مصر: مليونية جديدة اليوم لتأكيد «وحدة الصف» ومبارك يُحاكَم الأربعاء

29-07-2011

مصر: مليونية جديدة اليوم لتأكيد «وحدة الصف» ومبارك يُحاكَم الأربعاء

حسمت السلطات المصرية، أمس، الجدل بشأن مكان محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك، والتي تبدأ أولى جلساتها يوم الأربعاء المقبل، حيث أعلنت وزارة العدل، وبعد تردد طويل، ان المحاكمة ستجري في القاهرة، لا في شرم الشيخ، حيث يقيم منذ تنحيه في 11 شباط الماضي، ليصبح بذلك أول رئيس عربي يحاكم في بلده بضغط من شعبه.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم محمد منيع أنه «تقرر بصورة نهائية» أن تجري المحاكمة يوم الثالث من آب المقبل، في مبنى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في أرض المعارض في مدينة نصر في القاهرة.
وأوضح منيع أن هذا القرار اتخذ خلال اجتماع عقد يوم أمس بينه وبين وزير الصناعة والتجارة الخارجية محمد عبد الرحمن عيسى الذي تتبع له الهيئة العامة للاستثمار، وذلك بحضور عدد من القيادات الأمنية الرفيعة المستوى في وزارة الداخلية وممثلين عن القوات المسلحة.
وأشار منيع إلى أنه «يجري حاليا اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإجراء تلك المحاكمة، حيث يجري إعداد المقاعد المثبتة داخل القاعة المخصصة لجلوس المحامين والجمهور ذوي الشأن وهيئة الدفاع عن المتهمين وكذلك إعداد قفص الاتهام الذي يضم المتهمين في القضية وعددهم 11 متهما».
وسيحاكم إلى جانب مبارك، ابناه علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه، بتهم مختلفة، أبرزها تهمة قتل المتظاهرين خلال «ثورة 25 يناير».
وكانت محكمة جنايات القاهرة قررت الاثنين الماضي ضم قضية العادلي ومعاونيه الستة المتهمين فيها بقتل المتظاهرين إلى قضية مبارك أمام دوائر محكمة الجنايات التي يترأسها القاضي احمد رفعت.
وأوضح منيع أنه تقرر أيضاً «تخصيص مكان للصحافيين ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء المصرية والعربية والأجنبية»، لكنه أشار إلى انه «سيتم السماح بدخول كاميرا تلفزيونية واحدة خاصة بالتلفزيون المصري فقط، بحيث تقوم القنوات الفضائية الأخرى بنقل وقائع المحاكمة عنه».
وأضاف أنه «سيتم وضع بوابات إلكترونية على مداخل وأبواب المبنى، إلى جانب وضع خطة أمنية محكمة وغير مسبوقة بمشاركة بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية لتأمين المناطق المجاورة والمحيطة بالمبنى».
صحة مبارك
وقد ثارت تساؤلات كثيرة في مصر حول ما إذا كان مبارك سينقل بالفعل من مستشفى شرم الشيخ، حيث يقيم منذ أن بدأ التحقيق معه في نيسان إلى المحكمة ليجلس في قفص الاتهام مثله مثل المتهمين الآخرين. ويعزز هذه التساؤلات المعلومات المتضاربة التي تتسرب عن صحته والتي تقول تارة إن حالته مستقرة وتارة أخرى أنه يعاني من اكتئاب ووهن.
وهذا الأسبوع صرح الأطباء في مستشفى شرم الشيخ بأن مبارك ممتنع عن الطعام وأن حالته الصحية واهنة ويعاني من اكتئاب شديد وفقدان للشهية.
وكان محامي الرئيس المخلوع، فريد الديب، قال قبل أسابيع إن موكله يعاني من سرطان في المعدة، ثم قال قبل أيام إنه في «غيبوبة تامة»، إلا ان المستشفى ووزارة الصحة نفيا هذه المعلومات.
وأكد مصدر طبي في مستشفى شرم الشيخ، أمس، أن كافة تقارير المتابعة الطبية للرئيس المخلوع تؤكد أن «جميع العلامات الحيوية لوظائف جسده في معدلات شبه طبيعية عند الأخذ بالاعتبار القياسات الطبيعية في الشيخوخة... ووضعه الصحي كمريض يعالج من اضطرابات في القلب».
لكن مصدراً مقرباً من مبارك (83 عاما) أشار إلى ان «حالته الصحية لن تسمح له بحضور الجلسة الأولى وسيحضر محاميه في قاعة المحكمة ومعه الوثائق التي تثبت عدم قدرة مبارك على المثول أمام المحكمة بنفسه».
وقال المستشار أحمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض، إنه إذا لم يتمكن مبارك من الحضور فلن تذهب المحكمة إليه، مضيفاً أنه من الممكن ان تقرر المحكمة بعد ذلك كيــفية المحاكمة إذا ظلت صحة مبــارك أضعف من ان تسمح له بالحضور، لكن الأرجح انه سيعود في النهاية إلى القاهرة.
أرض المعارض
وسبق ان شهدت ارض المعارض بالقاهرة عدة محاكمات سياسية مهمة، أبرزها قضية تنظيم الجهاد الذي تبنى اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات عام 1981، وقضية «ثورة مصر» التي كان متهما فيها خصوصا خالد عبد الناصر، ابن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بقيادة تنظيم غير مشروع نفذ عمليات اغتيال ضد مسؤولين إسرائيليين في مصر في نهاية الثمانينيات، وقضية اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق رفعت المحجوب عام 1990 على يد مسلحين من تنظيم الجماعة الإسلامية.
وقال القيادي في الجماعة الإسلامية طارق الزمر، الذي كان من المتهمين الرئيسيين في قضية اغتيال السادات، «آمل أن أحضر المحاكمة لأرى مبارك في القفص ذاته الذي حوكمت فيه من عدة عقود».
القاضي أحمد رفعت
أما القاضي أحمد رفعت، الذي سيرأس جلسات المحاكمة، فقد فصل في السابق في قضايا حظيت بمتابعات إعلامية كبيرة، ومن بينها قضية «تنظيم القطبين» التي كان متهماً فيها عدد من قيادات الإخوان المسلمين، وقد أخلى سبيل 16 منهم، وقضية «مقتل فتاة مصر الجديدة» التي شغلت الرأي العام أيضاً، وهي القضية المتهم فيها أحد المواطنين العرب، بعدما قام بذبح الفتاة وتقطيعها أشلاء وقد تم تأجيلها من العام 2010، وسيتم النظر فيها في 17 أيلول المقبل، بالإضافة إلى قضية «الآثار الكبرى» المتهم فيها أمين الحزب الوطني في الهرم طارق السويسي، وقد أعطى فيها أحكاماً مشددة وصلت إلى السجن 16 عاماً.
كما انتدب رفعت كقاضي تحقيق مع المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي، نائبي رئيس محكمة النقض، بعد مطالبتهما بانتخابات نزيهة وفضح عملية التزوير التي تمت في انتخابات مجلس الشعب عام 2005، لكنه قرر التنحي عن مواصلة التحقيقات.
ولعل أبرز ما سيواجهه رفعت أنه سيحال إلى التقاعد في 30 أيلول المقبل، وذلك بعد ترؤسه جلستين من جلسات محاكمة مبارك ورموز نظامه. لكن هذا الأمر يتوقف على قرار رئيس الاستئناف الذي يمكنه تمديد فترة خدمة القاضـــي لعام آخر، علماً بأنه في حـــال عدم اتخاذ قرار في هذا الشـــأن فإن المحاكمات يمكن أن تعـــود إلى نقطة البداية، ما لم يتــم استكمال المرافعات وتقديم المستندات.
مطلب شعبي
ويعد نقل مبارك، المحبوس احتياطيا، إلى القاهرة، وإيداعه سجن مزرعة طرة على غرار ابنيه علاء وجمال ورموز نظامه الآخرين احد المطالب الرئيسية للمتظاهرين وأسر «شهداء الثورة» وسببا رئيسيا للانتقادات التي وجهتها الحركات الشبابية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الممسك بزمام السلطة منذ سقوط مبارك.
وقال طارق الخولي، احد قادة حركة 6 ابريل الشبابية المشاركة في الاعتصام المستمر في ميدان التحرير في وسط القاهرة منذ الثامن من تموز الحالي، إن إجراء المحاكمة في القاهرة «خطوة جيدة، وهو نتيجة الضغط الشعبي وسنواصل الضغط للتأكد من تنفيذ هذه الخطوة».
يذكر ان ميدان التحرير، والعديد من المدن المصرية، ستشهد اليوم تظاهرة مليونية جديدة تحت شعار «جمعة وحدة الصف» للتأكيد على مطالب الثورة، وفي مقدمتها محاكمة مبارك ورموز نظامه.
ودعت القوى السياسية المصرية جميع أطياف الشعب المصري إلى المشاركة في تظاهرات اليوم. وقال القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» عصام العريان إن هذا التحرك يستهدف «إعادة الاصطفاف من جديد ولم الشمل والتوافق»، مضيفاً «سنعيد الصورة العظيمة للميدان.. فلن يكون هناك تنافس أو احتكاك بل سيكون هــناك توافق وانسجام».
بدوره، قال القيادي في حركة «كفاية» جورج إسحق إن «ما قيل عن انشقاقات في صفوف القوى السياسية غير صحيح.. نحن متحدون خلف مطالبنا»، في حين أشارت الناشطة إسراء عبد الفتاح، العضو في حركة «شباب 6 ابريل» إلى أن الميدان سيشهد «مليونية إرادة الشعب لإثبات أننا مستمرون في الشارع المصري حتى تتحقق مطالب الثورة».
وذكر موقع «الدستور الأصلي» أن المجلس العسكري طلب، أمس، لقاء مجموعة من شباب الحركات الاحتجاجية، وعلى رأسهم حركة شباب 6 ابريل وائتلاف شباب الثورة ولا للمحاكمات العسكرية والجبهة القومية لحماية الثورة وشباب حزب الجبـــهة الديموقراطية، إلا أن طلب المجـــلس قوبل بالاعتذار من قبل الشـــباب، الذين طلــبوا التأجـــيل إلى حين الانتــهاء من مليونية اليوم.
ونقل الموقع عن «مصادر مطلعة» قولها إن «الرافضين للقاء المجلس العسكري برروا رفضهم بأن البعض يريد إظهار المجلس العسكري وكأنه حمى الثوار من السلفيين وهذا غير صحيح، فهناك توافق على مليونية الغد (اليوم) ولا يوجد خوف منهم».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...