التهاب الرئة... لماذا يفضّل الأطفال والكهول؟

30-12-2016

التهاب الرئة... لماذا يفضّل الأطفال والكهول؟

في الرئتين نحو 300 مليون حويصل هوائي تحيط بها شبكة واسعة من الشعيرات الدموية الدقيقة، التي تتداخل في شكل متناغم ومتناسق مع جدران الحويصلات، فيتم انتقال الأوكسيجين الآتي خلال عملية الشهيق، من الحويصلات الهوائية الى الشعيرات الدموية، ومنها الى الدورة الدموية، وفي الوقت نفسه يتم التخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يتم طرحه الى الشعب الهوائية، ومنها يطرد عبر الأنف أو الفم الى الخارج بواسطة عملية اسمها الزفير.

في فصل الشتاء، تكثر الإصابات بالتهابات الرئة. ويُقصد بالتهاب الرئة العدوى الميكروبية التي تصيب الحويصلات الهوائية الموجودة في الرئتين، والتي تأخذ على عاتقها مهمة التنسيق والإشراف على عملية تبادل غازي الأوكسيجين وثاني أوكسيد الكربون.

وعندما تتعرض الحويصلات الرئوية للالتهاب، فإنها تمتلئ بالمفرزات القيحية والسوائل فتضطرب وظائفها، ما يؤثر حتماً في عملية إمداد الأوكسيجين الى كل أعضاء الجسم وأنسجته.

ويصدر عن التهاب الحويصلات الهوائية بلاغ عاجل عناوينه الأساسية السعال الرطب أو الجاف، والألم في الصدر، والقشعريرة، وضيق التنفس، والحمى، والصداع، والتعب، وزرقة الشفاه، والتعرق الشديد، وآلام في العضلات، ونقص في الشهية على الطعام.

وينتج التهاب الحويصلات الهوائية من عدد من العوامل المعدية التي تضم الفيروسات والجراثيم والفطريات، وتنتشر العدوى بطرق مختلفة، فالفيروسات والجراثيم الموجودة في الأنف أو الحلق يمكنها أن تنساب عبر المجرى الهوائي للقصبات لتصل الى الحويصلات الهوائية. وقد تحدث العدوى من طريق استنشاق رذاذ الآخرين المتطاير أثناء عمليات العطاس والسعال. أيضاً، يمكن العدوى أن تحصل من طريق الدم.

ويساهم التقدم في العمر، والتلوث الهوائي داخل المباني، والعيش في بيوت مكتظة، والجو العابق بالدخان المنبعث من السجائر، ومرض نقص المناعة المكتسب (الأيدز)، وداء الحصبة، ومرض السكري، وفقر الدم، والعلاج الكيماوي، واضطرابات البلع، والإقامة في أقسام الإنعاش في المستشفيات، خصوصاً الإنعاش التنفسي، في زيادة احتمال الإصابة بالتهاب الحويصلات الهوائية.

وإذا كان من السهل علاج التهاب الحويصلات الرئوية الجرثومي بإعطاء المضادات الحيوية المناسبة للقضاء على فلول البكتيريا المسببة، إلا أن المشكلة الكبرى هي التسبب باختلاطات خطيرة، أبرزها الخراج الرئوي، وانصباب الجنب (تجمّع السوائل في التجويف الواقع بين ورقتي غشاء الجنب المحيط بالرئتين).

وخراج الرئة قد يكون وحيداً أو متعدداً، وقد يظهر في رئة واحدة أو في الرئتين معاً، وقد يبقى محصوراً في محله بين وريقتي الغشاء المحيط بالرئتين، أو قد ينفجر في مجرى الهواء ليصب منه الكثير من البلغم الذي يتم طرده بالسعال. وأحياناً، يترك الخراج خلفه تجويفاً مليئاً بالسوائل أو بالهواء. وفي أحيان أخرى، ينفتح الخراج على الفراغ الموجود بين الرئتين وجدار الصدر. وتظهر عوارض الخراج بسرعة مفاجئة أو ببطء، تبعاً للسبب الذي أدى الى الإصابة به. وفي شكل عام، يتظاهر الخراج بعدد من العوارض، أهمها التعب، فقدان الشهية، التعرق الليلي، الحمى، والسعال المترافق مع بلغم كريه الرائحة ملوث بالدم. ويتم تشخيص الخراج بإجراء صورة شعاعية للصدر. ويحتاج خراج الصدر الى معالجة مكثفة بالمضادات الحيوية، والى تفريغه جراحياً، إضافة الى أدوية لتحسين الحالة العامة.

أما الاختلاط الآخر، انصباب الجنب، فغالباً ما تكون بدايته مخادعة لا تلفت الانتباه إليه، لكنه يتطور ببطء قبل أن يعطي عوارض فاضحة تختلف حدتها وفق سرعة السوائل المتراكمة في المسافة الجنبية وكميتها. وتضم العوارض صعوبة في التنفس، آلاماً في الصدر، خمولاً، سعالاً، ارتفاع الحرارة، وتصبّب العرق. ويشخّص انصباب الجنب بالصورة الشعاعية وبالفحص بالأمواج فوق الصوتية. وقد يضطر الطبيب الى ثقب الصدر لاستحضار عينة من السائل الجنبي لتحديد العلاج الأقرب الى مصلحة المريض.

ويشيع حدوث المضاعفات في التهاب الحويصلات الرئوية عند توافر عوامل معينة، منها:

- الأشخاص الذي قطعوا عتبة 65 سنة.

- الإصابة بأزمة قلبية أو بأزمة دماغية.

- وجود مرض في الكبد أو في الكليتين.

- الإصابة بالتهاب القصبات المزمن الانسدادي.

- نقص المناعة.

- إصابة سابقة بالتهاب الحويصلات الرئوي.

- الإصابة بفقر الدم المنجلي.

ويجدر التنويه هنا، بأن التهاب الحويصلات الهوائية يمكن أن يحدث نتيجة استنشاق جسيمات دقيقة من الغبار العضوي واللاعضوي، وتكمن خطورته في تطوّره البطيء نحو 3 مضاعفات قاتلة تتمثل في تليّف الرئة أو انتفاخها، وتوسع القصبات.

ويجب عدم الخلط بين التهاب الحويصلات الرئوية والتهاب القصبات. صحيح أن العوارض متشابهة نوعاً ما، لكن شتان ما بين الاثنين، ففي التهاب الحويصلات الرئوية تكون العوارض أقسى مما هي عليه في التهاب القصبات، إذ تكون الحمى أقوى، والسعال أشد، وتترافق دائماً مع قشعريرة وآلام في الصدر. وقد يصاحب السعال أحياناً خروج مفرزات مخاطية مضرجة بالدم، إضافة الى كثرة الاختلاطات.

أخيراً، يعتبر التهاب الحويصلات الهوائية مرضاً شديد الخطورة على الأطفال دون الخامسة من العمر، فنسبة الوفيات تصل عندهم الى 15 في المئة، فضلاً عن الأضرار التي يلحقها بهم وبذويهم. وخير ما يمكن فعله لتفادي مضاعفات هذا المرض، هو العمل سريعاً على تشخيصه ووصف الأدوية التي تقضي على مسبباته.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...