هل «نختار» السعادة أم لا حيلة لنا بتحقيقها؟

23-10-2010

هل «نختار» السعادة أم لا حيلة لنا بتحقيقها؟

عندما يُسأل الآباء الجدد عما يريدونه لأطفالهم في المستقبل، فالإجابة الأكثر شيوعاً «نريدهم أن يكونوا سعداء فقط». هكذا يعلنون، وإن كانوا يقصدون «نريدهم أن يكونوا بخير فقط».
هذا يحيلنا على نقاش أزلي: هل ينبغي أن يكون السعي وراء السعادة هدفاً بحد ذاته، أو أن الفضيلة الأخلاقية هي ما يحملنا على الشعور بالرضا؟ وهل إذا كنا بحالة جيدة، نحقق السعادة؟ وعلى كل الأحوال، ماذا يعني أن نكون سعداء؟؟
في كتابها «استكشاف السعادة»، لم يكن هدف عالمة النفس سيسلا بوك «البحث عن السعادة»، بقدر «تحديد الخطوات المؤدية إلى السعادة، وتحديد طبيعتها ودورها في حياتنا». وتعود بوك في كتابها إلى مجموعة مثيرة من المفكرين منهم: سقراط، وأوغسطين، وباسكال، وفولتير، وماركس...
تشدد بوك على الحاجة إلى إيجاد توازن بين «المرونة» و«التعاطف» في جهودنا نحو تحقيق السعادة، خلافاً للمدربين النفسيين الذين يشددون على أهمية التحلي بالإيجابية، و«اختيار» السعادة، وعليه، إهمال التداعيات الأخلاقية لخياراتنا.
وتحذّر بوك من احتمال ان نسعى إلى تحقيق سعادتنا على حساب الآخرين، باعتبار أن الحل يكمن في «الموازنة بين المرونة والتعاطف مع الآخر، والشفقة». وتصر على ضرورة وجود بعد أخلاقي لكل الجهود الرامية إلى البحث عن السعادة أو القناعة الشخصية.
ولكن كيف نصل إلى السعادة؟
أرسطو، يربط السعادة بشكل وثيق مع «الفضيلة». لكن كانط يرى أن الفضيلة حتماً لا تؤدي إلى السعادة، وأن السعادة لا توحي بالضرورة بالفضيلة. أما فرويد فيرى أنه يستحيل تحقيق السعادة البشرية في نهاية المطاف، بخلاف راسل الذي يقول انه «يمكن تحقيق السعادة عبر الجهود الفردية».
وإذا كنت تحاول التغلب على الكآبة، اتبع نصيحة ديكارت، و«تحلَّ بالإرادة». وفي المراسلات بينه وبين الأميرة إليزابيث أميرة بوهيميا في القرن الـ17، وضع ديكارت ثلاث قواعد للوصول إلى الرضا: الحكمة في تحديد ما يجب القيام وما يجب عدم القيام به، رفض أن تتغلب العاطفة على العقل، والتوقف عن الرغبة في الأشياء البعيدة المنال.
لم تعجب هذه القواعد الأميرة إليزابيث، باعتبار أن بعض الأشخاص، بسبب ظروفهم أو مزاجهم، لا يستطيعون تشغيل إرادتهم إلى هذا الحد، فضلاً عن أن «نمط التفكير الإيجابي هذا»، يجعل من البشر أكثر عرضة لخداع النفس ويضعف جهودهم الرامية إلى الفضيلة.
أما الدراسات الحديثة، فخلصت إلى أن «للدماغ دورا أساسيا في حملنا على الشعور بالسعادة». ويقول العالمان فيليب بريكمان ودونالد كامبيل ان السعادة «مجموعة نقاط»، قد يكون عددها أكبر لدى البعض، لأسباب وراثية. لكن دراسات أخرى أظهرت أن هذه النقاط ليست ثابتة وإنما يمكن أن تتغير.
كل ذلك قد يصحّ، لكن الحقيقة الثابتة هي أن الباحث عن السعادة، غالباً ما يكون قد أنهى بحثه عن لقمة العيش... وإلى حينه، كل النظريات قد تصحّ.


(عن «نيويورك تايمز»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...