هل يتحد العراق ؟

26-03-2015

هل يتحد العراق ؟

الجمل- * واقار ريجفي- ترجمة: رندة القاسم:
منذ بدء الحرب على العراق عام 2003 و الإدراك بأن المحتلين الخارجيين لن يرحب بهم كمحررين، كما كان يأمل وزير الدفاع الأميركي آنذاك، و هناك جهود مستمرة للاحتفاظ بالرواية التي تتحدث عن الانقسامات الطائفية المتزايدة.
و في عام 2006 ذهب جو بيدين، الذي كان حينها عضوا في مجلس الشيوخ و الآن أصبح نائبا للرئيس، إلى حد اقتراح تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم مستقلة وفقا لخطوط طائفية اثنيه.
و في اللحظة التي تحرر فيها العراق من قبضة صدام حسين، و مضى في  طريق الديمقراطية، و العاملون  الخارجيون يتوقعون و لوقت طويل، كحال معظم الشعب، بأن الشيعة سيصلون بشكل طبيعي للسلطة. و لهذا لوحظ  بأن دول المنطقة، لاسيما السعودية و حلفاءها في مجلس التعاون الخليجي، و كذلك الغرب، قاموا عبر التصريحات الرسمية  و وسائل الإعلام بشن جهود مكثفة لإقناعنا بأن الطائفية رديف كلمة العراق.
و إذا أخذنا بعين الاعتبار كره السعوديين لكل ما هو شيعي بشكل  يعميهم عن إدراك مصلحة المجتمع الإسلامي بشكل عام، فإن موقف آل سعود يبدو متوقعا،  و كذلك حال موقف الغرب مع كون أي انقسام شيعي سني يناسب رغبته بالاحتفاظ بالنفوذ عبر منهج "فرق تسد".
و المناشدات المفرطة من أجل قيام السلطات الشيعية المتعاقبة باحترام أخوتها السنة، و كأنها تدور في حلقة لا تنتهي، قد أدت بنا إلى نسيان بعض الحقائق الهامة.
فمن دون أي دفع  من عناصر خارجية ، أطلق علماء الشيعة في العراق، مثل آية الله أكبر علي السيستاني رجل الدين الأقوى بالنسبة لمعظم العراقيين الشيعة، أوامر تتعلق بوحدة المسلمين. بل إن آية الله سيستاني ذهب إلى حد أمر الشيعة بعدم الإشارة إلى السنة بعبارة "أخوتنا" و لكن  ب "نحن". و حظر أي استخفاف بالمقدسات السنية كان كتابيا و تم نشره كأوامر رسمية يجب إطاعتها من قبل الشيعة.
و منذ ذلك الوقت لم يلزم آية الله سيستاني الصمت أبدا حيال أي أمر يتعلق بوحدة المسلمين، مذكرا الحكومة بواجباتها تجاههم في خطب الجمعة الأسبوعية من قبل ممثليه في مدينة كربلاء المقدسة. و بدورهم تجاهل الغرب و الحكومات الإقليمية و وسائل إعلامهم هكذا تصريحات ، أو ذكروها بشكل عابر.
و وقوع اعتداءات أمر غير قابل للنقاش، ففي صندوق التفاح قد توجد تفاحات فاسدات تؤذي الصالحات. و ما من تبرير لأي من هذه الجرائم و يجب عدم فهم أن هذا هو الهدف من المقال. و ذكرت الحكومة العراقية أنها ستحقق في كل الادعاءات، و سيمثل الجميع أمام القضاء بغض النظر عن الطائفة. و الزمن كفيل بأن يثبت قدرة الحكومة على الإيفاء بوعدها،  كما ينبغي عليها، و وفقا لرغبات العلماء الشيعة.
ومع  اعتقاد السعوديين و الغربيين أنهم في موقع سلطة أخلاقية يمكنهم من  الحديث عن حماية العراقيين السنة، فمن الجدير ذكره أن أفرادا منهم و أعمالهم الجمعية هي ما ساهم في خلق أي إحساس بالطائفية. و علاوة على ذلك، هناك حقيقة لا يمكن إنكارها مفادها أنه وسط الفوضى التي حلت في العراق منذ 2003 سفكت دماء مسلمين سنه و شيعة على حد سواء. و كانت هناك هجمات طائفية مستهدفة ، و لكن ليست على يد عراقيين عاديين، بل موالي صدام حسين الساعين للثأر، و ميليشيات مدعومة من أمثال السعودية الذين لا يريدون شيئا سوى زرع الكره عبر سفكهم للدماء.
و خلال معارك تحرير تكريت من الدولة الإسلامية (أو الدولة غير الإسلامية، المجموعة التي يقع عليها اللوم و التي يمكن تدوين الكثير من الكتب حول تأسيسها في الولايات المتحدة و السعودية) ارتفعت الأصوات المطالبة باتخاذ الحذر مما سيرتكبه المقاتلون المتطوعون الشيعة بحق السنة عندما يحررون مناطقهم. و هذه الأصوات لم تقم فقط بتجاهل  تصريح آية الله سيستاني المتعلق بقواعد القتال في أرض المعركة، و لاسيما القائلة بعدم إلحاق الأذى بأي شخص محرر و عدم الأخذ بالثأر حتى من أولئك الذي ساندوا الدولة الإسلامية، بل  غضت الطرف أيضا عن قصص انضمام السنة إلى مقاتلين شيعة.
و حقيقة معركة تكريت كشفت بسهولة الفجوات الرئيسية في الرواية الطائفية، فكيف للخبراء بالعراق المقسم أن يقوموا فجأة بالتراجع و الاعتراف بعمل متطوعين سنه و رجال قبائل يدا بيد مع أخوتهم الشيعة لتحرير بلدهم من وباء حل بهم على يد الخارج؟
و مع ذلك ، و هم يصرون أسنانهم، توجب عليهم ذكر الحقيقة غير الملائمة. فهؤلاء المحللون الذين يفهمون و يعرفون القليل عن كيفية عمل علماء السنة  و الشيعة، اجبروا على الاعتراف بالحقائق ، بشكل سريع و بكثير من المرارة. كان عليهم الاعتراف بأن قوات التطوع التي حررت بلدة العلم استقبلها السكان السنة كمحررين . كان عليهم الاعتراف بازدياد أعداد السنة المنضمين إلى صفوف الشيعة  للقتال يدا بيد في معركتهم ضد سرطان الدولة الإسلامية. و كل هذا ذكر بنغمة استياء في كلماتهم من أجل ترك الشك في عقول القراء و المستمعين و المشاهدين. فهم يريدون لتلك الفجوة الكبيرة أن تبقى مفتوحة بحيث يستطيعون القفز إليها ثانية بخطبهم حول الطائفية.
تجاوز كل ذلك هو  لصالح الشعب العراقي و السلطات. و عليهم أن يدركوا أنهم هم أنفسهم يجب أن يفتحوا عيونهم و آذانهم لتوجيه علمائهم الدينيين، الذين يعظون و يأمرون و يأملون بوحدة المسلمين، و كلماتهم واحدة و مع ذلك تُنسى من قبل وسائل الإعلام و الحكومات الأجنبية و بعض الأشخاص.
فليعد العراقيون إلى جذورهم حين كان المواطنون يتحدثون عن الأخوة فيما بينهم. دعوهم يسألوا أنفسهم: من المستفيد من الانقسامات وفقا للخطوط الطائفية و الاثنية؟ أليس الدم العراقي أكثر ما سفك بينما من في الخارج يشعلون نيران الكره الزائف؟
برص الصفوف و طرد أولئك الذين لا يحملون مصالح الدولة في قلوبهم يمكن للسلطات و الشعب العمل من أجل بناء وطن للجميع مع وجود عناصر فاعلة تعمل من أجل هذا الهدف. بيئة الكره و الخوف يجب أن تنتهي، و يجب أن يستعاد الأمن بالعمل معا  و بإحساس الجميع بقيمة حياة كل مواطن.


*محلل سياسي باكستاني مختص بالفلسفة و الأديان.

عن موقع Press TV

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...