تركيا: عملية سرية كبرى للإطاحة بحزب العدالة والتنمية

10-06-2008

تركيا: عملية سرية كبرى للإطاحة بحزب العدالة والتنمية

الجمل: تمثل تركيا –منذ القدم- مكاناً وموقعاً يتميز بأهميته الجيوستراتيجية لكل القوى العالمية التي سعت إلى السيطرة على العالم، والقيام بعملية بناء الإمبراطوريات الكبرى، وحالياً وعلى خلفية صعود قوة أمريكا وتزايد المساعي من أجل توطيد دعائم المشروع الأمريكي – الإسرائيلي في المنطقة، لم يعد الصراع على تركيا مجرد صراع بين قوى خارجية وقوى داخلية فقط، وإنما صراعاً بين القوى الداخلية التركية نفسها، وتأكيداً على ذلك فقد كشفت التسريبات الاستخبارية الواردة في بعض المواقع الإلكترونية الأمريكية عن عملية سرية كبرى تجري وقائعها داخل تركيا من أجل الإطاحة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يسعى من أجل إدماج تركيا ضمن بيئتها الشرق أوسطية.
*ماذا تقول التسريبات:
حاول العديد من رؤوساء الوزراء الأتراك القضاء على ما يعرف بـ"دولة الظلام" التي تتمثل في مجموعة علمانية يمينية متطرفة تتكون من عسكريين وضباط مخابرات وقضاة ورجال أعمال وجماعات الجريمة المنظمة.
تمثل جماعة دولة الظلام جزءاً من عملية سرية يشرف عليها حلف الناتو واسمها الكودي "عملية غلاديو" وقد انطلقت هذه العملية في فترة الحرب الباردة، وتتبنى تطبيق استراتيجية التوتر وكانت هذه الجماعة مسؤولة عن اغتيال بضعة آلاف من الأتراك وتنفيذ العديد من الانقلابات العسكرية التي تمت تحت توجيهها وإشرافها. ثم عادت هذه الجامعة مرة أخرى للعمل، الكيان الذي أنشأه جنرال عسكري تركي سابق ظل يعمل من أجل السيطرة على الأوضاع السياسية والاجتماعية في تركيا، وهو ما أشارت إليه صحيفة "تاراف" اليومية في عدد نهاية الأسبوع الماضي.
تحمل هذه الجماعة اسم "جماعة العمل الجمهوري" ويطلق عليها باللغة الإنجليزية اختصاراً تسمية "CCG" وهي شبيهة بجماعة العمل الغربية، والمعروفة بنشاطها الفاعل إزاء معظم الوقائع والأحداث التي أدت إلى التدخل العسكري الذي جرى في تركيا في 27 شباط 1997م والذي أطاح بالحكومة التركية الموجودة آنذاك.
جماعة دولة الظلام التركية "CCG" تمثل الكيان السري الذي يقوم بممارسة الضغوط وأنشطة اللوبي السرية داخل تركيا، وتقول التسريبات بأن هذه الجماعة قد حضرت في عام 2004م لانقلاب آخر في تركيا عندما فاز حزب العدالة والتنمية آنذاك بالانتخابات المحلية في تركيا.
لم تقم السلطات التركية آنذاك بتقديم عناصر دولة الظلام إلى المحاكمة برغم انكشاف المخطط، وبدلاً عن ذلك، قامت باستجواب رئيس تحرير المجلة التركية التي كشفت المخطط والأدلة وإضافةً لذلك أصدرت السلطات التركية قراراً بإغلاق المجلة!!
عودة ظهور هذه الجماعة تعتبر مؤشراً على وجود الأنشطة الجديدة التي تمثل تهديداً مباشراً للحكومة التركية وحالياً يعاني حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رئيس الوزراء أردوغان من المتاعب، فقد مرر تعديلاً دستورياً يسمح بارتداء الحجاب في الجامعات، وبالمقابل صوتت المحكمة الدستورية بنسبة 9 إلى 2 لصالح أن قرار التعديل غير دستوري ويشكل خطراً على النظام العلماني.بهذا التصويت وضعت المحكمة نفسها ضمن معسكر حملة جماعة " دولة الظلام" وأصبحت تقف ضد الحكومة التركية التي تتمتع بسند وتأييد أغلبية الشعب التركي بالإضافة إلى قيام المدعي العام التركي بمحاولة حظر حزب العدالة والتنمية، وحصل الحزب على 48% من أصوات الرأي العام التركي قي الانتخابات الأخيرة وتجربته في الحكم حتى الآن تتمتع بالنجاح والتأييد الشعبي الداخلي، وتقول المعلومات بأن حزب العدالة والتنمية ينظر الآن في فكرة الاستعداد لخوض انتخابات جديدة وتحقيق الفوز فيها بما يؤكد مرة جديدة بأنه يتمتع بتأييد ودعم الشعب التركي.
كشفت المعلومات عن أن جماعة دولة الظلام التركية برغم تبنيها لمبدأ علمانية الدولة والليبرالية فإنها جماعة يمينية معادية للديمقراطية ودولياً تتمتع بدعم وتأييد إسرائيل وجماعة المحافظين الجدد وقبل بضعة أيام نشر الموقع الإلكتروني التابع لمعهد المسعى الأمريكي الليكودي التوجهات مقالاً أعده اليهودي الأمريكي والخبير في شؤون الشرق الأوسط مايكل روبين أطلق فيه على رئيس الوزراء التركي أردوغان لقب بـ"بوتين تركيا" وطالب فيه بتقديم أردوغان للمحاكمة..
الانقلاب ضد أردوغان سواء كان بواسطة البنادق أو بواسطة القضاة المتطوعين سيؤدي إن حدث وتحقق إلى دفع أنصار الحزب إلى التطرف، وسيؤدي إلى رفع درجة حرارة الشرق الأوسط بمئات الدرجات.
* المسرح السياسي التركي وخلفيات "عملية غلاديو":
تستخدم كلمة غلاديو الحالية بكثافة في اللغة الإيطالية المعاصرة ويعود أصلها إلى اللاتينية "غلاديوس" والتي تعني السيف.
الاسم الكودي "عملية غلاديو" هو الاسم الذي أطلقه خبراء العمليات العسكرية السرية في جهاز المخابرات في حلف الناتو على عملية بدأت صغيرة داخل إيطاليا في الحقبة التي أعقبت انتهاء الحرب العالمية الثانية ثم توسعت لتشمل كل البلدان المنضوية ضمن الحلف، وبالطبع تركيا المنضوية ضمن حلف الناتو.
ولاحقاً توسع نطاق عملية غلاديو ليضم العديد من البلدان غير المنضوية ضمة الحلف وعلى وجه الخصوص البلدان التي تقع في المناطق المجاورة لنطاق الحلف الجغرافي.
ظل الجيش التركي وأجهزة المخابرات التركية يمثلان أبرز الأدوات التي نجحت مخابرات حلف الناتو في توظيفها واستغلال قدراتها في تنفيذ مخطط غلاديو والتي كانت في معظم الأحيان تنفذ بواسطة الأطراف التركية تحت غطاء مضلل، بحيث لا يعرف الأتراك عن حقيقة العملية شيئاً فالكثير من الاغتيالات والعمليات السرية نفذتها الأجهزة التركية في دول الناتو والدول المجاورة لنطاق الناتو باعتبارها واجبات تركية.
الآن، وعلى خلفية الصراع الدائر داخل تركيا تقول التحليلات والتوقعات بأن عملية غلاديو ستكون حاضرة وملقية بظلالها وتداعياتها على التفاعلات الدراماتيكية الجارية حالياً.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...