ثماني «كولبات» حراسة لثمانية أنفاق رئيسة

27-06-2010

ثماني «كولبات» حراسة لثمانية أنفاق رئيسة

مشهدٌ يومي.. فيه من الخوف والذعر ما يؤهله لينال جائزة أفضل مشهد رعب لهذا العام وكل عام.

أما مكان العرض فهو على الطرق السريعة والأوتسترادات، وبالنسبة لأبطال المشهد فهم اثنان أحدهما يقتصر دوره على رمي نفسه بين السيارات وكأنه اتخذ قراراً بالانتحار دون سابق إنذار، أما البطل الثاني فهو السائق الذي بإمكانه أن يثبت في هذه اللحظة مدى جدارته حمل شهادة قيادة من الدرجة الأولى. ‏

بعد انتهاء المشهد وتنفس الصعداء من قبل المتفرجين خوفاً على المواطن الذي يريد قطع الشارع ركضاً وقفزاً متناسياً وجود نفق أو جسر للمشاة، وقلقهم على السائق الذي لم يخالف قانون السير ويمشي بالسرعة النظامية، يتبادر للجميع سؤال مهم: ما الدافع الذي يجعل من مواطن متوازن يقف بالقرب من نفق أو جسر للمشاة بأن يجتاز الطريق السريع ركضاً بين السيارات، وما ذنب ذلك السائق الذي لم يخالف أياً من قوانين السير إلا أنه اختار هذا الطريق، وقد يصبح أحد الأطراف المسؤولة عن مأساة تحدث كل يوم ولا نجهل أسبابها؟! ‏

- رغم انخفاض عدد الوفيات والجرحى بسبب الحوادث الطرقية لهذا العام إلا أنه لا توجد أرقام واضحة تبيّن عدد الوفيات والجرحى على الطرق السريعة ممن يحاولون اجتياز الشارع من غير المكان المخصص لهم، فلا يكاد يمر يوم أو اثنان حتى نسمع عن أحدهم دهسته سيارة على طريق سريع في مكان ما، وعند سؤالنا عن السبب تتعدد الأجوبة. ‏

الطالبة رشا في (كلية هندسة الكهرباء والميكانيك) قالت: لا أستغرب من أحدهم يقطع طريق المطار عند كليتنا من دون أن يستخدم نفق المشاة لاسيما إن كانت أنثى، فلا يمكن لفتاة أن تعبر هذا النفق في أي حال من الأحوال بسبب الروائح الكريهة فيه، والقصص التي نسمعها عن متسكعين يتحرشون بالفتيات في الأنفاق، لذلك قد أخاطر بتقطيع الشارع من دون أن أستخدم النفق. 
 ولكن الموظفة تسنيم رأت بأنه قد تكون هناك مشكلة في الأنفاق، ولكن المشكلة الأكبر هي عدم وجود ثقافة ووعي مروري في مجتمعنا، والسبب يعود بوجهة نظرها إلى إهمال الجهات المعنية بحملات التوعية المرورية التي لا نشعر بها إلا في اليوم العالمي للمرور. ‏

وأضافت: لابد من تطبيق القوانين وتغريم كل شخص يقطع الشارع من غير المكان المخصص للمشاة، فهو يسبب الأذى لنفسه ولغيره. ‏

أما الطالب جابر في (كلية الزراعة) فقال: تتعدد المشكلات التي تدفع أحدهم لأن يقطع الطريق السريع من دون أن يستخدم الجسر أو النفق في حالة وجوده، ولكن السبب الأهم برأيي هو لا مبالاة بعض الأشخاص الذين يرفضون السير نحو نفق أو جسر قريب منهم، ويخاطرون بحياتهم وحياة غيرهم لتوفير بضع خطوات، وفي بعض الأحيان يقع اللوم على الجهات المرورية المعنية بعدم وجود نفق أو جسر في مكان يتوجب وجوده فيه أو إهمالهم لهذه المنشآت، وبالتالي ابتعاد الناس عن استخدامها. ‏

- عدة جهات تتحمل مسؤولية وفيات الإسفلت الذين نخسرهم يومياً لأسباب معلومة من دون حلول مرتجاة، فعلى المواطن جزء من المسؤولية، وعلى الجهات المعنية بالجسور والأنفاق أيضاً، وغيرها المعني بنشر الوعي والثقافة المرورية. ‏

وبمحاولة تفسير الجزء المتعلق بالمواطن فسنجد بأنه لا يوجد سبب حقيقي يبرر له اجتياز الطريق السريع من دون استخدام الجسور والأنفاق، إلا في حال عدم وجودهم أساساً أو أن يكون الشخص امرأة وبذلك قد تخشى عبور النفق لاسيما في ساعة متأخرة، ولكن هل من الممكن عدم وجود جسر أو نفق على طريق سريع، وما سبب إهمال تلك المنشآت؟ هذا السؤال ينقلنا إلى الطرف الثاني والثالث المعنيين بتحمل المسؤولية وهما مديرية هندسة المرور ومديرية الصيانة. ‏

مدير هندسة المرور المهندس عبد الله عبود أكد أنه لا يجب أن تتجاوز المسافة بين ممرات المشاة وعند المناطق المكتظة 450 متراً علماً أنه يتم في العادة تحديد أماكن المشاة ومن ثم يختار المكان بشكل موزون بطريقة النسبة والتناسب. ‏

وعن وجود بعض المناطق التي يضطر أبناؤها إلى من قطع الطرق السريعة للوصول إلى مدارسهم في الجهة المقابلة ما يسبب الكثير من الحوادث، قال م.عبود: دائماً هناك جسر أو نفق على مقربة من منطقة ما، ولكن البعض يخاطر بحياته مقابل اختصار الطريق ولو بضعة أمتار، وإن مسؤولية الالتزام بوجود نفق أو جسر في الحالة المذكورة تقع على عاتق إدارة المدرسة نفسها. ‏

أما فيما يتعلق بجهل المواطن بالثقافة المرورية فقال م.عبود: تتم التوعية من خلال وسائل الإعلام المحلية كلها وبشكل دوري، ويتم تكثيف ذلك في أسبوع المرور العالمي، وهناك شاخصات دولية يتم تركيبها عادةً تحدد مكان النفق أو الجسر أي ممر إجباري للمشاة. ‏

‏ - ما ذكر سابقاً فيما يتعلق بالوعي المروري، وبناء الجسور والأنفاق يعد غير مجد في حال لم تكن هذه الأخيرة صالحة للاستخدام، لذلك أحدثت محافظة دمشق مؤخراً ما يسمى بدائرة الأنفاق التابعة لمديرية الصيانة، ومهمة هذه الدائرة حسبما ذكر لنا مدير مديرية الصيانة المهندس عادل الأزهر متابعة كل ما يتعلق بنظافة ومستلزمات وحراسة هذه الأنفاق والجسور. ‏

وأضاف المهندس الأزهر: لقد تم مؤخراً صدور قرار بوضع ثماني «كولبات» حراسة على ثمانية أنفاق رئيسة في دمشق لم تحدد بعد، وسيقوم هؤلاء الحراس بحماية الأنفاق ليلاً ونهاراً وبشكل دوري، وستزود تلك الأنفاق بأجهزة إنذار للتنبيه في حال تعرضت لأي مخالفة، إضافة إلى أنه يتم حالياً استكمال الإجراءات الأخيرة لعقد الإنارة إذ ستتم صيانة الإنارة في تلك الأنفاق أيضاً. ‏

‏ - الطرف الآخر من المشكلة وهو السائق غير المخالف، ونعني هنا السائق الذي قد يصدم شخصاً ما حاول اجتياز الطريق السريع رغم وجود نفق أو جسر ومن ثم يسأل: ما ذنبي في هذا الحادث إن لم أخالف قوانين السرعة والسير؟ ‏

خلال اللقاءات التي أجريت في هذا الموضوع كان للسائقين رأي واحد تقريباً فجميعهم أجمعوا على فكرة أن لا ذنب للسائق في مثل هذه الحوادث لاسيما إن كان ملتزماً بحدود السرعة، فالشخص الذي حاول اجتياز الشارع كان مسؤولاً تماماً عن قراره، ويجب مخالفة كل شخص يحاول عبور الشارع من غير المكان المخصص للمشاة بغرامة كبيرة للحد من هذه المشكلة. ‏

المحامي وسام إبراهيم الذي وضح لنا الجانب القانوني في هذا الموضوع، ومدى مسؤولية كل من المواطن والسائق في مثل هذه الحوادث قال: وضع القانون ضوابط تنظم علاقة المشاة والسائقين، وأناطها بقواعد تنص على واجبات كل منهما في العملية المرورية، ومن جهة أخرى عاقب على تجاوز هذه الضوابط ومخالفة القواعد المرورية إضافة إلى ما يترتب من مسؤولية مدنية عن الأضرار الناشئة عن هذه التجاوزات والمخالفات. ‏

وأضاف المحامي إبراهيم: إن من أهم واجبات السائقين تجاه المشاة كما نص عليها قانون السير وجوب أن يكون السائق يقظاً ومسيطراً على المركبة التي يقودها وأن يتأكد من استيفاء مركبته لشروط السير وأن يتخذ على الدوام الاحتياطات اللازمة التي تكفل سلامته وسلامة غيره من مستعملي الطريق، كما نص القانون على وجوب أن يتجنب السائق الإضرار بالأشخاص والأملاك العامة والخاصة وعليه بوجه عام أن يعمل على توفير طمأنينة غيره من مستعملي الطريق وسلامتهم. ‏

وأخيراً يتوجب على السائق التوقف قبل الممر المحدد للمشاة عندما يكون الطريق مغلقاً أمامه بإشارة ضوئية أو من قبل منظم المرور، والاقتراب من ممر المشاة بسرعة معتدلة والتوقف إذا اقتضى الأمر إن كان العبور غير منظم بإشارة ضوئية أو من قبل منظم المرور. ‏

وعن مسؤولية المشاة أجاب إبراهيم: عاقب قانون السير بغرامة مقدارُها مئتا ليرة سورية من لا يتقيد من المشاة بإشارة المرور الخاصة بهم حال وجودها أو العبور من غير الأماكن المخصصة لهم. ‏

‏- على السائق مسؤولية جزائية وأخرى مدنية حسبما ذكر المحامي إبراهيم، ولكن ما هي مسؤولية مساهمة السائق غير المخالف في الحادث؟ هذه الحالة وهي مساهمة المصدوم في الحادث قال عنها المحامي: إذا ساهم المصدوم في وقوع الحادث بخطاه فإن مسؤولية الصادم لا تسقط، فإذا فوجئ سائق المركبة بأحد المارة يقطع الطريق من غير المكان المخصص لعبور المشاة فإن السائق يبقى مسؤولاً جزائياً ومدنياً، لأن من واجبه أن يتفادى المارة حتى وإن خالفوا نظام السير. ولكن ذلك يؤثر على العقوبة والتعويض فيخفضهما. ‏

وأضاف إبراهيم: جاء في قانون السير أنه إذا كان سبب الحادث خطأ وقع من المتضرر أو من الشخص الثالث بالاشتراك مع خطأ وقع من المالك أو من أحد الأشخاص المسؤولين عنهم أو من حالة المركبة فيعفى المالك من المسؤولية إعفاءً جزائياً، ونص قانون العقوبات أيضاً على تخفيض العقوبة في حال كان الموت أو الإيذاء نتيجة عدة أسباب يجهلها الفاعل وكانت مستقلة عن فعله؛ أما تحديد نسبة مساهمة كل من الصادم والمصدوم في الحادث فإن ذلك يعود لتقدير المحكمة التي تستعين بالخبراء الفنيين لتحديدها، والتي توزع كنسبة مئوية على كل من ساهم بالحادث بخطئه من الصادم والمصدوم، وعلى ضوء ذلك تخفف العقوبة وتحكم بالتعويض حسب مساهمة الطرفين بالخطأ. ‏

فراس العلي

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...