42 مليون ليرة فقط مجموع إعلانات القطاع العام

03-03-2008

42 مليون ليرة فقط مجموع إعلانات القطاع العام

حجز مدير مؤسسة صناعية عامة زاوية له في إحدى المطبوعات الصادرة حديثا.....

و إذا كان المدير المعني يحاول استعادة جزء من ماضيه الإعلامي،إلا أن ما يلفت النظر في بعض أعداد المطبوعة هو حجم الصفحات الإعلانية المنشورة لتلك المؤسسة الصناعية وشركاتها...وربما هذا ما يفسر سماح المطبوعة الوليدة له بشن هجوم على صحيفتنا لمجرد أن زميلا لنا نشر تقريرا عن خسائر شركات المؤسسة... هجوم لم نرد عليه وعلى أمثاله لأن العنوان واضح.!! ‏

وقبل أن نبدأ في مناقشة أسس ومعايير نشر إعلانات المؤسسات والجهات العامة التجارية والجدوى الاقتصادية منها وما تحققه من نتائج، نود أن نوضح أن السطور التالية لا تستهدف مطبوعة ولا مؤسسة عامة بعينها ،بل تتناول ظاهرة واضحة ومحددة تحتاج إلى معالجة وحلول....بل وإلى تحقيق رقابي موضوعي.. ‏

من نافل القول أن جزءا كبيرا من إيرادات المجلات والصحف يأتي من نشر الإعلانات، وبالتالي فإن استمرارية أية مطبوعة لا تتلقى دعما من رجل أعمال، أو مؤسسة تجارية وصناعية أو أية جهة أخرى تتوقف على حجم ما تستطيع جذبه من إعلانات، لكن وفي ظل ملامح سوق الإعلان السورية والعشوائية التي تتحكم به تحول المشروع الفكري و الثقافي والاجتماعي لدى البعض لمشروع تجاري بحت فيما أصبحت المشاريع الجدية قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.....و هنا نحاول تسليط الضوء على واقع إعلانات الجهات والمؤسسات العامة في الصحف والمجلات الخاصة من منظور تحليلي ورقمي... ‏

تشير بيانات المؤسسة العربية للإعلان إلى أن قيمة إعلانات الجهات و المؤسسات العامة المنشورة في الصحف والمجلات الخاصة زادت خلال العام الماضي 2007 عن 41.5 مليون ليرة سورية، وهو رقم ينشر لأول مرة ورغم أننا يمكننا تقديم مزيد من التفاصيل حيال المطبوعات التي استحوذت على النصيب الأكبر من تلك «الكعكة» الحكومية، إلا أننا سنحتفظ بباقي المعلومات فالطرف المعني في العملية ليست المطبوعات الخاصة بل المؤسسات والجهات العامة...!! ‏

جميع المؤسسات العامة التي وجهنا لها أسئلة خطية منذ أكثر من 20 ـ 30 يوما وعبر المكاتب الصحفية لم تقدم جواباً واحداً فقط،بل نامت على الموضوع وكأن شيئا لم يحدث،فالمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية والتي تحتل رأس القائمة في الجهات العامة المعلنة تبعا لبيانات المؤسسة العربية للإعلان لم تجرؤ على تقديم إجابة للأسئلة التي وصلتها عبر المكتب الصحفي في وزارة الاقتصاد، وهي أسئلة وكما يقولون ليست «كيمياء» حتى تعجز عن تقديم ما تملكه من معلومات حيالها....فما طلبناه كان حجم اعتمادات بند الإعلان ، معايير النشر واختيار المطبوعة، دراسة النتائج والجدوى المتحققة....الخ، ولم تكن المؤسسة العامة للخزن والتسويق وكافة المؤسسات التابعة لوزارة الصناعة تمتلك جرأة أكثر لتجيب عن ذات الأسئلة، وهذا ما يؤكد جملة من الملاحظات العديدة التي تسجل على عملية نشر الجهات العامة لإعلاناتها في الصحف والمجلات الخاصة و التي من أبرزها: ‏

ـ عدم وجود أية معايير و أسس علمية للنشر لجهة اختيار المطبوعة المناسبة من حيث حجم التوزيع وسوية المضمون والهدف من الإعلان والشريحة المراد الوصول إليها، وليحل مكانها معايير الواسطة والمعرفة والقوام الرشيق وهذه حقيقة تظهر نتائجها في توزع سوق الإعلاني الحكومي. ‏

ـ استحواذ شريحة من المطبوعات الخاصة التي تفتقد لأي مضمون فكري وثقافي واقتصادي واجتماعي جاد وموضوعي على جزء لا يستهان به من إعلانات الجهات العامة، ووفق بعض المقارنات التي جرت اعتماد على بيانات أولية تتعلق بتوزيع بعض المطبوعات الخاصة السورية وحجم الإعلان المنشور فيها يتبين أن هناك تناسباً عكسياً، بمعنى أن الإعلانات العامة تغيب عن المطبوعات الجيدة وتتواجد في المطبوعات المتواضعة والضعيفة. ‏

ـ وجود تجاوزات كبيرة في هذا الموضوع، فوفق بعض المعلومات الموثقة فإن بعض العاملين في المكاتب الصحفية للجهات العامة تحولوا إلى معتمدي إعلانات واشتراكات لدى بعض المجلات الخاصة لا بل أن محاسبا في إحدى الجهات العامة يرد اسمه في أكثر من مكان كمعتمد قبض قيمة إعلانات واشتراكات.... ‏

ـ هدر المال العام....فعندما يتم إنفاق المال العام بعيدا عن الأصول المطلوبة ويفشل في تحقيق الغايات التي أنفق من أجلها فليس هناك من شك أن ذلك يدخل في سياق هدر المال، فهل هناك أحد يمكنه أن يقنعنا أن توقيع عقد سنوي أو نشر مجموعة من الإعلانات في مجلة أو صحيفة لا توزع أكثر من 100 نسخة فيه جدوى اقتصادية، و إذا كان البعض يطرح علينا موضوع تدني مستوى القراءة ومتابعة المطبوعات...فهل هناك جدوى من نشر إعلان في مطبوعة تقتبس موادها من شبكة الانترنت أو من الصحف اليومية ....فيما كان بالإمكان إنفاق تلك المبالغ على مشاريع أخرى فمثلا مؤسسة المعارض ورغم كل هذا البذخ الإعلاني ما زال موقعها الالكتروني معيباً و مخجلاً....فمن المسؤول يا ترى ألم يكن باستطاعتها تحويل ذلك الموقع إلى صحيفة اقتصادية وترويجية يومية متميزة عوضا عن هدر المال هنا وهناك ومن أجل "فلان" و «علتان»!!. ‏

ـ ما يثير الاستغراب إن بعض الجهات العامة تسطر كتبا تطلب فيها توجيه وسائل الإعلام الرسمية بنشر إعلاناتها مجانا ومن منطلق تشجيع عملها ودعم أنشطتها،فيما تخصص المجلات الخاصة بعقود سنوية..وبعضها لا يستحق ذلك الدعم صراحة.!! ‏

‏ كنا نتمنى لو أن مؤسسة من المؤسسات التي ذكرناها سابقا تمتلك بعض الشجاعة والجرأة لتوضح لنا رأيها وموقفها مما يحصل....لكن هذا الموضوع برمته نضعه بين أيدي الجهات الرقابية لاسيما الجهاز المركزي للرقابة المالية الذي يمكنه التدقيق فيما يحصل مستعينا بمعلومات توزيع المطبوعات و خبرة لجنة من اتحاد الصحفيين لتقييم المطبوعات... والاهم كشف ومحاسبة العاملين الذين يستغلون موقعهم الوظيفي لتحقيق منفعة شخصية وربما التسبب بهدر المال العام.!! ‏

منذ عدة أشهر قال مدير مؤسسة الإعلان السابق مناف فلاح في حوار خاص إن الإعلان الحكومي فيه الكثير من التجاوزات والفساد... ‏

وبالتالي فإنه يمكنا تقديم اقتراح لرئاسة الحكومة الحق في البت به ويتعلق بتكليف مؤسسة الإعلان بدراسة وضع المطبوعات وجدوى الإعلان فيها بالتعاون مع الجهات المعنية ومن ثم قيامها بتقديم خيارات للمؤسسات العامة الراغبة بنشر إعلانات لها بحيث تم اختيار الوسائل المناسبة و المجدية...وعلى مسؤولية مؤسسة الإعلان في النهاية.! ‏

زياد غصن

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...