تخريج أئمة ومرشدين في فرنسا تابعوا دروساً في معهد كاثوليكي

23-11-2008

تخريج أئمة ومرشدين في فرنسا تابعوا دروساً في معهد كاثوليكي

شهد مسجد باريس الكبير بعد ظهر أول أمس حدثاً غير مسبوق على صعيد موقع الإسلام والمسلمين في فرنسا، من خلال تخريج الدفعة الأولى من أئمة المساجد والمرشدين الدينيين، الذين جرى تأهيلهم في فرنسا لمدة اربع سنوات، بالتعاون بين “معهد الغزالي” التابع للمسجد والمعهد الكاثوليكي في باريس.

وقد حضر حفل التخريج عميد جامع باريس الكبير دليل ابو بكر، ورئيس مكتب شؤون العبادة في وزارة الداخلية والاديان بيرنار غودار، وعمدة الدائرة الخامسة في باريس جان تيبيري.بالاضافة الى ممثلين عن بعض السفارات العربية والاجنبية.

وقد ضمت الدفعة من المتخرجين 40 إماما ومرشدا من بينهم 11 امرأة، ومنهم من يتحدر من اصول غير عربية، فرنسية وافريقية.

وتحدث ابو بكر عن خصوصية هذا الحدث، لكون المساجد واماكن العبادة الاسلامية في فرنسا بحاجة ماسة للائمة والمرشدين الدينيين الواعين بشؤون الدين الاسلامي من جهة، وبالمجتمع الفرنسي العلماني وثقافته والقوانين العامة من جهة ثانية، وذلك في إطار مواءمة الاسلام مع القوانين في فرنسا، في إطار احترام قيم الجمهورية الفرنسية.

ولذلك خضع الأئمة لعملية تأهيل مزدوج تركزت الناحية الاولى على الجانب الديني النظري الخاص بحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ومن ثم الالمام بأصول الحديث والشريعة في صورة تامة. والناحية الثانية هي دراسة الفلسفة الغربية، والاطلاع على طرق التفكير والقوانين المسيرة لفرنسا.

وقال ابو بكر في تصريح خاص ل “الخليج” ان التوجه لتأهيل الأئمة في فرنسا نابع من الرغبة في الحد من عدد الأئمة الذين يأتون من الخارج، وهم لا يتقنون لغة البلد، وليسوا على المام بثقافته وعاداته وتقاليده.

وأضاف ان الامر تمليه ثلاثة تحديات يواجهها الاسلام اليوم هي، أولاً الموقف من العلمانية، وأوضح ان الأئمة يتلقون في هذا الاطار دراسة انطلاقا من فلسفة الانوار، ومبادئ الجمهورية الفرنسية في الحرية والإخاء والمساواة.

والتحدي الثاني هو الحداثة، فالقرآن الكريم حث المسلم على ان يعيش عصره وزمنه ليكون شاهدا عليه. وقال نحن نركز على هذا الجانب.

اما التحدي الثالث فهو يتمثل في الاصولية، وقال ابو بكر انه من الهام جدا شرح نظرة الدين الاسلامي القائم على التسامح، والذي يرفض الارهاب بشتى اشكاله، ويدعو للوئام واحترام الآخر.

وأوضح ان مسجد باريس طلب من جامعة السوربون، ان تتولى القسط الثاني من عملية تأهيل الائمة في ما يخص الفلسفة والقانون والحقوق، ولكنها اعتذرت عن ذلك، ولذا جرى اللجوء الى المعهد الكاثوليكي الفرنسي الذي تولى القضية وانجزها على اتم وجه، ولذا نحن في غاية الرضا عن النتائج التي تحققت حتى الآن.

ورداً على سؤال حول دور المساجد في هذه الحالة، وهل تلعب دورا في تأهيل النشء والشباب المسلم، قال ابو بكر بالنسبة لنا ان المسجد هو مكان التأهيل الأساسي، ولكن للضرورة احكام ولذلك لجأنا لهذه الطريقة، فمعهد الغزالي التابع للمسجد افتتحناه سنة ،1993 وهو يلعب دورا كبيرا على صعيد التوعية والتأهيل.

ووصف بيرنار غودار ممثل وزارة الداخلية والاديان الفرنسية الشريكة في المشروع والمشرفة العامة على قسم منه، التجربة بأنها ناجحة جدا، وهي ضرورية لتمكين الأئمة من فهم المجتمع الفرنسي وآليات تطوره وطبيعة حياته وتفكيره والقوانين التي يعمل بمقتضاها، فهؤلاء في نهاية المطاف سوف يعيشون وسط هذا المجتمع، ويتوجب عليهم هنا ان يدرسوا هذه الامور بتعمق، لانهم سيلعبون دور الوسيط بين المسلم العادي والمؤسسة الفرنسية في شتى اشكالها وتعابيرها.

وأوضح ان وزارة الداخلية الفرنسية والاديان ارتأت ان يكون التأهيل على اسس مدروسة بحيث ان الامام المتأهل يستطيع ان يحصل على شهادة جامعية في نهاية الدراسة التي دامت اربع سنوات، وهنا تأتي اهمية المعهد الكاثوليكي الذي صادق على الدبلومات الجامعية.

ووصف غودار التعليم الذي تلقاه الائمة في المعهد الكاثوليكي بأنه عام جداً، وكان الهدف منه تثقيف الإمام بصيرورة المجتمع الفرنسي، إذ لا يمكن القول ان هناك تناقضا بين الشريعة الاسلامية والمجتمع الفرنسي وثقافته ومسألة الحقوق المدنية، وضروري ان يستوعب الامام ان القوانين الفرنسية وهيئات الدولة تحترم الشريعة الاسلامية وتحافظ عليها وتمنع المساس بها.

وقال ليس الهدف تغيير قناعات الأئمة بقدر ما هو تطويرها واغناؤهم بمعارف جديدة حول المجتمع الفرنسي، وأوضح ان الحاجة تكون ماسة جدا لذلك حين يأتي هذا الامام من خارج فرنسا، ويجد نفسه في موقع يرشد ويعظ فيه الناس العاديين، انه في هذه الحالة مضطر أن يغني معارفه وثقافته، مع الاخذ في عين الاعتبار خصوصيات المكان الجديد.

وقال غودار في رد على سؤال حول الدور الذي يلعبه التطرف في دفع الدولة الفرنسية إلى تأهيل الائمة على نحو ثقافي معمق، هناك جانب من الصواب، والمهم ألا يتم تسخير الدين لأغراض سياسية، لأن الانزلاق الى مهاو أخرى امر خطير جدا.

وأبدى المسؤول الفرنسي رضاه عن التجربة الاولى، وقال انها نجحت في جميع المقاييس، واكد ان العمل في هذا الاتجاه متواصل في صورة دائمة.

المصدر: الخليج

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...