أدونيس: نقد الراهن يؤسس لجمالية التحول في الشعر العربي

10-02-2009

أدونيس: نقد الراهن يؤسس لجمالية التحول في الشعر العربي

ذهب الشاعر السوري علي أحمد سعيد المعروف باسم أدونيس إلى أن التأسيس لجمالية التحول في الشعر العربي يقتضي نقد الراهن الثابت ثقافيا وجماليا، ليس فيما يتصل بالذات العربية وحدها بل فيما يتصل كذلك بالآخر علاقة ومعرفة وسلطة كتابة.

ودعا أدونيس إلى القطيعة مع كل ما يعرقل السير في اتجاه جمالية التحول سواء كان ذلك في مجال الأفكار أو في مجال الذوق والقيمة والكتابة، مشيرا إلى أن تخوم الكتابة المتحولة من حيث اللغة والجمالية هي التخوم القصوى، وطبيعيا أن يصطدم التأسيس لتلك الجمالية بما هو ثابت ومستقر.

جاء ذلك في محاضرة بعنوان "الجمال في الشعر العربي" بالعاصمة العمانية مسقط ضمن الفعاليات الثقافية لمهرجان مسقط السنوي المستمر حتى 12 فبراير/شباط الجاري.

ورأى أدونيس أن الثابت المستقر في الشعر العربي يتمثل في العلاقة بين الشاعر والجمهور واصفا الأخير بأنه مستودع قيم التراث والحارس لها، ومشبها التراث بنهر ينبع من الماضي ويتدفق نحو المستقبل. ووصف إنسان الجمهور بأنه لا يرى من ذلك النهر إلا الينبوع الذي يعتقد أنه يتدفق منه، دون أن يرى المجرى وما حوله من تغيرات في الأرض والناس حوله.

كما أشار إلى أن "ذلك النهر أي التراث العربي بحكم حركة جريانه بينابيع كثيرة لم يعد منبعه الأول إلا واحدا بين جزء من كل ونورا من بين أنوار"، حيث الإلحاح على أن نبع ذلك النهر هو فقط المصدر الذي تدفق منه دون غيره ودون تأثره بما مرّ به من منابع أخرى سيجعله مجرد شمعة في ليل التاريخ المليء بآلاف القناديل الساطعة الآتية من جميع الأنحاء، على حد قوله.

ووصف الجمهور المتلقي للشعر بأنه سقف اجتماعي ثقافي وهو أيضا القاعدة التي تنهض عليها النظم السياسية.
كما تناول الأديب السوري العلاقة بين الجمهور والنظم السياسية، معتبرا الجمهور تجسيدا بشريا لما سماها فلسفيا "النسقية النمطية" التي يرى أنها نقيض للذاتية وعدو للبحث والحرية والتساؤل بما يؤدي إلى انغلاق الفكر على نفسه والتناقض مبدئيا مع التحول ومع ما يسمى جمالية التعدد.

وفي إطار حديثه عن جمالية التحول وجمالية الثابت، نوه إلى أن الكتابة العربية الفنية شعرا ونثرا كانت في التاريخ الثقافي العربي تشكل طاقة تحويلية, مستدلا في هذا الجانب بأبي نواس وأبي تمام والمعري.

وعن مفهوم الحقيقة في الثقافة العربية السائدة وعلاقتها  بالجمهور، استعان في تفسير ذلك بمقولة لديكارت قال فيها إن "معرفة الحقيقة كصحة النفس فعندما نمتلكها -أي الصحة- لا نعود لنفكر فيها", معتبرا أن تلك هي حال الجمهور العربي الذي فقد التفكير في الحقيقة لأنه يرى أنه امتلكها، مشيرا إلى أن فقدان التفكير في الحقيقة ونظامها يؤدي إلى الاعتقاد بأن هناك تناقضا بين الفكر والحقيقة.

وانطلاقا من هذا يري الأديب السوري أن الجمهور العربي لا يأخذ من الشاعر إلا ما يعرفه مسبقا حيث يكون الشاعر في هذه الحالة كمن يقوم بدور تذكير الناس فقط، "حيث أصبح الشاعر عند الجمهور العربي يعرف بأنه الشخص الذي لا يجوز أن يشعر إلا ما يشعر به غيره ولا أن يعلم إلا ما يعلمه غيره".

وعن سعيه للحصول على جائزة نوبل عبر ترجمة العديد من أعماله, قال أدونيس للجزيرة نت إنه يجب على العرب ألا يهتموا بهذا الموضوع. وأضاف "المهم ماذا نكتب وماذا نقدم ولا قيمة للجوائز وأنا لا تهمني الجوائز".

كما اعتذر عن عدم الإجابة على سؤال حول تأثير الحراك السياسي السوري والفلسطيني واللبناني على عطائه الأدبي.

طارق أشقر

المصدر: الجزيرة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...