تركيا: الحجاب.. القميص الأسود للفاشية الجديدة!

21-04-2008

تركيا: الحجاب.. القميص الأسود للفاشية الجديدة!

يسود تركيا بعد عواصف الأسابيع الأخيرة، هدوء مشوب بالمناكفات الغامضة استعدادا لمرحلة ستحمل تغيرات في المشهد السياسي الداخلي تكون لها ايضا تداعيات خارجية، اول مؤشراتها زيارة رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه باروسو الى انقرة كاريكاتور للفنان التركي سلجوق ديميريل في «لوموند» الفرنسية عن العلم التركي والحجابفي محاولة لرسم اطر استيعاب الوضع الداخلي المتوتر.
ولعل تغيير تكتيك حزب العدالة والتنمية من ابرز علامات هذه المرحلة من خلال مواجهة دعوى اغلاقه من جانب المحكمة الدستورية باستجلاب الدعم الأوروبي وتلبية احد اهم مطالب الاتحاد الأوروبي وهو تعديل المادة 301 من قانون العقوبات التركي التي طارت شهرتها الى خارج الحدود والتي بموجبها يحاكم كبار المفكرين مثل الروائي اورخان باموق والروائية ألف شفق والصحافي الأرمني الراحل هرانت دينك. وعلى هذا، مر مشروع تعديل المادة في لجنة العدل في انتظار عرضه على البرلمان.
والتعديل الأبرز على المادة هو استبدال مصطلح «الوجود التركي» العام بعبارة «الأمة التركية» الأكثر محدودية في معرض تهمة التحقير. كذلك تخفيض مدة العقوبة من ثلاث سنوات الى سنتين. والأهم اخذ اذن من وزير العدل قبل اي ملاحقة لأي متهم ما يصعب عملية فتح الدعاوى. وكان من رأي رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان ان يكون الإذن من رئيس الجمهورية لكنه استجاب لطلب المعارضة حول أخذ الأذن من وزير العدل املا في الحصول على موافقتها ايضا على تعديل القانون.
مع ذلك، ترى المعارضة ان تعديل المادة 301 جاء متسرعا ويشجع على التطاول على الأمة التركية وبناء لإملاءات الاتحاد الأوروبي. وقد اعلنت احزاب اليسار واليمين القومي انها ستعارض التعديل فيما ايده حزب المجتمع الديموقراطي الكردي الذي يواجه بدوره كما حزب العدالة والتنمية خطر حظره من المحكمة الدستورية.
وبموجب التعديل المقترح، ستسقط جميع الدعاوى التي لا تزال مستمرة في القضاء إلا اذا اعطت وزارة العدل الإذن لبعضها بالاستمرار. ويقدر عدد الدعاوى القائمة 527 علما انه قد حكم بموجبها منذ العام 2003 وحتى الان على 745 شخصا. والجدير بالذكر ان هذه المادة وضعت في السنوات الأولى للجمهورية في عهد مصطفى كمال اتاتورك وكانت حتى العام 2004 تعرف بالمادة 159 حين عدلت واصبحت المادة 301 من قانون العقوبات.
وتعديل هذه المادة يشكل الخطوة الأولى في مسار لا يزال غير واضح في الخطوات الواجب اتخاذها لقطع الطريق امام اغلاق حزب العدالة والتنمية. وتعلو اصوات من داخل حزب العدالة والتنمية تدعو للذهاب الى انتخابات مزدوجة نيابية وبلدية بل يتم تحديد موعد لها في 29 حزيران المقبل اي قبل اتخاذ المحكمة الدستورية قرارها. ويرى هؤلاء ان اشراك الشعب في القرار هو الرد الأفضل على الانقلاب القضائي الحاصل حاليا ولم يكتمل بعد.
ذلك ان حظر حزبين، العدالة والتنمية والمجتمع الديموقراطي، يمثلان نصف المجتمع التركي وكل المجتمع الكردي، يعني الغاء ارادة نصف الناخبين ولما يمر على الانتخابات النيابية ثمانية اشهر وهذا امر خطير وسلبي جدا.
وتشير اوساط حزب العدالة والتنمية الى التمييز في التعامل مع القضايا المرفوعة امام المحكمة الدستورية. فدعوى الغاء ارتداء الحجاب في الجامعات رفعت في 27 شباط الماضي وحتى الآن لم يقدم كاتب المحكمة المكلف، تقريره لتباشر المحكمة درس القضية بينما دعوى اغلاق حزب العدالة والتنمية رفعت في 14 آذار ولما يمضي اسبوعان حتى كان تقرير الكاتب جاهزا.
وفي اشارة اخرى على انحياز القضاء التركي وعدم استقلاليته، الضجة التي رافقت تسريب خبر من ان قائد القوات البحرية في ربيع العام ,2007 ينير قره خان اوغلو، اتصل حينها بعضو المحكمة الدستورية سردار اوزغولدور وهو من اصول عسكرية في القوات البحرية وطلب منه الا تعيق المحكمة الدعوى التي رفعها حزب الشعب الجمهوري لاشتراط الثلثين نصابا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية وبالتالي عرقلة انتخاب عبد الله غول رئيسا للجمهورية «وإلا فإننا سنقوم بانقلاب عسكري».
ومع ان قره خان اوغلو نفى ذلك وكذلك رئيسة المحكمة حينها تولاي طوغجو لكن المعلق البارز فهمي قورو يتساءل عن سر مصادفة نشر القاضي السابق صبيح قناد اوغلو مقالة عن ضرورة اشتراط الثلثين لنصاب جلسة انتخاب الرئيس قبل جلسة انتخاب الرئيس ثم تقديم حزب الشعب الجمهوري دعوى بنفس نص المقالة ثم انذار الجيش الالكتروني في 27 نيسان وكل ذلك قبل اربعة ايام فقط من قرار المحكمة؟.
من جهة اخرى، شنّ نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري والرجل الثاني فيه اونور اويمين هجوما عنيفا على الحجاب في تركيا واصفا اياه بأنه مثل القمصان البنية للنازيين الألمان او القمصان السود للفاشيين الإيطاليين. وقال في ندوة في واشنطن، ان اردوغان بضغط من المتدينين في حزبه يواجه خطر انتهاء مسيرته السياسية. واعتبر ان العلمانية جزء اساسي للديموقراطية في البلدان المسلمة. وسخر من مقولة الاسلام المعتدل وقال انها مثل «لايت كوكاكولا» او المرأة نصف الحامل. وقال «اما ان تطبق قواعد القرآن في الحياة والقضاء والتعليم وادارة الدولة وإما لا تطبق».
لكن الكاتب العلماني اليساري الاخر اورال تشاليشار قال في الندوة ذاتها ان اغلاق حزب العدالة والتنمية سيدفع تياره للنزول تحت الأرض والى تنامي تنظيم القاعدة في تركيا بسرعة والى تعزيز الاتجاهات الراديكالية فيها.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...