غذاء الأولمبيين يستفّز المجتمع الصيني
يحرص الرياضيون، وخصوصاً من يشارك منهم في الألعاب الأولمبية، على مراقبة نوعية الغذاء الذي يتناولونه. وفيما يحتاج معظم الأشخاص المتوسّطي النشاط إلى تناول حوالى ألفي سعرة حرارية في اليوم بحسب وزنهم وجنسهم، يحتاج المشاركون في الألعاب الأولمبية إلى المزيد من السعرات اليومية. يقدّر الخبراء حاجة معظم النساء منهم إلى ما يتراوح بين 2000 و3000 سعرة حرارية في اليوم، بينما ترتفع حاجة الرجال منهم إلى ما بين 3000 و5000 سعرة يومياً.
مع أن المقابلات الحديثة أظهرت أن الحائز ثماني ميداليات في الدورة الأولمبية الحالية مايكل فيلبس يتناول كمية من السعرات الحرارية تصل إلى 10000 سعرة يومياً، وهي كمية هائلة بحسب خبراء التغذية. ذلك أن حاجة الرياضيين الأولمبيين الغذائية تتفاوت بشكل كبير بحسب نوع الرياضة التي يمارسونها وأحجام أجسادهم، فمثلاً، السباحة لمدة طويلة تحرق الكثير من السعرات.
بالإضافة إلى ذلك، يعترف فيلبس، مثلما يفعل زميله، بطل السّباحة الأميركي ريان لوكتي الحائز ميداليتين ذهبيتين، أنه لا يهتم كثيراً بنوعية الغذاء الذي يتناوله، وأنه يفرط أحياناً في تناول وجبات الأكل السريع الغنية بالدهون. لكن معظم الرياضيين يراقبون بتشدد نوعية غذائهم. ولا شك في أن هذا الواقع قد طرح مشكلات ضخمة لمنظّمي الدورة الأولمبية الحالية في بكين، حيث كان عليهم التعامل مع الصعوبات العملية واللوجستية لإطعام أكثر من 10000 رياضي من المحترفين العالي المستوى.
وقد صُمّم الغذاء الذي يقدّم للرياضيين المشاركين في الألعاب الأولمبية في بكين مع أخذ مبادئ غذاء الرياضيين بعين الاعتبار. فقد طوّرت الشركة التي التزمت تأمين الطعام في بكين قائمتها بالاستناد إلى المعلومات التي توفّرها «الجمعية الغذائية الأميركية»، جمعية «خبراء التغذية في كندا» و «الكلية الأميركية للطب الرياضي».
وبما أن الصين هي البلد المضيف لهذه الدورة من الأولمبياد، فقد تضمّنت لوائح الطعام أطباقاً صينية تقليدية وأخرى من المطبخ الآسيوي عموماً، بما فيها بط بكين وأنواع عدة من المعجنات الشبيهة بالشعيرية (النودلز) وأطباق «بط بكين» الشهيرة.
ليس الرياضيون وحدهم من تناول هذا الطعام. فقد شاركهم في ذلك أكثر من 28000 شخص من رياضيين ومدربين وإداريين ولوجستيين من جميع أنحاء العالم.
تشير هذه الأرقام إلى الكمية الهائلة من الطعام اللازم. فبحسب الشركة المتعهدة تأمين الطعام، طُلبت الكميات التالية تقريباً: 42000 كيلو من ثمار البحر و243000 كيلو من اللحم. حوالى 17000 كيلو من المعكرونة و61000 كيلو من الأرز. 743000 كيلو من البطاطا وأكثر من 800000 بيضة. أكثر من مليون تفاحة، 936000 موزة، و312000 برتقالة. 684000 جزرة، 20000 خسّة، حوالى 21000 كيلو من البصل و22000 كيلو من الفطر. ما يفوق 26000 كيلو من الجبن. 190000 رغيف من الخبز و2500 كيلو من الزبدة.
وقد تطلب إنتاج هذه الكمية الضخمة من الطعام تخطيطاً استغرق قرابة سنة. فقد بدأت الصين بتربية خنازير خصيصاً لإطعام المشاركين في الأولمبياد منذ بداية عام 2007. وقد رُبّيت هذه الخنازير على الطريقة العضوية وأُجبرت يومياً على التمرين لتحسين نوعية لحمها، ما أدى إلى ارتفاع أصوات منتقدة من جانب المجتمع المدني الصيني.
«أفضّل أن أكون خنزيراً مخصصاً للأولمبياد على أن أكون إنساناً في منجم فحم»، كتب أحد أصحاب المدوّنات، ملمّحاً إلى آلاف العمال الذين قضوا خلال هذا العام في مناجم الفحم الصينية.
تعبّر هذه الكلمات عن مدى السخط المتزايد في أوساط المواطنين الصينيين العاديين الذين يخضعون لنظام غذائي فقير في نوعيته ولبيئة عمل خطيرة وغير إنسانية. فقد استفز هذا الواقع الكثير من المواطنين الذين عدّوه بمثابة تمييز ضدهم: فهم يتناولون طعاماً رديء النوعية في تبعاته الصحية، بينما يحظى ضيوف الأولمبياد بمعاملة خاصة ويتمتعون بها.
إلا أن المشهد يبدو مختلفاً بالنسبة إلى الدورة الأولمبية المقبلة التي ستعقد في لندن عام 2012، حيث ستظهر فوائد الأغذية المحلية الموسمية والعضوية، بينما سيكون على الطعام المستورد أن يستوفي شروط معايير التجارة العادلة. فقد أشار عضو في إحدى المنظمات المعنية بالزراعة العضوية في بريطانيا إلى أنه في مواجهة أزمة البدانة الحالية، على المنظمين «أن يعززوا الطعام الصحي والمستدام».
لكن يبقى أن نرى إذا كانت عوامل الإرادة الحسنة، الضرورات العملية والقدرة المالية ستتمكّن من التعايش.
رنا حايك
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد