الأباء الأمريكيون يقتلون من الأطفال أكثر من حوادث السيارات

14-06-2011

الأباء الأمريكيون يقتلون من الأطفال أكثر من حوادث السيارات

أمريكا التي تقذف طائراتها الشعوب المحبة للسلام والحياة في كل مكان من العالم، أميركا التي تلقي أطنان القنابل فوق البيوت والمستشفيات والمدارس في العراق وأفغانستان وباكستان، وتتجسس مخابراتها للدمار والهلاك، أميركا هذه تعاني من مشكلة غريبة، مشكلة تعذيب الأطفال، ليس أطفال العالم، وإنما أطفالها هي، أطفال أميركا أنفسهم. قد تبدو هذه المشكلة منطقية مع السلوك الإجرامي لقادة أميركا
 
ولكن الحقائق التي نشرتها الطبعة العالمية (للنيويورك هيرالد تريبيون) يوم 13/1/2011 عن الجحيم الذي يعيشه الأطفال بدت للقارئ العربي أكبر مما يتصور وأبشع مما يمكن أن يقبله عقل.
اعتمدت هذه الدراسة على الأبحاث التي قامت بها عدة جامعات أميركية وقد اتضح من البحث الذي نشرته الجريدة أن الآباء الأميركيين يقتلون من الأطفال أكثر مما تقتلهم حوادث السيارات والأمراض، وقد تبين من التحقيقات، أن كل ثلاثة أطفال يصاب اثنان ممن هم تحت سن السنوات الثلاث بما سمته المجلة (السرطان الاجتماعي) وتبين من البحث أن كل اثنين من ثلاثة أطفال من الذين أسيئت معاملتهم كانوا ضحايا لآبائهم الحقيقيين وليس لأفراد آخرين في العائلة، أما النسبة الباقية فتأتي القسوة فيها على الأطفال من أولياء الأمور من الأقرباء والأوصياء.

الصفح المنوم
وقد تبين من البحث أن أحد الآباء ضرب طفلة عمرها سنتان ضرباً مبرحاً أدى إلى كسر في عظامها وأجريت لها عملية جراحية كانت عبارة عن استئصال جزء داخلي إلا أن الطفلة ما زالت على قيد الحياة، بينما أدى ضرب طفلة أخرى تبلغ من العمر سنتين ونصف السنة إلى الموت بعد أن صعقها والدها لكي تنام فأصيبت في مخها إصابة قاتلة، وطفلة أخرى تبلغ من العمر سنتين ولدت طبيعية إلا أنها الآن مودعة إحدى مؤسسات الاستشفاء، وقد فقد أهلها كل أمل في شفائها.. وذلك لأن والدها لسعها بالسجائر والكبريت وضربها بقبضة يده، وطفلة أخرى تبلغ من العمر سبع سنوات ضربها والدها لكي تتناول طعام الإفطار فكسر جبهتها ولكنها ما زالت هي الأخرى على قيد الحياة، وقد ذكرت المجلة أن هناك أكثر من مئة طفل يموتون سنوياً في مدينة واشنطن وحدها بسبب قسوة الآباء.

مليون مذنب
ونسبة أخرى من الأطفال يموتون بسبب الحوادث كما تقول التقارير الرسمية الظاهرية لرجال البوليس ولكن السبب الحقيقي لهذه الحوادث هو إهمال الآباء، وكان من الممكن أن يعيش هؤلاء الأطفال لو وجهت لهم العناية الطبيعية التي يوليها كل أب لأبنائه، وإهمال الأطفال سببه الرئيسي الفشل في الإنفاق عليهم ما قد يؤدي إلى أن يحرمهم الآباء من الطعام عمداً.
إن ضرب الأطفال المستمر الذي ركز عليه البحث يبين أن الإهمال والضرب والقسوة مظاهر مختلفة لمشكلة واحدة وهي مشكلة الفشل في الزواج ولكن هذا البحث لم يتطرق إلى الأضرار التي تصيب الأطفال بسبب الحرمان من الناحية العاطفية واكتفى بالأضرار التي تصيبهم نتيجة لأفعال يقوم بها الأهل نحوهم فإنه ليس هناك قانون ينص على ضرورة حب الابن لأبيه.

عدم القدرة على المقاومة
وقد يجبر الأهل الطفل على أن يتحمل شيئاً معيناً لا يستطيع أن يتحمله لصغر سنه فالطفل الذي يرتد ساكناً في مهده قد يتألم من الجوع ولا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا أن يتحرك ومثل هذا الطفل الذي قد يجبر على أن يتحمل شيئاً دون أن تكون سنه أو صحته تساعده على ذلك يعتبر نوعاً من أنواع العقاب الذي يؤذي الطفل ويسبب له كثيراً من الأرق دون أن يدري أهله بذلك ودون قصد منهم.

من الذي يضرب الطفل
وسواء أكان والدا الطفل أغنياء أو فقراء، متعلمين أو جهلة متقدمين في السن أو صغار السن، فإن كل طفل أميركي معرض لأن يضرب أو يحرم عاطفياً من هؤلاء الذين وجب عليهم رعايته وحبه، وليس معنى ذلك أن معظم الأطفال يلاقون معاملة سيئة من آبائهم ولكن الأطفال الذين تساء معاملتهم يعدون بالملايين موزعين توزيعاً عادلاً على جميع أنحاء المجتمع، وكانت أهم أسباب القسوة على الطفل ترجع إلى جنسه وذلك إلى العائلات المتصدعة فإن البحث كشف النقاب عن حالات لا تعتبر الأسباب الجنسية والاجتماعية فيها مهمة، كما أن مشاكل الأطفال تعود إلى عوامل كثيرة منها الجنس والدخل والتعليم كما أن غالب الآباء الذين يقسون على أطفالهم كانوا يعانون كثيراً في طفولتهم بسبب قسوة آبائهم عليهم، ونجد دائماً أن أولئك الآباء الذي يقسون على أطفالهم يشعرون بلذة معينة بعد كل تصرف شاذ آخر وهذا أخطر على الطفل من معاملته بقسوة وإنما لأن هذه الذبذبة في المعاملة لا تساعد على التوافق، ونادراً ما يشعر الآباء أو الوصي القاسي بالذنب بل غالباً ما نجده يبرر قسوته التي كانت سبباً في وفاة الطفل بأن يقول للدكتور أو لرجل البوليس (إنها غلطته، إنه دفعني لمثل هذا التصرف).
إن العائلات المتفككة التي لا تستطيع أن تربي أطفالها هي تلك العائلات الخارجية ولذلك فهي توجه كل نشاطها وغالباً ما يكون نشاطها نشاطاً عدوانياً إلى الداخل أي أطفالها، وهذا هو السبب في انتشار حوادث الأطفال بين عائلات الضباط لأن هذه العائلات تتبع دائماً نفس الأسلوب الذي يستخدم مع رب الأسرة في العمل.. الأسلوب الصارم الذي لا يقوم على العلاقات الإنسانية.. الأسلوب الذي تتسم به دائماً الحياة العسكرية.
في هذا الجو من القسوة يعيش الطفل الأميركي في عائلة ويشب في هذه العائلة حتى ترسله قوة الاستعمار إلى الدول المحبة للسلام وترسل معه الدمار والهلاك لسكانها الآمنين.

د. رحيم هادي الشمخي

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...