البابا يمد يده للمسلمين

29-11-2006

البابا يمد يده للمسلمين

لم يكد البابا بندكت السادس عشر يطأ أرض مطار أنقرة أمس، حيث كان في استقباله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، حتى أعلن أنه يريد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما قال ، قبل مغادرته روما، إن تركيا كانت على الدوام جسرا بين الثقافات داعياً إلى حوار بين الإسلام والمسيحية.
وبدا البابا وكأنه يحاول من هذا البلد العلماني ذي الغالبية السكانية المسلمة تبييض صفحته التي بدت للمسلمين وكأنها معادية لهم إثر تصريحات له في الصيف الماضي ربطت بين الإسلام والعنف، والتي بدت للأتراك وكأنها معادية لهم ولا سيما وأنه هو نفسه كان قد عارض ما يؤيده اليوم قائلاً آنذاك أن ضم تركيا لأوروبا سيكون خطأ فادحاً.
وفي خطوة تهدف إلى تهدئة الجدل القائم حول هذه الزيارة، استقبل اردوغان ضيف تركيا لأربعة أيام، عند باب الطائرة، وخلال لقاء مقتضب دام 20 دقيقة بين الرجلين، طلب أردوغان من البابا دعم انضمام بلاده إلى أوروبا، فرد البابا إنها توصية مشرفة، إنني أريد أن تصبح تركيا جزءا من الاتحاد الأوروبي.
وكان الحبر الأعظم قد شدد قبل مغادرته روما على أن هدف زيارته بابوي وليس سياسيا، وهو الحوار والأخوة والالتزام من اجل التفاهم بين المسيحية والإسلام من اجل المصالحة، والحوار مع أشقائنا المسيحيين، وبالأخص مع البطريركية الأرثوذكسية.
أولى زيارات البابا كانت إلى ضريح مؤسس الدولة التركية العلمانية الحديثة مصطفى كمال اتاتورك، حيث وضع إكليلاً من الزهر، ثم وقع كتاب الشرف كاتباً هنا في ملتقى الديانات والثقافات ونقطة الاتصال بين آسيا وأوروبا، أتبنى كلام اتاتورك لأعبر عن رغبة سلام في الوطن، سلام في العالم.
وبعد لقائه الرئيس التركي احمد نجدت سيزر، التقى البابا مدير الشؤون الدينية التركية علي برداك أوغلو، حيث دعا المسيحيين
والمسلمين إلى مواصلة الحوار المفتوح بينهم قائلاً ليتعرف كل منا بالآخر ولنحترم الاختلافات بيننا ونعترف بما هو مشترك بيننا، مشيدا بالإسلام دين السماحة والسلام.
من جهته قال أوغلو إن المفهوم الخاطئ بشأن انتشار الإسلام بحد السيف، وما يطلق عليه اسم الرهاب من الإسلام يجرح المسلمين، ومن شأنه تشجيع من أساؤوا استخدام الدين على ارتكاب أخطاء، في إشارة إلى الحوار الذي اقتبسه البابا في ألمانيا الصيف الماضي، عن إمبراطور بيزنطي لم يجد في ما جاء به محمد سوى أشياء شريرة وغير إنسانية، فما كان من الحبر الأعظم سوى الاقتباس عن البابا السابق غريغوري السابع (في العام 1076) قوله إن الكرم الذي أظهره أمير مسلم في أفريقيا لرعاياه المسيحيين سببه الإيمان بالإله نفسه ولو بطرق مختلفة.
إلى ذلك، حث الحبر الأعظم، خلال لقائه مع دبلوماسيين معتمدين في انقرة، جميع رجال الدين على رفض أي شكل من أشكال العنف باسم الدين، معبراً عن قلقه من مخاطر النزاعات والإرهاب المتفشية في الشرق الأوسط وغيرها من المناطق، الأمر الذي يبرز الحاجة إلى جهود دولية فاعلة، بما في ذلك نشر قوات حفظ السلام في المناطق الغارقة بالعنف.
ومن المقرر أن يتوجه البابا اليوم إلى مدينة ازمير (أفيسوس) حيث سيزور ضريحاً للسيدة العذراء ثم يتوجه إلى اسطنبول حيث سيلتقي بطريرك الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية برتلماوس الأول. ومن المتوقع أن يتمحور لقاؤهما حول حريات الأقليات المسيحية في تركيا لا سيما أن البابا مهّد لذلك حين قال لأوغلو أن ضمانات الحريات الدينية تعتبر أساسية في مجتمع عادل. كما سيزور البابا، يوم الخميس المقبل، متحف آيا صوفيا.
- أعربت معظم الصحف التركية أمس عن أملها بأن تشكل الزيارة فرصة لتكريس الأخوة بين الديانتين المسيحية والإسلامية. فعلى صفحتها الأولى كتبت صحيفة صباح الشعبية أهلا وسهلا بالإيطالية، مشيرة إلى أن البابا سيزور مسجدا في اسطنبول اليوم. فيما عنونت صحيفة فاكيت الإسلامية ضيف قسري. أما صحيفة ميليت الليبرالية فوصفت هذه الزيارة بأنها فرصة تاريخية لطرد السحب السوداء المهيمنة على الشرخ بين العالمين الإسلامي والغربي.
وفي ما عدا بعض المتظاهرين الذين حملوا لافتات كتب عليها البابا: غير مرحب به، بدا الأتراك غير مبالين بضيفهم، وانكفأوا في منازلهم ولا سيما بعدما ضاقوا ذرعاً بالإجراءات الأمنية المشددة، بما في ذلك منع السير على الطريق المؤدية إلى المطار لساعات، وانتشار آلاف عناصر الشرطة في مختلف المناطق التركية، وقد وصفت مجلة در شبيغل الألمانية هذا المشهد الموحش في استقبال البابا، قائلةً وكأن تركيا تستعد لاستقبال شحنة من النفايات السامة.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...