جورج موستاكي.. في ذمّة الموسيقى

24-05-2013

جورج موستاكي.. في ذمّة الموسيقى

غيّب الموت أمس، صوت وكلمة ولحن الأغنية الفرنسية الملتزمة جورج موستاكي، عن عمر يناهز الـ79 عاماً، ليفتقد العالم بعده إلى هذه الشخصية الفذة التي تغادر اليوم مكانها في الحياة ولكن ليس في التاريخ.
ولد موستاكي في مدينة الإسكندرية في مصر، في الثالث من أيار العام 1934، من والدين يونانيين، واسمه الأصلي جوسيبي موستاكي، ما سمح له أن يكون صفحة بيضاء فتحت طاقاتها وإمكاناتها لتكون مرقداً لثقافات مختلفة ولغات عدة. فموستاكي موهبة أتقنت لغات عدة كالفرنسية والعربية والإيطالية واليونانية والتركية والانكليزية.موستاكي عندما كان في باريس في العام 1970 (أ ف ب)
وصل موستاكي إلى فرنسا في العام 1951، حيث كانت بداياته في كتابة الشعر وفي التلحين والغناء. وكان لقاؤه بالمغنية الشهيرة إديت بياف تحولاً في مسيرته، فبعدما كتب لها أغانيَ عدة اشتهرت عالمياً، ولا تزال حتى اليوم تصدح في صالات الحفلات الموسيقية الكبيرة، بدأ العمل مع مغنين عدة إلى أن تعرف على سيرج ريجياني.
وريجياني هو مغن فرنسي من جذور إيطالية عرف بانضمامه إلى تيار الأغنية والموسيقى الملتزمتين، كما عرف بقدراته المسرحية عند أداء الأغنية.
أثمرت الصداقة بين ملتزمين سياسيين وفنيين عن عشرات الأغاني التي كتبها ولحنها موستاكي ليغنيها ريجياني بحس مسرحي ينفخ فيها الحياة.
كان موستاكي أكثر من مغن أو ملحن بعيد عن واقع الأمور، إذ أن أغانيه كانت دائماً لتعكس موهبته في تصوير الواقع والحدث بالكلمات وبالألحان.
وكتب موستاكي حوالي 300 أغنية لأكبر المغنين الفرنسيين مثل داليدا، وإديت بياف، وإيف مونتان، قبل أن يغني بنفسه أغنياته الناجحة. ومن أشهر أغانيه «ميلور» في العام 1958، التي كتبتها إديت بياف وترجمت في العالم بأسره. ومن ثم «لو ميتيك» في العام 1969 التي غنتها أولا بيا كولومبو، فيما انتشرت لازمتها في العالم بأسره.
وتحولت الكثير من أغانيه إلى أغان كلاسيكية، كتلك التي أداها في العام 1966 سيرج ريجياني «سارة»، و«ما ليبيرتيه»، و«ما سوليتود»، و«فوتر في آ فانتان»، فضلاً عن «لا دام برون» (باربرا في العام 1968) و«جوزف». وكان موستاكي رساماً أيضاً، يتقن لغات عدة ويقيم منذ أكثر من 40 عاماً على جزيرة «سان لوي» في باريس.
وفي أيار من العام 1968، برز موستاكي آخر، هو موستاكي الأغنية الملتزمة التي استوحاها من أحداث فرنسا في أيار العام 1968، ولا تزال حتى اليوم عبارات تتناقلها الأجيال لتعبر عن غضب هذه الحقبة.
وفي خضم هذه الأحداث، عندما عاشت فرنسا موجة من التظاهرات التي جسدت مرحلة هامة من تاريخ البلاد، ومرحلة بارزة تميزت بالاحتجاج العفوي والطبيعي والثقافي والسياسي ضد المجتمع التقليدي والرأسمالية والامبريالية، أثبت موستاكي من جديد موهبة في الانضمام إلى حركة الشارع، وعندها ظهرت أغنيته «الأجنبي» والتي ترجمت وتم أداؤها بـ12 لغة.
وفي العام 1969 انضم هذا الشاب، ذو الشعر الطويل والابتسامة الهادئة والبساطة والموهبة، إلى قافلة «الشعراء» الملتزمين، ورفع، في أغان أصدرت لاحقاً، الراية البيضاء داعياً إلى السلم والإنسانية، مستوحياً فيها من صور علقت في ذاكرته من طفولة في الإسكندرية ومن اليونان.
خلال 79 عاماً، لم يتوان موستاكي عن تجسيد صلة الوصل بين الكلمة والواقع وبين اللحن والعمق الإنساني والكلمة القوية.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...