مستقبل (الجيب الكردي المقدس) والحروب القادمة في العراق

01-10-2006

مستقبل (الجيب الكردي المقدس) والحروب القادمة في العراق

الجمل:  عندما قام الرئيس الكردي مسعود البرزاني، بمنع العلم العراقي من الرفرفة والخفقان على قمة المباني العامة في كردستان هذا الشهر، قام الأكراد العراقيون باتخاذ خطوة رمزية أكبر، باتجاه الاستقلال كأمر واقع، وقد برر –مسعود البرزاني- منع العلم العراقي، قائلاً: «إن عدداً من المشروعات والبرامج وعمليات القتل الجماعي قد ارتكبت باسمه..».
لا يبحث اكراد العراق عن الدولة، وبحسبون أن هذا الأمر في مصلحتهم حالياً، وبدلاً من ذلك فهم يريدون درجة من الاستقلال الذاتي الذي يعادل نفس الشيء (أي الدولة)، ومن رئاسة مكتبه الموجودة على قمة الجبل في صلاح الدين، والمطلة على أربيل عاصمة الأكراد، أخبر البرزاني صحيفة الاندبندنت قائلاً: «إذا لم يكن هناك حل فيدرالي فلن يكون هناك أمل من أجل هذا البلد».
إن رفض السيد البرزاني السماح للعلم العراقي بأن يرفع، قد ووجه بالانتقادات الحادة من جانب السياسيين في بغداد، وقد عبّر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن ذلك  بطريقة غريبة عندما قال: «لم يكن الاكراد وحدهم هم الذين تم ذبحهم تحت هذا العلم، وإنما العديد من العراقيين قد تم قتلهم، ولقوا حتفهم تحت هذا العلم، والعراق أيضاً تم ذبحه تحت هذا العلم..».
ولكن بالنسبة للكثير من العراقيين، فإن العلم العراقي يعني الكثير، حيث العرب والأكراد في حالة صراع، وقد مضت قوات الشرطة التي يسيطر عليها العرب بشكل عام في اتجاه التشديد مؤكدة أن أصحاب المحلات والمباني العامة يقومون برفع العلم العراقي، وبعد ذلك بشهر كان الباعة في الشوارع يقدمون على بيع الأعلام العراقية المصغرة عن العلم العراقي إلى السائقين.
كردستان، التي يحكمها السيد البرزاني، والتي ظلت الجزء المسالم الوحيد في العراق منذ لحظة سقوط صدام حسين في عام 2003م، تتكون من ثلاثة محافظات: أربيل، الدهوك، والسليمانية، وقد هرب إليها الكثيرون من بغداد في عام 1991، بعد انتفاضة الأكراد، وحمايتها بوساطة أمريكا عن طريق فرض عملية حظر الطيران.
العرب العراقيون، أصبحوا أكثر ضجراً ومللاً إزاء فكرة (الجيب الكردي المقدس) المعروف بتسمية الحكومة الإقليمية لكردستان (KRG) والتي أصبحت تتمتع بما يشبه الاستقلال. وحالياً، فإن تصميم الأكراد من أجل تمكين وجود أغلبية كردية في بقية مناطق شمال العراق، وبالذات في منطقة مدينة كركوك، بحيث يتسنى ضمها لحكومة كردستان الإقليمية، هو أمر سوف يؤدي إلى تعميق النزاع والصراع بين العرب والأكراد على الأرض.
العراق يمثل بالأساس مكاناً لحربين، الأولى بين المجتمع العراقي السنّي والولايات المتحدة، وقد بدأت في عام 2003، والثانية تتمثل في العنف والصراع الطائفي بين العرب السنة والشيعة، وقد بدأت في عام 2005م، والآن على ما يبدو، فإن العراق سوف يبدأ معاناة الحرب الجديدة الثالثة، والتي سوف تكون بين العرب والأكراد في المديريات والمقاطعات الشمالية.
والسبب الرئيس لحدوث هذا الأمر، هو المادة 140 من الدستور العراقي، الذي تمت الموافقة عليها في العام الماضي، والتي بموجبها نال الاكراد حق العودة إلى المناطق التي تم ترحيلهم وطردهم منها قبل أكثر من نصف قرن، وسوف يحدد التعداد السكاني من يعيش في هذه المناطق، والاستفتاء الذي سوف يتم إجراؤه في نهاية عام 2007م، سوف يحدد إمكانية ضم هذه المناطق إلى حكومة كردستان الإقليمية.
الخطة تتضمن تبعات ومضاعفات وتداعيات متفجرة، فالأكراد يزعمون أنهم يشكلون ثلث عدد السكان الكلي البالغ 7،2 مليون نسمة، في محافظة الموصل المجاورة، وأيضاً لديهم منطقة ضمن أراضي خناقين العراقية في منطقة ديالا التي تقع شمال شرق بغداد، وفي كل هذه الأحوال، لن يحدث شيء سوى تزايد العداء والخصومة بين السكان العرب والأكراد.
في مدينة الموصل، يتم يومياً اغتيال حوالي أربعة أو خمسة من الاكراد، وذلك على حد تعبير السيد خسرو قوران، نائب الحاكم في منطقة الموصل، وقد أضاف قائلاً: إن الأكراد قد تم إجبارهم على الرحيل خلال هذا العام، وبالذات من مدينة الموصل، وفي كركوك، هناك تفجيرات تستهدف مكاتب رئاسات الحزب الكردي، وأيضاً اغتيالات في صفوف الأكراد.. وفي ديالا، وبغداد، ومنطقة وسط العراق، بدأ الأكراد ينتقلون الى مناطق حكومة كردستان الإقليمية طلباً للملاذ الآمن والسلامة.
التعاون على المستوى القاعدي بين العرب والأكراد، أصبح حالياً أكثر صعوبة، وفي مدينة جلاولا المختلطة أكراد- عرب، والواقعة في محافظة ديالا، حدثت معركة بالبنادق بين أفراد عناصر الشرطة العرب والأكراد خلال الأسبوع الماضي، وذلك بسبب عملية تغيير ضابط شرطة كردي بضابط شرطة عربي، وأيضاً بسبب رغبة قائد الشرطة في المنطقة باستبدال بعض العناصر الأكراد بعناصر عربية.
من الناحية النظرية، الأكراد والعرب الموجودين في شمال العراق، هم وحدهم الذين سوف يحددون مستقبلهم على صناديق الاقتراع، وبما أن الحكومة في بغداد ماتزال ضعيفة، وسوف يصعب عليها القيام بتنظيم التعداد أو الاستفتاء.
السيد البرزاني، شديد الانتباه لمواقف حكومة بغداد، إضافة إلى أنه شديد الانتباه لسلطاته وصلاحياته، ويبدو أن ذلك يمثل خلفية قوله بأن العراق الجديد سوف يكون فيدرالياً، ولكن ربما تكون الفيدرالية هذه، مقررة ومفروضة بوساطة البندقية بدلاً من صناديق الاقتراع.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...