ملف بناء الجيش العراقي الجديد والأسئلة الحرجة

27-02-2010

ملف بناء الجيش العراقي الجديد والأسئلة الحرجة

الجمل: أشارت التقارير الأخيرة الواردة من العاصمة العراقية بغداد, بأن السلطات العراقية, قد أصدرت قرارا بإعادة استيعاب 20 ألف من ضباط الجيش العراقي السابق, وتقول المعلومات, بان هناك حوالي 60 ألف مازالت عمليه إعادة استيعابهم بانتظار اكتمال إجراءات الفحص والتدقيق التي تقوم بها السلطات العراقية حاليا.
ملف بناء الجيش العراقي الجديد: أبرز التطورات الجارية
تشير معطيات خبرة العراق المعاصر, إلى أن الجيش العراقي ظل يمثل لاعبا أساسيا في كل المراحل السياسية العراقية, وفي هذه الخصوص نشير إلى المعلومات الآتية:
• تم تأسيس الجيش العراقي بعد ثورة عام 1920م, وقد ضم الجيش العراقي الذي تكونت نواته الأولى التي تشكلت في عام 1921م, على يد الضباط الذين لعبوا دورا بارزا في المراحل اللاحقة, ومنهم نوري السعيد, وعبد الكريم قاسم.
• العقيدة المذهبية التي تم تشكيل الجيش العراقي على أساسها هي: حماية النظام الملكي الدستوري العراقي.
• لم يلتزم ضباط الجيش العراقي لا بالمذهبية المتعلقة بحماية الملكية الدستورية, ولا بمذهبية الحياد إزاء الصراعات السياسية, وكان أن قام الجيش العراقي بسلسلة من الانقلابات العسكرية: -  انقلاب بكر صدقي عام 1936- انقلاب عبد الكريم قاسم عام 1958- انقلاب عبد السلام عارف عام 1963- انقلاب البكر- انقلاب صدام حسين عام 1968م.بول بريمر
• خاض الجيش العراقي سلسلة من الحروب، منها الحروب الإقليمية ضد إيران, وضد الكويت, وضد القوات الأميركية والدولية المتعددة الجنسيات, إضافة إلى الحروب الداخلية ضد الأكراد, وقمع الانتفاضات المسلحة العراقية التي كانت تحدث بشكل متقطع, وعلى وجه الخصوص في مناطق جنوب العراق.
• بعد إكمال القوات الأميركية في نيسان (إبريل) 2003م لعملية الغزو واحتلال العراق, بادر الجنرال الأميركي بول بريمر, الذي عين حاكما عسكريا للعراق, بإصدار قرار بحل الجيش العراقي وتسريحه.
أدت عملية تسريح عناصر الجيش العراقي, إلى تحول عناصره, الذين يقدر عددهم بمئات الألوف إلى قطاع الحياة المدنية, وبشكل فجائي, ولما كانت الأغلبية العظمى من هذه العناصر, قد انتقلت بكامل أسلحتها, وعلى خلفية معرفتها بفنون وأساليب القتال والحرب, فقد انخرطت الأغلبية العظمى من الذين تم تسريحهم في عمليات المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأميركي, الأمر الذي أدى إلى تصعيد وتائر العمليات المسلحة ضد الاحتلال.
تقول المعلومات والتسريبات, بأن حكومة نوري المالكي الحالية, تسعى من قرار إعادة الاستيعاب إلى تخفيف ضغوط المعارضة, وذلك على أساس اعتبارات أن العناصر المعاد استيعابها سوف لن تنخرط في عمليات وأنشطة المقاومة, وإضافة لذلك فإن المعاد استيعابهم سوف يتم استخدامهم لاحقا في عمليات مكافحة التمرد والمليشيات والفصائل العراقية المسلحة, الناشطة حاليا خارج إطار العملية السياسية العراقية الجارية بإشراف الحكومة العراقية وسلطات الاحتلال الأميركي.
الخلافات الجارية حول الجيش العراقي الجديد: الأسئلة الحرجة؟
تشير الوقائع الجارية, إلى أن الجنرال بول بريمر قد أصدر قرار حل وتسريح الجيش العراقي, ولكنه احتفظ بحوالي 500 عنصر تم اختيارهم بدقة, لجهة القيام بمهام الدفاع والحماية عن المطار. ولاحقا, تواصلت جهود إعادة بناء الجيش العراقي, وعند صعود نوري المالكي إلى الحكومة كان قوام الجيش العراقي الجديد يتضمن حوالي 6 فرق, وتقول المعلومات بأن العدد المستهدف سوف يكون في حدود 14 فرقة بانتهاء عام 2010م الحالي.نوري المالكي
ينظر العديد من الساسة العراقيين بتشاؤم كبير إزاء عملية إعادة بناء الجيش العراقي عن طريق استيعاب عناصر الجيش العراقي السابق, وتقول وجهات النظر المتشائمة هذه, بأن عملة بناء الجيش العراقي الجديد, غير ممكنة حاليا, وذلك للأسباب الآتية:
• وجود قوات الاحتلال الأميركي, والتي سوف تسعى بضرورة الإشراف على إعداد وتدريب وتجهيز هذا الجيش على النحور الذي لن يجعل منه سوى وكيلا عسكريا للجيش الأميركي في المنطقة.
• مكونات الجيش العراقي السابق, ترتبط بمذهبية نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين, وبالتالي, فإن فرض مذهبية عسكرية قتالية جديدة سوف يكون أمرا مشكوكا في نجاحه.
• تزايد ضغوط أعمال المقاومة المسلحة, والتي لم تعد تستهدف القوات الأميركية وحسب, وإنما أيضا عناصر المجندين الجدد وقوات الأمن العراقية العاملة, وبالتالي فمن الصعب بناء جيش جديد في ظل هذه الضغوط.
• وجود قوات الاحتلال الأميركية, يصعب معه السيطرة على حياد الجيش الجديد, خاصة وأن المشاعر الوطنية العراقية سوف تدفع العديد من عناصر هذا الجيش إلى التعاطف مع عمليات المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأميركي وقواته.
هذا, وإضافة لذلك, فقد برزت العديد من المشاكل والخلافات المتعلقة بكيفية بناء هذا الجيش, وعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى الآتي:
• قوات الأمن العراقية الموجودة حاليا غير المؤهلة بالشكل الكافي من أجل القيام بعمليات مكافحة التمرد المسلح.
• تعاني قوات الأمن العراقية من الاختراقات الطائفية والعرقية.
أما مشكلة المشاكل, فتتمثل في أن قوات الأمن العراقية الحالية, والتي تعتبر بمثابة النواة للجيش الجديد, هي بالأساس قوات أمن تم تنظيم وحداتها وقطاعاتها العسكرية على أساس الخطوط والتقسيمات الطائفية والعرقية, فهناك وحدات تتكون حصرا من الشيعة, ووحدات أخرى تتكون من السنة, أما العدد الأكبر منها فيتكون من عناصر قوات البشمركه الكردية, وبالتالي, فإن اعتماد هذه التشكيلات كأساس لقيام الجيش العراقي الجديد سوف يكون في حد ذاته أمرا محفوفا بالمخاطر, وتشير الخلافات إلى أن النقاش يتركز حاليا حول مذهبية الجيش العراقي الجديد, والتي يطالب الساسة العراقيون بأن تكون مذهبية تتضمن الخطوط الآتية:
• الدفاع عن حدود الدولة العراقية.
• حماية المنشآت والحياة المدنية.
• المساعدة في معالجة الأزمات.
ولكن وبرغم ذلك, فإن الساسة العراقيون مازالوا أكثر تخوفا من احتمالات أن يسعى الجيش العراقي الجديد لجهة التدخل في الشؤون السياسية, وهو تدخل سوف ينطوي هذه المرة على المزيد من المرارات والتداعيات الوخيمة العواقب على العملية السياسية العراقية الجارية, خاصة وأن الرأي العام العراقي ينظر بقدر كبير من الكراهية للزعامات السياسية الحالية ويعتبرها المسئول الأول عن جرائم الاحتلال الأميركي, والتي تستوجب القصاص مهما طال الزمن, وبالتالي, فهناك رؤوس عراقية كثيرة, سوف تظل تنتظر "صاحبها" والذي قد يتقدم لقطافها, خاصة وأنها رؤوس سوف تصبح "يانعة" بعد خروج قوات الاحتلال الأميركي!.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...