ماذا تفعل إذا اكتشفت إدمان ابنك على المواقع الإباحية..؟

19-03-2008

ماذا تفعل إذا اكتشفت إدمان ابنك على المواقع الإباحية..؟

مرحلة المراهقة.. أو ما يسمى بالسن الحرج, هي مرحلة يمر بها كل إنسان, وجسر ينقله من عالم الطفولة إلى عالم الشباب والمسؤولية.

يحمل الشاب أو الفتاة في سن المراهقة ملامح الكبار, لكنهم ما زالوا صغاراً في تفكيرهم, يشتهون اللعب لكنهم يخجلون, ويحاولون تقليد الكبار وهم يعرفون أنهم ليسوا كذلك.‏

يسعون لمعرفة كل شيء عن أنفسهم وعن الجنس الآخر, ويحرجون من السؤال, وإذا هم تزودوا بالشجاعة وسألوا, نرى أن معظم الآباء والأمهات يحاولون الهرب من الأسئلة, أو يمثلون أنهم مشغولون أو هم لم يسمعوا.‏

وربما يقولون وبمنتهى البساطة: (عيب أن تسألوا عن هذه الأمور..).‏

والنتيجة.. أن المراهق يسعى بنفسه إلى مصادر للمعلومات, وطبعاً لا يجد أسهل من المواقع المنتشرة على الانترنت وعلى الأقمار الصناعية الأجنبية, وأحياناً على الهاتف.‏

فكيف نصل بأولادنا إلى بر الأمان في ظل هذه المعطيات؟‏

لا يوجد إنسان دون لحظة ضعف, فالملائكة فقط لايخطئون, ومن طبيعة الإنسان أن يخطئ ليتعلم من خطئه, وعندما يقع الابن المراهق في مشكلة, يجب أن يجد إلى جانبه من يحميه, ويعلمه, يعاتبه, وربما يعاقبه, وليس أقدر على القيام بهذا العمل سوى الأب والأم أيضاً في أحيان أخرى.. والخطأ الأخطر الذي يقع به أبناؤنا في سن البلوغ هو الدخول إلى مواقع محظورة على الانترنت.‏

محمد - شاب في السادسة عشرة من عمره يتحدث عن تجربته عندما دخل على موقع للانترنت مع مجموعة من أصدقائه, يقول:‏

في البداية صدمت, وفوجئت بما يعرض أمامي, وأقنعت نفسي أن الإنسان يجب أن يعرف كل شيء, وصرت أشاهد بعض الأفلام الإباحية في غرفتي, وكنت أحصل على هذه الأفلام من أصدقائي,و الذين أثاروا شهيتي لمشاهدة هذه الأفلام عندما تحدثوا عنها بكثير من الغرابة والدهشة والإثارة.‏

ولا أستطيع نسيان تلك اللحظة عندما دخل والدي إلى غرفتي مصادفة ووقعت عينه على بعض المشاهد الإباحية, صحيح أنه لم يصرخ, لكني شعرت بغضبه وقال لي: لا حاجة لك بمعرفة هذه الأشياء, وخصوصاً أنك ما زلت في سن صغير, وأوضح أن هذا عيب وحرام.‏

وهل يكتفي الآباء بهذه الملاحظة, بالطبع لا, يقول السيد سامر, والد محمد: نحن في زمن التقنية والمعلومات, ولا غنى لنا عن الكمبيوتر والانترنت, لأنه بات من ضرورات الحياة, وهنا يتوجب علينا كآباء أن نوضح للأبناء ما هو جيد, وما هو سيئ, بعيداً عن العنف والقسوة, وتكثيف الرقابة, فعندما نمنع أبناءنا بطريقة قسرية, نضطره للجوء إلى طرق أخرى للوصول إلى ما يريده, وخصوصاً أنه أصبح من السهولة بمكان الحصول على أي معلومة أينما وجدت.. لذا من الأجدى أن نوضح للأبناء نتائج الدخول إلى هذه المواقع, ونفتح باب الحوار معهم, ونعلن أن الصراحة يجب أن تكون عنوان العلاقة بين الأبناء وذويهم.‏

لا يمكن تجاهل مرحلة المراهقة لدى أبنائنا, ومن الصعوبة أن تمر هذه المرحلة على أي أب أو أم دون وجود بعض الصعوبات والمواقف الإشكالية, فكيف تصرّف السيد محمود عندما اكتشف أن ابنه يدخل على مواقع إباحية؟‏

يقول: فوجئت, وأصابني الذهول عندما مررت بالمصادفة على غرفة ابني البالغ من العمر سبعة عشر عاماً, ولمحت بعض الصور غير اللائقة على شاشة الكمبيوتر, فأشعرته بوجودي, ومضيت, وبعد تفكير طلبت إلى صديق لي أثق به أن يكلمه على الهاتف ويقول له إنه من الشركة الدولية للانترنت, وإنه اخترق موقعاً إباحياً على الانترنت, وهذا الموقع له اشتراك شهري, وكونه دخل الموقع دون اشتراك يترتب عليه غرامة تقدر ب 500 دولار يجب أن يسددها خلال 24 ساعة.‏

فطلب الابن مهلة لا تتجاوز ال 24 ساعة, وبعد مرور هذا الوقت حدثه ثانية فطلب منه مهلة أخرى, وعندما لم يستطع تدبر الأمر, اعترف لي بما فعله, عندما أوضحت له حجم الخطيئة التي ارتكبها, وإنه بتصرفه غير الواعي يغضب الله, ويؤذي نفسه وصحته, وما قام به ليس بالسلوك الجيد, ولا يليق به, وإن هذه الغرامة ستقتطع من مصروفه, وذهبت معه في اليوم الثاني إلى صديقي, على أنني دفعت له الغرامة, وبدأت أحسم من مصروفه, ومن ذلك اليوم, بدأت مرحلة جديدة في حياته, فصار يصارحني بجميع ما يجول بخاطره, وفي الآن نفسه, لم أحرمه من استخدام الكمبيوتر, ولكن هذه المرة بتعقل ووعي.‏

يسعى الأهل دائماً ليكون أبناؤهم هم الأفضل, وتختلف طريقة التوجيه والإقناع لديهم, كل حسب إمكاناته الثقافية والاجتماعية, وكثير من الآباء في عالمنا العربي يجهلون الطريقة المثلى لمعالجة مشكلات العصر والتحذير من مخاطرها, من مثل (الأفلام, المخدرات, التدخين).. وينصح علماء التربية باتباع الخطوات التالية:‏

- إنشاء لغة الحوار مع الأبناء, وتوضيح مخاطر بعض السلوكيات والتحذير منها.‏

- المواجهة دون غضب, بل استبدال ذلك بالتوعية والتوجيه.‏

- لا بأس من وجود الكمبيوتر في غرفة الجلوس وأمام الجميع, لئلا تسوّل لهم نفسهم الدخول إلى مواقع قد تسيء لهم باكتسابهم سلوكيات غير صحيحة.‏

ولكن أين السيدة سميرة من هذه القواعد فقد منعت ابنتها من الذهاب للمدرسة, وأوصدت جميع وسائل الاتصال بالعالم الخارجي, في محاولة منها لتشديد الرقابة, والعقوبة, عندما اكتشفت أن ابنتها تحمل في حقيبتها بعض ال CD وعندما شاهدتها فقدت صوابها ومن ثم كادت تفقد السيطرة على نفسها, ولم يشف غليلها الضرب والصراخ الذي مارسته على ابنتها فمنعتها من الخروج إلى المدرسة ومتابعة تحصيلها العلمي.. فكيف السبيل لتعود هذه الأم إلى رشدها؟‏

يجد د. أحمد الأصفر الأستاذ في كلية التربية أن الموضوع يحمل جانبين, الأول وقائي, والثاني علاجي..‏

ويتمثل الجانب الوقائي بشكل أساسي بالنسبة للأبوين, فلا يجوز أن يتركوا فرص وصول الأبناء إلى مثل هذه القنوات الفضائية, أو تداول هذا النوع من الأفلام, ويكون التواصل هو عنوان العلاقة مع الأبناء, ويعيد أسباب المشكلة بدوره إلى وجود الفجوة بين الآباء والأبناء, فيبحث الأبناء عن وسيلة لتلبية حاجاتهم بمعزل عن الأهل, أما عندما يتوفر التواصل وتنعدم الفجوة تبقى عملية التواصل هي البديل, وفي حال حدوث المحظور رغم الاحتياطات كافة, ندخل في مرحلة الجانب العلاجي, وتتدخل الأم بشكل مباشر وواضح, لتوضيح الجوانب السلبية والمخاطر الاجتماعية والأخلاقية التي يمكن أن تترتب على مشاهدة هذا النوع من الأفلام.. والاستعانة بالقيم الاجتماعية والدينية التي تحظر مثل هذه السلوكيات لما لها من مخاطر تصيب أمن الأسرة وأمن المجتمع.‏

إن انتشارهذه الظاهرة في المجتمع بين الصغار والشباب يشكل تهديداً نفسياً واجتماعياً لهذه الشريحة الواسعة من أبنائنا.. وهذه المشكلات المسكوت عنها, لا يجوز تجاهلها, لأن التجاهل لا يحل المشكلة بل يساعدها على النمو والازدياد, إلى أن تصبح كارثة تهدد المجتمع بأكمله.. لذا علينا أن نخلق حواراً مع الأبناء, ونكون أصدقاء لهم, ونشبع فضولهم ونعلمهم الحياة بشكل سليم.‏

فاتن دعبول

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...