أنّ المشكلة «تتعلق بمقدار صغير من البيانات المجزأة التي لم يتم استخدامها من قبل الشركة بأي شكل من الأشكال».
بدوره، اعتبر المؤســس الشــريك في «غــوغل» لاري بايج أنّ «هناك الكثير من الاهتمام في سجلات «غوغــل»، ولكن لا يمكن لأحد أن يثبت أيّ ضرر (سببته تلك) البيانات، على الأقل في حدود ما أعلم».
وكانت وزيرة الأغذية والزراعة وحماية المستهلك الألمانية آيلز آيغنر قد ذكرت في بيان لها السبت قبل الماضي،أنه «وفقاً للمعلومات المتوافرة لنا حتى الآن، قام «غوغل» منذ سنوات باختراق الشبكات الخاصة بصورة غير قانونية على ما يبدو... الأمر الذي يبعث على القلق من أنّ قانون الخصوصية هو مفهوم غريب بالنسبة لـ«غوغل».
في المقابل، أوضحت نائبة الرئيس لمنتجات البحث والخبرة في «غوغل» ماريسا ماير عبر المدوّنة الرسمية، أنّه «في وقت سابق من العام الحالي، قمنا بتشفير بريد «جي ميل» لجميع مستخدميه، وسنبدأ إصداراً مشفّراً للبحث عبر «غوغل»، وكذلك منعت سيارات «ستريت فيو» من التقاط أي بيانات مرسلة بتقنية «واي ـ فاي» مجدداً.
إلا أنه من الواضح أنّ «غوغل» وضعــت نفسـها في موقف دقيق على الرغم من كلّ الاعتذارات والخطوات الوقائية. فقـد طلب الرئيسان المشاركان في «تجمّع الخصوصية في الكونغرس»، جو بارتون وادوارد ماركي، من لجنة التجارة الاتحادية الأميركية التحقيق في ما إذا كان «غوغل» قد خرق الــقانون في جــمعه بيانات الإنترنت عبر «واي فاي»، كما طالبا اللجــنة بمــعرفة كيفية جمع البيانات وتخزينها ومن هم الأشخاص المخولون الدخول إليها.
بدورها، طلبت «المجموعــة الاســتشارية لحمــاية البيانات وحرية المعلومات» في بريطانيــا من «غوغل» التخلّــص من البيانات التي جمعهتا، وذلك بعدما أكّد في بـيان الجمعة الماضي، أنّه «بعد طلبات من سلطات حماية البيانات الايرلنــدية والدنماركية والنمساوية، يمكننا أن نؤكد أنّنا حذفـنا حمولة البيانات الآتية من تلك البلدان. يمكننا أن نؤكد أيضا، بحسب المطلوب، أنّنا نحتفظ بالبيانات من بلجيكا وفرنسـا وايطاليا وإسبانيا وألمانيا وسويسرا وجمهورية التشيك». لكن «مجموعة الخصوصية الدولية» تعتقد أنّ حذف البيانات سيكون «غير مسؤول» حتى يتمّ التحقيق في مضمونه لمعرفة ما إذا كان ينتهك القانون، ذاكرة على مدونتها الرسمية «لقد وضعنا «غوغل» مباشرة في الملاحظة بأن من المرجح أن يخضع قريباً لاتخاذ إجراءات قانونية مدنية أو جنائية نتيجة لاعتراض واي فاي»، والتخلص من البيانات من شأنه أن يشكل إتلافاً للأدلة». وحثّت المجموعة مكتب مفوض المعلومات في بريطانيا، الذي كان أصدر أمراً لـ«غوغل» بحذف البيانات، على الإلغاء الفوري للأمر والسماح لمحرك البحث بوضع البيانات في تخزين آمن، إلى أن يحين الوقت للمسائل القانونية كي يتم حلها.
كما قدّم فيــكي فان فــالين ونيل مارتز، وهما من سكان شمال غرب المحيــط الهادئ، لدى محكمة مقاطعـة ولاية أوريغــون الأميركية، دعوى ضد «غوغل» مدّعين بأن خصوصيتهما قد انتهكت. وإذا نجحت الدعــوى فسـتكلّف «غوغل» مئات ملايين الدولارات.
وفي خطوة تهدف للتخــفيف من حدّة القضية، أطلق «غوغل» خدمة التشــفير التجــريبية لمستــخدمي محرك البحث في الولايات المتحدة الجمعة الماضي، على أن تصبح متوافرة في الدول الأخرى خلال الأيام القليلة المقبلة، حــسبما أشار المدير العام لمنتجات البحث في «غوغل» مورالي فـيزواناثان. ويمكن للمستخدمين إجراء بحث آمن على «غوغل» كتابة العنوان «https://www.google.com» المتضمن طبقة حماية تمر عبرها جميع كلمات البحث والنتائج التي يقدمــها «غوغـل»، كي لا يستطيع من يعترضها الاستفادة منها. ويقول خبراء إنّ هذه الخدمة تبطئ سرعة البحث وغير مضمونة كلياً من الناحية الأمنية، بينما يؤكد فيزواناثان أنّ الخدمة «تحتاج عملاً كثيراً من الناحية التطويرية. نعرف أنّ الأثمان الإضافية ستجلب منافع إضافية لمستخدمينا».

حسن زراقط

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...