تداعيات الانتخابات العراقية وتأثيرهاعلى القوام السياسي الداخلي

28-01-2009

تداعيات الانتخابات العراقية وتأثيرهاعلى القوام السياسي الداخلي

الجمل: دخلت الساحة السياسية العراقية مرحلة جديدة من التوترات بسبب اقتراب موعد الانتخابات المحلية العامة، التي ستتم بشكل متزامن في كل المحافظات العراقية. وتقول المعلومات أن هذا الأسبوع وبعد فترة انتظار وترقب دامت أكثر من عام، سيتقدم الناخبون العراقيون لاختيار مجالس المحافظات الخاصة بهم.
* القوام السياسي العراقي:
بعد قيام القوات الأمريكية بغزو واحتلال العراق وإكمال الإطاحة بنظام صدام حسين، سعت سلطات الاحتلال الأمريكي إلى التأسيس الجديد لتنظيم الدولة والحكم في العراق وفقاً للنموذج الأمريكي المعد سلفاً، وعلى هذه الخلفية أصبحت هيكلية النظام السياسي العراقي على الشكل الآتي:
• مؤسسة الرئاسة: ويتم انتخاب الرئيس العراقي بالانتخابات.
• مؤسسة السلطة التنفيذية: يتم اختيار رئيس الوزراء العراقي بواسطة البرلمان.
• مؤسسة السلطة التشريعية: ويتم اختيار أعضاء البرلمان بالانتخابات العامة.
هذا على مستوى قمة الهرم لسلطة الدولة أما على مستوى القاعدة فد نظمت سلطات الاحتلال الأمريكية العراق على أساس اعتبارات أن يشكل نظام الحكم المحلي القاعدة الأساسية على المستوى الجغرافي الجهوي الذي يشمل المحافظات والبلديات والمحليات العراقية.
* ماذا تحمل التداعيات الجديدة للانتخابات المحلية العراقية؟
تقول التحليلات بأن الصراع السياسي العراقي – العراقي سيشهد تطوراً جهوياً جديداً. بكلمات أخرى فإن الصراع لن يكون مسرحه هذه المرة بغداد، وإنما سينتقل إلى المسارح العراقية الإقليمية.
التطور الجهوي في الصراع السياسي سيترتب عليه تطور نوعي في طبيعة الصراع السياسي للأسباب التالية:
• الصراع السياسي في مسرح العاصمة السياسية كان يدور بشكل أساس بين الأطراف الإقليمية الرئيسية الثلاثة: تكتل الجنوب، تكتل الوسط، تكتل أكراد  الشمال.
• انتقال الصراع السياسي إلى الأقاليم سيترتب عليه صراع سياسي شيعي – شيعي في الجنوب، وسني – سني في الوسط، وكردي – كردي في الشمال.
وتشير المعلومات إلى أن التنافس الشيعي – الشيعي في الجنوب ستدور رحاه بين أنصار رئيس الوزراء نوري المالكي زعيم حزب الفضيلة، وأنصار عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، ونلاحظ هنا أن حلفاء اليوم في بغداد سيكونان خصمين الجنوب، والشيء ذاته بالنسبة للزعماء السنة المتحالفين داخل الحكومة والبرلمان.
إضافة لاحتمالات أن تؤدي توترات الانتخابات المحلية في قاعدة السلطة إلى التأثير على تحالفات بغداد التي تمثل قمة هرم السلطة، فإن بعض العوامل ستبرز لجهة التأثير على مجرى الانتخابات ومن أبرزها:
• ستتأثر نتيجة الانتخابات في جنوب العراق بموقف أنصار التيار الصدري الذين يمثلون الكتلة الانتخابية الأكبر، بكلمات أخرى، فإن الطرف الذي يحصل على أصوات أنصار التيار الصدري سيكون الطرف الفائز ولكن إذا قاطع الصدريون الانتخابات فإن هذا معناه مقاطعة الأغلبية للانتخابات وبالتأكيد سيؤدي إلى إضعاف مصداقية السلطات المحلية وتقويض مصداقية سندها الشعبي.
• ستتأثر نتيجة الانتخابات المحلية في وسط العراق بالانقسامات الحادة وعلى وجه الخصوص دخول جماعات الصحوة وهي الجماعات المرتبطة بسلطات الاحتلال الأمريكي والتي يتزعمها أبو ريشة "الثاني" الذي جاء خلفاً للزعيم العشائري السابق للتيار أبو ريشة "الأول" الذي اغتالته المقاومة العراقية.
هذا، وتنشير التوقعات إلى احتمالات حدوث المزيد من الاغتيالات والتفجيرات بما قد يؤدي إلى استهداف بعض الزعماء والعناصر المحلية ومن الممكن أن تترتب على الاغتيالات العراقية المتوقعة ظهور العديد من النماذج من نوع أبو ريشة "الثالث" و"الرابع"..
* النظام الانتخابي العراقي: بين السياق الكلي والسياق الجزئي:
من الواضح أن الانتخابات المحلية العراقية ستلقي بظلالها على توازن القوى بين تحالف المتعاملين العراقيين المسيطر في بغداد وعلى سبيل المثال لا الحصر ستحاول الأطراف المنتصرة في الانتخابات المحلية الحصول على وزن أكبر للقيام بدور أكبر في العملية السياسية، وعلى وجه الخصوص تلك التي ما زالت تجري وراء أبواب وكواليس المنطقة الخضراء.
إذا نجحت المعارضة العراقية في السيطرة على مجالس المحافظات فإن التناقض سيكون كبيراً وعدائياً بين تحالف كبار المتعاملين المسيطر في بغداد وتحالف صغار المتعاملين الذي يسيطر على مجالس المحليات وهذا معناه بوضوح بداية مقدمات التمرد الإقليمي على سلطة بغداد وهو تمرد بالأساس موجود بسبب نشاط فعاليات المقاومة العراقية ولكنه سيتزايد أكثر فأكثر بسبب بروز ظاهرة صراع المتعاملين الذي قد يحدث بين المركز والأطراف.
عموماًَ، وبغض النظر عن البرلمان العراقي ومجالس المحافظات العراقية وغير ذلك من مؤسسات السلطة الكرتونية التي أقامها الاحتلال الأمريكي في العراق فإن الشعب العراقي هو الذي سيحدد بقيادة المقاومة العراقية عملية السلطة والحكم وما حالة الهدوء النسبي الموجودة حالياً في العراق سوى رغبة العراقيين إعطاء الإدارة الأمريكية الجديدة الفرصة لسحب قواتها من العراق ولكن بكل أسف فإن هذه الإدارة وتحالف المتعاملين قد سعى من جهة أخرى إلى استغلال الهدوء النسبي وإجراء الانتخابات المحلية بما يؤدي إلى إقامة المجالس والتي من غير المؤكد أن تستمر طويلاً إذا استمر الاحتلال.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...