«فتيات روك» سعوديات يثرن جدلاً عالمياً

28-11-2008

«فتيات روك» سعوديات يثرن جدلاً عالمياً

في أجرأ خطوة نسوية من نوعها في السعودية حتى الآن، أطلقت فرقة روك موسيقية ناشئة من ثلاث طالبات جامعيات سعوديات أول أغنية لهن منذ قرابة الأسبوع، مثيرات زوبعة في الأوساط الدينية والمحافظة في المملكة، وجدلاًرمز (لوغو) فرقة الوسام، وهو مستوحى (وكذلك اسم الفرقة) من رسم The Accolade (الوسام) للفنان الإنكليزي إدموند بلير لايتون، والذي تشغف به »دينا« لأنه يصور امرأة سعيدة بفارسها. عالمياً تناقلته العشرات من المواقع الإخبارية والمدونات العربية والغربية.
وكانت صحيفة »نيويورك تايمز« الأميركية أول من كشف عن الخطوة، حيث نشرت تقريراً خاصاً تضمن مقابلات مع أعضاء الفرقة في مطلع الأسبوع الحالي، وإن لم تنشر فيه سوى الأسماء الأولى أو المستعارة للفنانات الجسورات. ثم تناقلت وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية بسرعة النبأ. ونقل موقع »إسلام أونلاين« مقتطفات من التقرير مع تعليقات من معنيين سعوديين بعدها بيومين. وتابعت صحيفة »تلغراف« البريطانية القضية في مقال نشرته أمس، تضمن مشغلاً صوتياً يتيح الاستماع إلى الأغنية.
واختارت الطالبات، اللواتي يدرسن في جامعة جدة ويطلقن على فرقتهن اسم »الوسام« The Accolade، عنوان »بينوكيو« لأغنيتهن الأولى، التي قمن بتسجيلها منزلياً، وهي باللغة الإنكليزية، ثم لجأن إلى بثها عبر صفحة أسسْنها لفرقتهن في موقع »ماي سبايس« My Space الإجتماعي عبر الإنترنت. وأكدت مغنية الفرقة »لمياء« للصحيفة الأميركية أن »عشرات الآلاف من الأشخاص قاموا بتحميلها عبر النت«، وأن أهلها هي ورفيقتيها في الفرقة »يقدمون الدعم لنا«.
وبالعودة إلى موقع الفرقة على »ماي سبايس«، يتضح أن »بينوكيو« قد تم تشغيلها من قبل مستخدمين أكثر من ٥٢ ألف مرة، بل إنها لم تعد متوفرة للتشغيل المجاني على ما يبدو، وصار تحميلها معروضاً مقابل بدل مالي يدفع إلكترونياً. لكن الأغنية انتشرت بسرعة في مواقع مجانية أخرى، مثل »يوتيوب«، فيما سارعت الفرقة الفنية السعودية ذات الأغنية الواحدة إلى افتتاح نادي للمعجبين بها (Fan Club) على موقع »فايسبوك« أيضاً.
وفي حديثها للصحيفة، قالت »دينا«، عازفة غيتار الفرقة التي تدرس الفن في جامعة الملك عبد العزيز: »كنت من المهتمين بالموسيقى، وخاصة الروك، وهو ما جعلني أحلم بتكوين فرقة غنائية، وبدأت أتعلم كيفية العزف عليه، وتعرفت على دارين التي شاركتني الحلم ذاته ودعمتني بقوة، ثم التقينا بلمياء التي أصبحت فيما بعد مغنية الفرقة، وبدأنا نفكر جدياً في تأسيس الوسام«. أضافت دينا: »بدأنا عام ٢٠٠٨ بممارسة العمل وتكوين موسيقى خاصة بنا مستوحاة من لوحات لفنانين معروفين تحكي قصصاً معينة في حياتنا«.
- بسبب التقاليد الاجتماعية الشديدة المحافظة في السعودية، لم تتمكن فرقة »الوسام« من رؤية نور الشمس الحقيقية. »نحن جامعيات ونرغب بتقديم عروضنا داخل المجمعات الخاصة بالنساء على الأقل« تقول لمياء، مضيفة »نعتزم التحرك ببطء، خصوصاً داخل المجتمع النسائي... ونأمل في إقامة حفلات موسيقية في دبي«.
من جهتها قالت »دارين«: »ربما نُعتبر غريبات الأطوار في نظر البعض، لكننا نريد القيام بشيء مختلف، فظهور فتيات يمسكن الغيتار ويغنين الروك فكرة جديدة«.
وفي موقف الشريعة الإسلامية من »الوسام«، نقل موقع »إسلام أونلاين« عن مدير »جامعة مكة المفتوحة« الشيخ علي العمري، قوله »إن غناء المرأة البالغة أمام الرجال محرّم وغير جائز بالإجماع، ولا يوجد دليل حتى من المبيحين للمعازف على جواز سماع الرجال لأغاني النساء البالغات«. واستند العمري إلى النص القرآني »فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ« (الأحزاب : ٣٢).
وأسف العمري على وجود »مثل هذه الفرق التي تعكس واقعاً مسلماً متناقضاً في الأطروحات«، داعياً الشباب إلى »العودة إلى الله، والإيمان المطلق بأن من غضَّ سمعه عن الحرام أبدله الله حلاوة يجدها في قلبه«.
- وعن الناقد السعودي الثقافي محمد المنقري، نقل الموقع الإسلامي الإلكتروني وصفه لظاهرة رواج فرق الروك و»التقليعات الغربية« السائدة حاليا بين الشباب السعودي، بأنه »انحدار فني«، ودليل على »تراجع القيم التي يفترض بالفن أن يقود إليها ويعزز وهجها«. واعتبر المنقري أن »ما تسمى بفرقة الوسام نتاج زمن هامشي وعابر وممعن في الاحتفال بالرخيص«.
من جهتها عبرت الكاتبة السعودية حليمة مظفر عن تفهمها لظهور فرقة غنائية من الفتيات السعوديات »نظراً لظروف العولمة الثقافية التي نعيشها«. واعتبرت حليمة أن الروك »فن شبابي موسيقي يحبه الشباب، ولكل مرحلة عمرية مذاقها الفني الذي يناسبها، وهو نوع من أنواع الفنون التي ظهرت بفلسفة تريد لفت الانتباه إلى هؤلاء الشباب«، لافتة إلى أن »احتفاء الجيل الجديد بهذا الفن يؤكد أنهم بحاجة إلى الاهتمام... فعندما نحاربهم ونهاجمهم فلا بد أن نقدم لهم في المقابل ما يريدونه«.
تبقى »الوسام« نموذجاً عن انتشار النمط الغربي في الأوساط الشبابية العربية والسعودية، وخاصة على مواقع الإنترنت. وقبل »الوسام« ظهرت فرق روك أخرى في جدة، مثل »جدة ليدجند«، »وكر العصفور«، »كلاش« وغيرها. لكن أياً منها لم تتضمن إناثاً.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...