الذكاء المؤتمت

25-08-2007

الذكاء المؤتمت

يصعب على من يتابع الإعلام العلمي ألا يشعر بأن العلم يسير راهناً بسرعة ضوئية، بحيث يصدر صوت اللهاث واضحاً عن الوسائل الاعلامية التي تتابعه وتلاحق تطوراته. وأحياناً، تبدو أخبار العلم وكأنها من صنع الخيال العلمي، لكنها أمور تتحقق... وكأنها تُسابق الخيال. ومع انتشار الانترنت خلال العقد الأخير, وجد الاعلام العلمي مكانه في الاعلام الالكتروني، فتكاثرت المواقع التي تعنى بالاخبار العلمية، إضافة الى تلك التي تنطق باسم مؤسسات علمية ومعاهد أبحاث ووكالات فضاء وغيرها. وفي هذا السياق، ظهر موقع «أوتوماتيز انتليجانت» AutomatesIntelligents.com (وترجمتها «الذكاء المؤتمت») الناطق باللغة الفرنسية، مع بداية الألفية الثالثة. ويحاول متابعة الايقاع العلمي والخيال الإبداعي للعلماء، وكذلك ينقلها عبر تحقيقات ومقابلات ودراسات، ما يعطيه ملامحه المميزة بين مواقع الاعلام العلمي على الشبكة الالكترونية الدولية.

ويحتوي هذا الموقع على الكثير من الابواب والملفات والاخبار. وعلى رغم استعماله الفرنسية كلغة أساسية، يؤكد المشرفون عليه أنهم «يطمحون لأن يكون موقعهم شاملاً وعالمياً». ولذا، يحاول هؤلاء باستمرار تطويره ليصبح متوافراً بلغات عدة، كما لا يخفون طموحهم في تغطية الدول الأوروبية في البداية، قبل أن ينتقلوا إلى بقية القارات.

وإضافة الى تلك المواد، يضم الموقع غرفاً للحوار المباشر على طريقة «الشات» الشائعة على الانترنت، ما يسمح للجمهور بالتبادل المباشر لوجهات النظر، إضافة الى التحاور مع المسؤولين عن الموقع والعلماء الذين يعرض الموقع أعمالهم على صفحاته.

من البديهي أن يثير موقع «الذكاء المؤتمت» حشرية زواره، خصوصاً مع اهتمامه بتقديم الروبوتات والكومبيوترات المتقدمة وأدوات الذكاء الاصطناعي، وكأنها أنسال بشرية وكائنات «نظيرة» للجنس الانساني! ويُذكر ذلك بالطريقة التي تحدث فيها كاتب علمي بارز، هو الأميركي اسحاق عظيموف، عن الروبوتات و «أنسنتها» في رواية «أنا روبوت»، التي تحوّلت فيلماً هوليوودياً مثيراً في العام 2004. وفي ذلك الفيلم (بطولة ويلي سميث واخراج أليكس بروياس) يجد المشاهد أن التطور العلمي وصل حداً يحاول معه الروبوت مشاركة الانسان في السيطرة على العالم، بل يحاول «الأشرار» من الروبوتات استعباد البشر أيضاً. وفي المقابل، يرى المشاهد خيالاً عن مستقبل التطور العلمي يصل فيه التداخل بين الإنسان والآلة الى حد أن الأطراف الاصطناعية الذكية تندمج في جسم الإنسان وكأنها شيء بديهي من مكوّناته.

وفي سياق مُشابه، يُروّج موقع «الذكاء المؤتمت» لفكرة مؤداها أن الانسان لم يعد مضطراً للانتظار للعام ألفين وخمسة وثلاثين، التاريخ الذي تجري فيه قصة فيلم «أنا روبوت»، حتى يستطيع الاستفادة من التطور التقني الراهن. ففي ولاية ماساشوستس الأميركية، نجح فريق من العلماء في المزج بين عضلات حقيقية أُخذت من ضفدع، وأجهزة ذكية لروبوت له هيئة السمكة! وعمد العلماء إلى دمج العضلات مع مولدات صغيرة، مع إمدادها بالغذاء عبر مياه مملوءة بسكر الغليكوز، ما مكّن تلك السمكة «الهجينة» من العمل لفترة طويلة.

ويحاول العلماء من خلال هذه التجربة، المزج بين الآلي والحقيقي لصنع أطراف متطورة يستطيع الانسان استعمالها من دون أن يضطر لتركيبها وفكها وصيانتها باستمرار. وفي هذا السياق، يعرض الموقع آراء لعلماء يرون أن من الممكن الاستفادة من عضلات الموتى، إذا أوصي بها، لتُساعد آخرين.

ويمكن زوار الموقع أن يقرأوا عن انجازات علمية مثل نموذج السيارة التي تسير على الهيدروجين، والتي يتوقع كثيرون أن تكون سيارة المستقبل، خصوصاً أنها لا تبعث أي مواد سامة أو مضرة بالبيئة.

وكذلك يستطيع متصفح الموقع أن يطلع على شرح عن حركة الحشرات الطائرة الصغيرة، وكذلك عن استفادة العلماء منها في صنع بعض الروبوتات المتناهية في الصغر التي تطير بأساليب مماثلة لها، ما يفتح مجالاً للتعمق في دراسة آليات الطيران الآلي واستعماله من قبل شركات صنع الطائرات.

ويحوي الموقع أيضاً أخباراً ودراسات عن آليات الشعور في الانسان، وكيفية «تقليدها» في الروبوتات المتطورة. صحيح أن الروبوت المزود بالمشاعر، كذلك الذي ظهر في فيلم «أي روبوت» وسواه، ما زال خيالاً علمياً، لكن الأمر لن يطول قبل أن يصبح حقيقة. وكذلك يعرض الموقع دراسات من دول عدة عن الاستفادة في «الروبوت الحسّاس» لصنع إنسان آلي قابل لأن يحل محل المربية في المنزل وجليسة الأطفال والمعلمة في الصف.

أخيراً، يعرض الموقع طرقاً تُمكن أي شخص مهتم بالروبوتات من صناعة روبوته الخاص.

طالب أعد

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...