مستقبل العلاقات الإيطالية – الإسرائيلية في حال سقوط حكومة برلسكوني

01-08-2010

مستقبل العلاقات الإيطالية – الإسرائيلية في حال سقوط حكومة برلسكوني

الجمل: دخلت السياسة الإيطالية جولة جديدة من الصراعات والخلافات الداخلية، وما هو جدير بالملاحظة هذه المرة، يتمثل في أن هذه الخلافات والصراعات لا تدور بين الائتلاف السياسي الحاكم والائتلاف السياسي المعارض، إنما داخل الائتلاف السياسي الحاكم نفسه، وتحديداً بين زعيم الائتلاف سيلفيو برلسكوني الذي يتولى منصب رئيس الوزراء، والرجل الثاني في الائتلاف غيافرانكو فيني الذي يتولى منصب رئيس مجلس النواب: ما هي طبيعة الخلافات داخل الائتلاف الإيطالي الحاكم، وإلى أين تمضي توازنات الأطراف المتصارعة، وما هو شكل السيناريو السياسي الإيطالي المحتمل؟خارطة إيطاليا
أكدت المعلومات تزايد خلافات الزعيم برلسكوني والزعيم فيني، اللذان يمثلان أعمدة الائتلاف الإيطالي الحاكم، وأشارت آخر التقارير إلى الوقائع الآتية:
·       تزايدت انتقادات الزعيم فيني الموجهة ضد الزعيم برلسكوني، وفي هذا الخصوص فقد ظل فيني يتهم برلسكوني بأنه: ليس لديه فهم ليبرالي محدد إزاء الديمقراطية الإيطالية : يتعامل مع الحزب والائتلاف وكأنما هما تابعان له، ويتعامل مع مؤسسات الدولة والحكومة وكأنما هي ملكية حصرية خاصة به.
·       اتهم برلسكوني فيني بأنه خائن ومتآمر، ويسعى لإيقاع الأذى والموت البطئ بالحزب.
على خلفية تزايد الإدراك السلبي المتعاكس بين برلسكوني وفيني، فقد اتخذ العداء والخصومة بين الطرفين طابعاً تجاوز مجرد النظرة الإدراكية السلبية المتبادلة باتجاه الأداء السلوكي السلبي الساعي من أجل القضاء على الآخر، ومن هذا الخصوص نشير إلى الوقائع الآتية:
-       عقد برلسكوني اجتماعاً موسعاً للموالين له داخل حزب الأحرار الإيطاليين الحاكم، وأصدروا قراراً بإقصاء فيني من الحزب، إضافةً إلى قرار مطالبة فيني من الاستقالة والتنحي عن منصب رئيس مجلس النواب الإيطالي.
-       عقد فيني تحالفاً ضمَّ الموالين في الائتلاف الحاكم، بما أدى إلى إعلان 33 عضواً في مجلس النواب الإيطالي إلى الإعلان صراحةً عن وقوفهم إلى جانب فيني.
تقول المعلومات والتقارير بأن حرب التصريحات والمؤتمرات الصحفية أصبحت غير قابلة للاحتواء بسهولة، وتشير توقعات المراقبين والمحللين إلى مدى صعوبة عقد أي صفقة بين برلسكوني وفيني، إضافةً إلى تزايد رغبة كل واحد من الاثنين المضي قُدماً في المواجهة ضد الآخر.
* السياق المؤسسي للأزمة الإيطالية: منظور التحليل السياسي:
تعود جذور الائتلاف السياسي الإيطالي الحاكم حالياً، إلى التطورات السياسية التي كانت جارية في مرحلة ما قبل الانتخابات الإيطالية العامة السابقة، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:فيني
·       سيلفيو برلسكوني: كان يتولى حزب تقدم إيطاليا، وهو حزب يتبنى مذهبية الجمع بين أطراف مثلث: النزعة الديمقراطية – المسيحية، النزعة الليبرالية والنزعة الليبرالية المحافظة، واستطاع برلسكوني من خلال هذا الخليط الثلاثي النزعة أن يكسب مساندة الرأي العام في مناطق وسط إيطاليا إضافةً إلى تعاطف عدد كبير من سكان شمال إيطاليا، وعلى وجه الخصوص رجال الأعمال الإيطاليين، وقدر لا بأس به من رجال الدين.
·       غيافرانكو فيني: كان يتولى زعامة حزب التحالف الوطني الأكثر ارتباطاً بالنزعة السياسية الإيطالية المحافظة، ويجد هذا الحزب تأييد ومساندة الرأي العام في مناطق جنوب إيطاليا.
في نهاية عام 2007م، اتفق برلسكوني مع فيني على إدماج حزب تقدم إيطاليا مع حزب التحالف الوطني، وبالفعل تمت عملية الدمج، بما أدى إلى تشكيل حزب أحرار إيطاليا، الذي استطاع الفوز بنتيجة الانتخابات الإيطالية العامة التي تمت في نيسان (أبريل) 2008م، وحصل على 37.4 % من الأصوات بما أتاح له الحصول على 276 مقعداً في مجلس النواب الإيطالي، و146 معقداً في مجلس الشيوخ الإيطالي، وإضافةً لذلك استطاع الحزب في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة التي تمت في عام 2009م أن يحصل على 35.2% من أصوات الإيطاليين بما أتاح الحصول على 35% من المقاعد المخصصة لإيطاليا في البرلمان الأوروبي.
تشير المعطيات الجارية من الصراع السياسي الإيطالي على خط بيرلسكوني – فيني إلى قيام برلسكوني بالتحركات الآتية:
-       صوَّت 33 عضو في قيادة حزب الأحرار الإيطاليين لصالح اقتراح برلسكوني بإقصاء فيني من الحزب، مقابل اعتراض 3 أعضاء فقط اختاروا الوقوف إلى جانب عدم إقصاء فيني.
-       أبلغت قيادة حزب الأحرار الإيطاليين قرار إقصاء فيني إلى الهيئة البرلمانية، ومطالبتها بالقيام بإقصاء فيني عن رئاسة مجلس النواب الإيطالي.
-       بناء كتلة خاصة من 33 نائباً داعمة لفيني داخل مجلس النواب الآتي.برلسكوني
-       استخدام التكتل الجديد في إضعاف كتلة النواب الداعمة لبرلسكوني.
وفي هذا الخصوص فقد أسفرت نتيجة معركة برلسكوني – فيني عن الموقف المعقد الآتي:
·       العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب الإيطالي هو 630 نائباً، والأغلبية التصويتية المغلوبة لإقصاء فيني عن منصب رئيس المجلس هي 316 نائباً.
·       العدد الكلي للنواب المؤيدين للائتلاف الإيطالي الحاكم هو 344 نائباً، وبسبب وقوف 33 نائباً إلى جانب إقصاء فيني عن منصب رئيس المجلس، فإن كتلة برلسكوني تستطيع فقط الحصول على 311 نائباً، وهو عدد أقل من العدد المطلوب بحوالي خمسة نواب.
تقول المعلومات والتقارير بأن غيافرانكو فيني مازال أكثر اهتماماً بالمضي قدماً في لعبة الصراع ضد برلسكوني، وهو يستخدم حالياً أكثر الوسائل خبثاً:
-       سعى إلى بناء تكتل مستقل خاص به داخل مجلس النواب، بحيث ظلَّ يدفع النواب إلى التمرد ضد قيادة برلسكوني.
-       رفض الاستقالة من حزب الأحرار الإيطاليين، وساعياً من أجل خوض المواجهة داخل الحزب ضد برلسكوني.
وإضافةً لذلك، تقول المعلومات والتسريبات، بأن الزعيم نابوليتانو الذي يتولى حالياً منصب الرئيس الإيطالي، هو أيضاً أكثر اهتماماً بإقصاء برلسكوني، فالرئيس نابوليتانو هو من صقور الشيوعيين الإيطاليين السابقين، ويحظى بمزيد من الروابط والعلاقات الوثيقة مع أحزاب يسار الوسط الإيطالية مثل الحزب الاشتراكي الإيطالي والحزب الشيوعي الإيطالي.
وبكلماتٍ أخرى، لن يستطيع برلسكوني الذي يمثل تيار يمين الوسط الإيطالي من الحصول بسهولة على الأغلبية المطلوبة داخل مجلس النواب الإيطالي، وتقول المعلومات والتسريبات بأن التمرد ضد برلسكوني قد امتد إلى مجلس الشيوخ الإيطالي.
وأشارت التسريبات إلى أن الرئيس الإيطالي نابوليتانو يتابع عن كثب قدوم لحظة انتهاء المهلة القانونية لرغيم الائتلاف البرلسكوني لجهة استرداد وضع الأغلبية داخل البرلمان، وفي حال فشله، فسوف يسعى الرئيس نابوليتانو على الفور لجهة الإعلان عن تشكيل حكومة إيطالية مؤقتة تقوم بتصريف الأعمال تمهيداًُ لعقد جولة انتخابات برلمانية مبكرة: فهل يا ترى سوف ينجح برلسكوني في استعادة الأغلبية بما يتيح له الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة على الحكومة العراقية، أم أن حكومته سوف يتم القضاء عليها على خلفية ذرائع انهيار الائتلاف الحاكم.
سقوط حكومة برلسكوني سوف يترتب عليه حدوث المزيد من التطورات الجديدة في الساحة السياسية الإيطالية، وذلك لأن صعود حكومة الائتلاف يجمع قوى الوسط وقوى يسار الوسط، إضافةً إلى بعض قوى اليمين الإيطالي المحافظ هو أمر سوف يُلحق ضرراً بالغاً بالعلاقات الإيطالية – الإسرائيلية التي ازدهرت مؤخراً بسبب دعم إسرائيل واللوبيات الإسرائيلية الإيطالية والأوروبية لسيلفيو برلسكوني، الذي يرتبط بأواصر الصداقة القوية مع وزير الخارجية الإسرائيلي الحالي أفيغدور ليبرمان، وأيضاً جماعات المافيا الروسية – الإسرائيلية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...