تركيا: توترات عرقية مع الأكراد البرلمان يتحضر لتجديد التفويض للعسكر

04-10-2008

تركيا: توترات عرقية مع الأكراد البرلمان يتحضر لتجديد التفويض للعسكر

قبل حوالي العام تكثفت عمليات حزب العمال الكردستاني عبر الحدود العراقية ضد القوات التركية، وأوقعت عددا كبيرا من القتلى في صفوف الجنود الأتراك، استدعت استنفارا وغضبا وتصاعدا في المطالبة بمهاجمة عناصر الحزب في معاقلها في شمالي العراق.
وكان موقف الحكومة التركية مترددا، لأنها لم تكن تريد الانغماس في المستنقع العراقي، والانحراف عن ملف الإصلاح الداخلي الذي كان ملتهبا مع طرح مشروع الدستور الجديد، لكنها رضخت للأمر الواقع، وحتى لا تتهم بأنها تفرط بدماء أبنائها.
وكان البرلمان التركي وافق في تشرين الأول العام ٢٠٠٧ على طلب الحكومة إرسال قوات خارج الحدود، وتحديدا إلى المناطق التي يتواجد فيها حزب العمال الكردستاني شمالي العراق.
اليوم تنتهي مهلة المذكرة، والقوات التركية طلبت من الحكومة تجديدها، وهذا يتطلب من جديد موافقة البرلمان التركي الذي سيعقد جلسة له في الثامن من تشرين الأول الحالي.
الجيش التركي يريد استصدار المذكرة، والحكومة لم تظهر أي موقف مغاير، فيما لا يتوقع أن يعارض حزب الشعب الجمهوري هذا الأمر، ويبدو أن تمرير المذكرة في البرلمان حتمي.
لكن صحيفة »زمان« تلفت إلى أن المذكرة الجديدة لا تشهد أي نقاش ولا تقويم لمحصلة سنة من المذكرة المنتهية. وتتساءل هل هذا يظهر بعد نظر حزب العدالة والتنمية أم انه تسليم بما يريده العسكر؟. وتضيف لقد أعطى العسكر شيكا على بياض على امتداد سنوات، وأنفقت مليارات الدولارات وسقط آلاف الشهداء. وهذا يظهر أن التعامل مع المشكلة بالأسلوب العسكري فقط لم ولن ينجح، وهذا يتطلب أن تعطى الفرصة للحكومة لمقاربة المشكلة بطريقة مختلفة غير عسكرية، قبل أن تطلب موافقة البرلمان على مذكرة جديدة لإرسال القوات خارج الحدود، فالناس في جنوب شرق تركيا تريد السلم والاستقرار، ويجب على السياسيين إيجاد الحل.
ولا شك أن الوضع اليوم مختلف بعض الشيء مع وجود رئيس جديد للأركان هو ايلكير باشبوغ الذي كان رأس العمليات العسكرية السابقة في شمال العراق وداخل تركيا ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني، ولن يرضى إلا بتفويض جديد للعسكر لمواصلة العمليات العسكرية عندما تدعو الحاجة.
وفي ظل انغماس حزب العدالة والتنمية بملف حظره الذي تجاوزه بصعوبة وان ليس بصورة نهائية، وفي ظل رسم شكوك حول تورط بعض أعضاء الحزب في قضايا فساد والسجالات الحادة غير المسبوقة بين رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان وبعض أصحاب الصحف الكبرى، فإن قدرة الحكومة والحزب على الممانعة في مواجهة المطالب العسكرية تبدو ضئيلة جدا.
ومن الأمثلة على ذلك أن طلب المدعي العام حظر حزب المجتمع الديموقراطي الكردي والذي يتوقع أن تتخذ المحكمة الدستورية قرارها بشأنه قريبا، لم يشهد اعتراضات جدية من جانب حزب العدالة والتنمية بخلاف القضية التي رفعت ضده، كما لو أن إغلاق الحزب الحاكم يهدد الحريات والديموقراطية فيما لا يهدده إغلاق حزب المجتمع الديموقراطي!.
ويحذر الكاتب المعروف طه آقيول من الحادث العنصري الذي حصل في مطلع الشهر الحالي في قضاء ألتينوفا في محافظة باليق أسير، حيث اقتحم شاب كردي بسيارته حشودا من الناس وقتل اثنين، وكانت النتيجة ردود فعل غاضبة رفعت شعار »باليق أسير لنا وستبقى لنا«، موضحا أن في ذلك خطورة كبيرة كما لو أنهم يقولون انه ليس في المحافظات الغربية مكان للأكراد.
كذلك لم يجد المدعي العام كلام احدهم من أن الغرب التركي ليس آمنا للأكراد، ما يتعارض مع الدستور علما أن الدستور يدرج ذلك في باب التحريض العرقي!.
ويقترح أقيول على رئيس الأركان الجديد أن يقرأ احد الكتب الذي يظهر كيف أن سياسات الإنكار التركية للهوية الكردية تساهم في تصعيد النزعة القومية الكردية التي هي بمثابة السمن على خبز النزعة الانفصالية لحزب العمال الكردستاني.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...