مصفاة حمص: هدر قيمته المالية بالمليارات عبر بضع سنوات؟! ..

29-06-2008

مصفاة حمص: هدر قيمته المالية بالمليارات عبر بضع سنوات؟! ..

إن كان الصبر على الحصرم هدفه نضوج العنب، فإنّ صبر الجهات الوصائية على إدارة مصفاة حمص لم ينتج سوى الحصرم ذاته، وإنّ حصرم إدارة كإدارة مصفاة حمص لم ينتج منذ سنوات سوى فضيحة إنتاجية تكشفها تشرين بفضل جهودها في التقصي ومتابعة شؤون الخطة الإنتاجية منذ العام 2000، وبمساعدة مختصّين وفنيين من صلب العملية الإنتاجية في المصفاة، واعتماداً على أرقام الإدارة الرسمية، وتوضيحات الإدارة التي كانت مكمّلة للعبة الأرقام الإنتاجية..

ولأنّ مساحة التحقيق الصحفي لا تحتمل الخوض في أرقام خطط الإنتاج للسنوات الساّبقة، اعتمدت تشرين نموذج خطة العام 2007 كونها الخطة الأحدث المكتملة،..وإنّ ما تعترف به إدارة مصفاة حمص من انحرافات الإنتاج لديها بعد تنفيذ الخطة الإنتاجية لعام 2007مقارنة بالمخطط هو بمثابة إذن الجمل وليس الجمل كلّه، فإدارة المصفاة تقرّ بنقص عن الخطة في إنتاج البوتان ـ الغاز المنزلي بلغ 1024طناً بوتان فقط، ونقص عن الخطة في إنتاج كيروسين الطيران بلغ 11742طناً ونقص عن الخطة في الكيروسين العادي بلغ بحدود 21 ألف طن فقط، وهذا النقص في المواد الثلاث وفق أسعار العام 2007 تصل قيمته إلى حدود 900مليون ل.س.. 
 وينكشف مدى الخلل في العملية الإنتاجية بمجرّد معرفة أنّه تمتّ زيادة تكرير نفط خام بمقدار 677 ألف طن عن الخطة المقررة، وبدلاً من أن تتكفّل هذه الزيادة برفع الأرقام الإنتاجية للبوتان والكيروسين حدث النقص في كميات إنتاج هذه المشتقات المهمّة عمّا كان مخططاً إنتاجه؟! ولكن الأمور أكثر مأساوية في النقص الحاصل بهذه المنتجات مقارنة بما يجب إنتاجه من كميات النفط المكررة فعلياً، وما تمّ إنتاجه فعلياً من مشتقات، والفداحة تتمثّل أيضاً في نقص ما لا يقل عن نصف مليون طن مازوت وبقيمة تتجاوز مليار ل.س تمّ هدرها ضمن الفيول نتيجة سوء التشغيل وبما لا تعترف به إدارة مصفاة حمص، وتستثمر هذه الإدارة إضافة الكيروسين الفائض عن الحاجة إلى المازوت المنتج كستار على نقص المازوت الهابط مع الفيول، ومع وجود قرار من وزارة النفط يسمح بهذه الإضافة، فإنّ التنفيذ الفعلي للقرار تحوّل إلى التغطية على الخلل الإنتاجي!! ‏

ويكفي إثبات الخلل في كميات منتج واحد كي ينسف مصداقية الخطة الإنتاجية لشركة مصفاة حمص بكاملها عند وضع الخطة وبعد تنفيذها الفعلي، فكيف يصبح الحال عند التوسّع لكشف الخلل في أكثر من منتج رئيس، كما وثّقته تشرين..؟! الأمور لها وقع الفضيحة الإنتاجية المخفية عن الجهات الوصائية كافة إذ إن الخلل ذاته يتكرر سنوياً، ولا يتمّ احترام الأسس العلمية في وضع الخطة الإنتاجية (تقييم النفط بمكوناته وتقييم الخط التكنولوجي وإمكاناته) لذلك، فإنّ الفرق باهظ الوقع بين ما يجب إنتاجه من مشتقات نتيجة كميات الخام المكررة فعلياً، وما تمّ إنتاجه فعلياً من مشتقات، وتعادل كميات النقص المخفية ما قيمته عشرات المليارات من الليرات السورية خلال بضع سنوات، وفي عهدة الإدارة الإنتاجية ذاتها المتجذرة في مصفاة حمص. ‏

‏ - نلتزم تجاه شؤون المازوت بمعايير فنية وحسابات قام بها فنيوّن من كوادر المصفاة، وتطلّب الموضوع معاناة ما في التقصي للوصول إلى الأرقام الرسمية للإدارة والأرقام الدقيقة الحقيقية، ولكن لابدّ أوّلاً من شرح مبسّط قبل الخوض في أرقام المازوت، وهنا يمكن اعتماد وثيقة رسمية هي مخطط تكنولوجي مبسّط لوحدات المصفاة موجود في الموقع الرسمي لمصفاة حمص على شبكة الإنترنيت، وتكفّل الفنيّون المختصّون بشرحه كي يمكن استيعاب عمل المصفاة بالقدر الذي يمكن تبسيطه لغير المختص وللقارئ، ويتحدد التوضيح هنا بما يخدم معرفة شؤون المازوت.. ‏

إذ تكرر مصفاة حمص نوعين من النفط الخام هما (الخام السوري الخفيف، وهو من الأنواع الجيدة عالمياً ويتضمّن مازوتاً بنسبه 25.28% حسب تقييم النفط الرسمي المعتمد، والنفط الخام السوري الثقيل وهو أقل جودة ويتضمّن مازوتاً بنسبة 19.9%وثيقة التقييم )، ويأتي النفط الخام لتكريره في وحدات التقطير، التي تتكفّل بإنتاج المشتقات، ويجب أن تكون نسبة إنتاج كلّ مشتق متوافقة مع نسبة كلّ مشتق في مكوّنات النفط الخام.. ‏

وتتكفّل وحدات التقطير بإنتاج نسبة من المشتقات بشكلها النهائي القابل للتسويق، وأهمّ ما تتطلّبه هنا معرفة شؤون المازوت هو الفيول الناتج عن وحدات التقاطير الذي يغذي وحدة التفحيم كي تنتج منه مشتقات عديدة أهمّها المازوت بنسبة52%من الفيول الدّاخل إليها، والشأن الآخر المرتبط بالفيول الذي يغذّي وحدات الإسفلت التي تنتج جملة مشتقات بينها مازوت بنسبة 10%من الفيول الدّاخل إليها. ‏

والآن يمكن إسقاط الأرقام على واقع التكرير الذي حدث في 2007، فالمصفاة كررت فعلياً أكثر من 2.25مليون طن نفط خام خفيف يجب أن ينتج عنها في وحدات التقاطير المازوت بنسبة 25.28% أي بما يعادل حوالي 569 ألف طن مازوت، وكررت المصفاة أكثر من 3.50مليون طن نفط خام ثقيل يجب أن ينتج عنها في وحدات التقطير المازوت بنسبة 19.9% أي بما يعادل حوالى 716ألف طن مازوت، وتمّت تغذية وحدة التفحيم ب867ألف طن فيول يجب أن تنتج منها 25% مازوتاً أيّ بما يعادل 450 ألف طن مازوت، وتمّت تغذية وحدات الإسفلت بـ580ألف طن فيول يجب أن تنتج منها 10%مازوتاً أي بما يعادل 58 ألف طن مازوت، وهكذا تصبح كميات المازوت الواجب إنتاجها من كامل المصفاة اعتماداً على الكميات المكررة فعلياً حوالى 1.8مليون طن مازوت عام 2007. ‏

وهذا الرقم الذي حسبه فنيون خبروا العملية الإنتاجية، ووفق أسس علمية وتقييم النفط وتقييم وحدات المصفاة،..ووفق طبيعة الخط التكنولوجي للمصفاة، هو رقم شبه متطابق مع الرقم الرسمي المعتمد لدى إدارة المصفاة والخاصّ بما تمّ إنتاجه فعلياً عام 2007 من المازوت، ولكن وهنا الطّامة الكبرى إذ في تفصيلات الرقم الرسمي للإدارة الخاص بالمازوت ما يكشف الخلل الأكبر.. ‏

- تضيف الإدارة إلى المازوت الكميات الفائضة من الكيروسين العادي (الكاز) نظراً لفقدان الحاجة إليه في السّوق، وهذا مسموح لها إذ يوجد قرار من وزارة النفط يسمح بإضافة الكيروسين المنتج الفائض عن استخدامات (كيروسين الطيران والكيروسين المنزلي) إلى مادة المازوت ويطرح في الأسواق كمازوت، والسبب تقلّص كبير في استخدامات الكيروسين العادي الكاز، وحسب إدارة المصفاة في توضيحاتها لتشرين فإنّ الكيروسين العادي يوجد منه الكثير ولكن يتمّ الاستجرار منه بحسب طلب (شركة محروقات) والفائض منه يذهب إلى المازوت ولا يهدر، ويجب ملاحظة هذه الجملة الرسمية للإدارة الخاصّة بإضافة الكثير من الكيروسين إلى المازوت، وطبعاً قرار وزارة النفط لا يسمح بأن يغطّي الكيروسين نقص المازوت الواجب إنتاجه.. ‏

ومع أرقام الكيروسين تسقط مصداقية رقم الإدارة الرسمي الخاص بإنتاج المازوت عام 2007والبالغ أكثر من1.8مليون طن مازوت، إذ فيه الكثير من الكيروسين العادي، ووصلت كميات الكيروسين المضافة إلى المازوت عام 2007 إلى نصف مليون طن، وهكذا انطلاقاً من المعطيات الرقمية الرسمية للإدارة يصبح الرقم الحقيقي لإنتاج المازوت دون الكيروسين العادي هو (1.3مليون طن مازوت فقط)، وبهذا الرقم تتجسّد إحدى أكبر فصول الفضيحة الإنتاجية في مصفاة حمص، إذ يجب أن تنتج المصفاة مازوتاً 1.8مليون طن من (التقطير ـ التفحيم ـ الإسفلت) بدون إضافة الكيروسين، وإنّ الفائض من الكيروسين المضاف إلى المازوت كان يجب أن يجعل رقم إنتاج المازوت يزيد ليصل إلى2.3مليون طن..، بينما الإدارة تتغنّى برقم 1.8مليون طن من المازوت المضاف إليه كيروسين على أنّها زيادة في إنتاج المازوت عن المخطط له؟! ‏

ويمكن تصوّر الخسارة الباهظة هنا عند معرفة أنّ ثمن طن المازوت يبلغ 482.7دولارات فيصبح الرقم الخاص بقيمة المازوت المفقودة داخل الفيول رقماً ثقيلاً، وتتجاوز القيمة المالية الإجمالية لنصف مليون طن مازوت 233مليون دولار، بما يتجاوز المليار ومئتي مليون ل.س ضاعت في الفيول؟!.. وطبعاً على الأقل كميات المازوت الكبيرة الضائعة في الفيول، كان يمكن أن تعوّض عن استيراد كمية المازوت المقابلة لها، ومع ذلك جاء في توضيحات إدارة المصفاة لتشرين التالي: إنّ زيادة إنتاج المازوت يثبت بأنّ العملية الإنتاجية في مصفاة حمص تسير بشكل جيّد ؟! فأيّ زيادة عن المخطط إذا كانت ناجمة فقط عن إضافة الكيروسين؟! ‏

- من المناسب أيضاً معرفة شؤون الكيروسين ضمن الخطة الرسمية للإدارة وتتبع تنفيذها عام 2007، إذ وفق التقييم الرسمي والعلمي للنفط الخام الذي تكرره مصفاة حمص فإنّ نسبة الكيروسين في الخام الخفيف 10.10% ونسبته في الخام الثقيل 12.48% وبحساب الكيروسين المتوفّر في كميات الخام المكررة فعلياً في المصفاة ينكشف الرقم الكبير الواجب إنتاجه من الكيروسين والبالغ أكثر من (676ألف طن كيروسين)، وهو يتجاوز خمسة أضعاف الإنتاج الفعلي من الكيروسين في مصفاة حمص.. ‏

وإذ توجد مبررات للإدارة تجاه محدودية إمكانية وحداتها في إنتاج كيروسين الطيران، فهل يبرر لها أن تضع خطة إنتاج كيروسين الطيران كي تنتج أقل من الخطة، ودون أن تُسأل لماذا التقصير عن رقم الخطة مع أنّه تمّت زيادة كميات الخام المكرر فعلياً، مقارنة بما كان مخططاً له؟! ‏

وتجدر الإشارة إلى أنّ شؤون السّوق تفرض إضافة الكيروسين إلى المازوت ولكن شؤون السّوق تفرض زيادة كيروسين الطيران نظراً إلى الحاجة الماسّة إليه، وبلغ النقص في إنتاج كيروسين الطيران المنتج حوالي 12ألف طن عن المخطط إنتاجه، وبنسبة تنفيذ تبلغ 91.6 وفق حسابات الإدارة الرسمية، وبلغ ثمن طن كيروسين الطيران أكثر من 541.8 دولارات عام 2007 وبالتالي قيمة النقص عن المخطط تبلغ أكثر من 6.3مليون دولار، وتعادل أكثر من 315مليون ل.س، ومع ذلك العملية الإنتاجية في مصفاة حمص يتمّ تسويقها على أنّها تسير بشكل جيّد..؟! ‏

ولابدّ من ذكر توضيحات إدارة مصفاة حمص لتشرين تجاه مبررات الخلل في إنتاج كيروسين الطيران، إذ ذكرت بأنّ كيروسين الطيران ينتج من الوحدة U-22 فقط، أيّ أنّه في حال زيادة نسبة تكرير النفط الخام في بقية وحدات التقطير ليس له علاقة بكمية كيروسين الطيران، ويعود النقص في الكيروسين المنتج إلى تخفيض حمولة الوحدة المذكورة، بتوجيه من الشركة الدارسة، ومن أجل الحفاظ على جودة منتج كيروسين الطيران.. ‏

وهنا تنكشف المبررات غير المقنعة ألم تتمّ مراعاة توجيه الشركة الدارسة بتخفيض حمولة الوحدة التي تنتج كيروسين الطيران، وتخفيض الإنتاج من أجل جودته عند وضع الخطة؟! ولماذا بعد انكشاف النقص في إنتاج كيروسين الطيران يتمّ اعتماد هذا المبرر مع أنّه قديم؟! وهل عملية إنتاج الكيروسين جديدة حتّى يبرر النقص بإنتاجه مقارنة بالمخطط؟! 
 - خططت الإدارة عام 2007لإنتاج 64 ألف طن غاز البوتان، وبلغ النقص في إنتاج البوتان 1024طناً مقارنة بالمخطط، وطبعاً هذا باعتراف الإدارة وأرقامها الرسمية، ونظرياً يعتقد المرء بأنّ الأمور تجاه البوتان هنا ليست بالخسارة الباهظة لجهة النقص في البوتان المنتج مقارنة مع المخطط إنتاجه منه، ولكن عندما يتمّ الانتباه إلى أنّ المصفاة كررت677ألف طن نفط خام (خفيف وثقيل) زيادة عن الخطة، تنكشف أمور الخسائر الكبيرة في البوتان وبما يفضح العملية الإنتاجية برمّتها، وينسف مصداقيتها، إذ بدلاً من أن تحدث زيادة في إنتاج البوتان تنسجم مع الزيادة الحاصلة في كمية الخامات المكررة حدث العكس وهو نقص مقداره 1024طن بوتان عن المخطط، وهذا يعني وكأنّ كمية 677ألف طن من الخام المكرر زيادة عن الخطة لم ينتج منها ولا ذرّة غاز بوتان؟! ‏

ولكن ما الذي يجب إنتاجه علمياً من البوتان في نموذج خطة 2007؟! قام فنيّون متخصصون بحساب الأرقام الخاصّة للبوتان بطريقة علمية من صلب الأرقام الإنتاجية لوحدات المصفاة عبر مراحل التقطير والمعالجة، وينطلق حسابهم من كمية البوتان الموجودة في النفط الخام وفق تقييم النفط الرسمي المعتمد لدى الإدارة ( 366% في النفط الخام الخفيف، و 23% في النفط الخام الثقيل)، ووفق نسبة البوتان وكمياته التي يجب أن تنتج عن وحدة التفحيم، ونسبة البوتان وكمياته التي يجب أن تنتج عن وحدات التوسّع السادس في المصفاة، وتوصّلوا إلى أنّ كمية البوتان (الغاز المنزلي) الواجب إنتاجها من إجمالي وحدات المصفاة تتجاوز 80ألف طن بوتان، بينما الكمية التي تمّ إنتاجها فعلياً وفق أرقام الإدارة أقل من 63ألف طن بوتان، إذاً حدث نقص بين ما يجب إنتاجه وبين ما تمّ إنتاجه كمية تتجاوز 17ألف طن بوتان، وتكون النسبة الحقيقية لتنفيذ البوتان هي 78% وليس كما قالت الإدارة بأنّ نسبة تنفيذ البوتان هي98.40%؟! ‏

وتبلغ القيمة المالية للنقص في البوتان بين ما يجب إنتاجه وما تمّ إنتاجه أكثر من 436مليون ل.س عام 2007.. ‏

وتجدر الإشارة إلى أنّ فاتورة استيراد البوتان باتت تزيد العبء أيضاً على الاقتصاد الوطني، وأصبحت سورية تستورد بوتاناً بنسبة 62% من حاجتها المحلية؟! فكيف تتفاقم فاتورة استيراد البوتان بينما يحدث تجاهه ما يحدث في مصفاة حمص؟! ‏

وهنا يجب التنبه إلى اعتراف إدارة المصفاة بالنقص الحاصل في إنتاج غاز البوتان، متذرعّة بالتالي: إنّ وحدات التقطير تحتاج إلى تطوير من أجل استخلاص البوتان في دارات أعلى أبراج التقطير، وأنّ نسبة c3وc4في البوتان انخفضت في الآونة الأخيرة في النفط الخام بينما الخطة توضع على التحاليل القديمة المتوفرة عن النفط.. ‏

وتتساءل تشرين : مادام النقص في البوتان هو فقط 1024طناً وفق اعتراف الإدارة الرسمي، فهل هذا يعني بأنّ وضع أبراج التقطير بحالة فنية مزرية ولا يصوّبها تجاه البوتان سوى مشروع تطوير؟! ثمّ إذا كانت وصلت وحدات التقطير إلى حالة فنية مزرية ألا تتحمّل الإدارة مسؤولية التقصير في الصيانة؟ ولماذا فقط تعترف الإدارة تجاه نقص البوتان بسبب فني في وحدات التقطير بينما لم يؤثّر هذا الوضع الفني لوحدات التقطير تجاه باقي المشتقات؟! وأين برامج الصيانة والعمرات التي يجب ألاّ تسمح بالوصول إلى حالات كهذه؟! ومادامت الأبراج بحاجة إلى تطوير ونسبةc4 وc3 انخفضت في النفط وانعكست على إنتاج البوتان كما ـ تزعم الإدارة ـ هل هذه المبررات ـ لو تمّ التسليم بصحتها ـ تسبب فقط نقصاً مقداره 1024طن بوتان فقط وفق الرقم الرسمي للإدارة؟! ‏

أيضاً هذا الرد غير الشفاف من الإدارة يثير أسئلة عديدة: ماالذي يجعل الإدارة الإنتاجية المتجذرة في المصفاة (هي ذاتها منذ سنوات..) تعتمد على التحاليل القديمة المتوفرة لنوعية النفط الخام ومكوّناته؟! وما الدليل على انخفاض C3وc4 في النفط الخام الذي تكرره المصفاة؟ أم يكفي أن يقول ذلك قائد العملية الإنتاجية المستقيل للعمل في الخليج وفي ظروف تثير أسئلة كثيرة كي يكون كلامه وثيقة أهم من النتائج؟! ثمّ مادام الوضع الفني لوحدات التقطير وغيرها مجرّباً ومعروفاً من قبل الإدارة الإنتاجية قبل وضعها للخطة الإنتاجية وقبل وضع الرقم المخطط إنتاجه من البوتان، فلماذا لم يتمّ وضع رقم مخطط للبوتان يتناسب مع الوضع الفني لوحدات التقطير ومتناسب مع الخط التكنولوجي في المصفاة..؟! ‏

- بذات المعايير العلمية المتبعة سابقاً يمكن الدخول في شؤون الفيول، وفق حسابات المتخصصين الذين اعتمدت عليهم تشرين، فإنّ نسبة الفيول في النفط الخام السوري الخفيف44.2% (اعتماداً على وثيقة تقييم النفط الرسمية)، وبالتالي الكمية التي تمّ تكريرها فعلياً من الخام الخفيف البالغة 52.2مليون طن عام 2007 يجب أن ينتج عنها حوالي مليون طن فيول.. ‏

وإنّ نسبة الفيول في الخام السوري الثقيل حسب تقييم النفط 75.08%، وبالتالي الكمية التي تمّ تكريرها فعلياً من الخام الثقيل البالغة 3.59مليون طن عام 2007يجب أن تنتج عنها أكثر من مليوني طن فيول..، وهكذا يجب أن تنتج المصفاة ثلاثة ملايين طن فيول عام 2007 ارتباطاً بكميات الخام المكررة فعلياً، وفي حال سلامة العملية الإنتاجية. ‏

من هنا تصبح تفصيلات أرقام الإدارة الرسمية الدليل على الخلل الإنتاجي حيث الأرقام الرسمية للإدارة تجاه الفيول هي 2.1مليون طن فيول للمستودعات أي القابل للتسويق+ 867ألف طن الفيول الذي ذهب إلى وحدة التفحيم لإنتاج مازوت وبوتان وغيرها من المشتقات + 580ألف طن فيول الذي ذهب إلى وحدات الإسفلت لإنتاج المازوت وغيره من المشتقات + 125ألف فيول للحرق ووقود للمصفاة) فالمجموع الرسمي لأرقام الإدارة يصبح أكثر من (3.6مليون طن فيول)، هو ما تمّ إنتاجه فعلياً من الفيول.. ‏

ونظراً لأنّ قطفة الفيول المنتج هي آخر قطفة في أبراج التقاطير، فإنّ أيّ زيادة في كميتها تكون نتيجة خلل إنتاجي والزيادة من القطفة النفطية التي أخذت قبلها في الأبراج (حسب إجماع الإدارة الإنتاجية وباقي الفنيين) أي من قطفة المازوت، وبالتالي ـ حسب الفنيين ـ فإنّ كميات المازوت الهابطة مع الفيول هي مئات آلاف الأطنان؟! ‏

ولابدّ من ذكر رأي الإدارة تجاه شؤون الفيول حيث ذكرت في توضيحاتها لتشرين: إنّ انخفاض نسبة تنفيذ الفيول وزيادة إنتاج المازوت دليل على أنّ العملية الإنتاجية تسير بشكل جيّد. ‏

وتناقش تشرين هذا القول الملتبس للإدارة، إذ لا يعني أنّه كلّما انخفضت نسبة تنفيذ الفيول وزاد إنتاج المازوت بفضل إضافة الكيروسين إليه أنّ الأمور تعني زيادة حقيقية في المازوت؟! وليس انخفاض نسبة تنفيذ الفيول اعتماداً فقط على كميات فيول المستودعات الجاهز للتسويق، بل عندما يزيد استهلاك الفيول من أجل الوقود والحرق في المصفاة مثلاً يعني انخفاضاً في كميات فيول المستودعات المعدّ للتسويق، ولكن يكشف خللاً إنتاجياً نتيجة الزيادة في استهلاك الوقود..؟! ‏

- وهكذا فهذه الكميات الضائعة نتيجة سوء التشغيل بشكل أساسي ـ حسب فنيين من صلب العملية الإنتاجية ـ وهو ما لا تقرّ به إدارة مصفاة حمص، ولكن ما تقرّ به إدارة المصفاة بالحد الأدنى من انحراف عن الخطة، يعادل كقيمة مالية أضعافاً مضاعفة لسرقة المستودعات في المصفاة، تلك السرقة التي حصلت منذ خمس سنوات وبقيمة مالية لم تتجاوز ستة ملايين ل.س، وتسببت بصرف 20عاملاً بينهم أهم فنيي مصفاة حمص، هؤلاء صرفوا من الخدمة بينما المسؤولون عن خلل إنتاجي كبير مكانتهم محفوظة وأصحاب حظوة؟! ‏

ونشير إلى فنيّ من صلب العملية الإنتاجية قال: بأنّه لا تتمّ دراسة الخطة التكريرية دراسة فنية واقتصادية جيدة قبل إقرارها، وتجد تشرين هنا أهمية كبيرة لهذه الملاحظة كونه في ضوء كلّ المعطيات المتوفرة فإنّ الخطة التكريرية لا تأخذ حقّها من الدراسة مع أنّها لمصفاة عريقة..؟ ‏

ولا يمكن في تحقيق صحفي وضع الصورة الكاملة للخلل الإنتاجي في مصفاة حمص، ولكن كشفت تشرين بأنّ الإدارة الإنتاجية لمصفاة حمص أقرب إلى حدود الفشل تجاه صناعة التكرير واقتصاديات النفط، إذ بمجرد اعتماد الأسس العلمية لكشف ماذا يحدث في العملية الإنتاجية تتكشّف الهوّة بين ما يجب أن ينتج وبين ما يتمّ إنتاجه فعلياً، والهوّة بين مصداقية الأرقام العلمية وأرقام الإدارة..؟! وتلك الأسس العلمية ـ المتفق عليها بين الإدارة والفنيين الذين كشفوا خلل الإنتاج ـ هي تقييم النفط الخام الذي تكرره المصفاة، وتجربة وتقييم وحدات المصفاة ومعايير حمولتها ونسب المشتقات الواجب الحصول عليها، وهذه الأسس والمعايير يجب أن تكون أساسية في مساءلة إدارة المصفاة عن ذلك الخلل الإنتاجي المتراكم.. ‏

وإذا لم يحدث ذلك فيكون حبر الصحافة مهدوراً أمام حلبة ضعاف الشفافية، وضعاف الفنيين، وضعاف الإداريين الذين ينامون قريري العين ولا تهزّهم فضيحة تشغيلية وإنتاجية وإدارية..، وستبقى الأمور كحالها مادامت وزارة النفط والجهات الوصائية تجهل مصفاة حمص العريقة؟! ‏

- اعتبر المهندس نور الدين المخلوف، مدير عام مصفاة حمص، خلال اللقاء به في إحدى مراحل التقصّي، بأنّ من يثير مزاعم عن الخلل الإنتاجي وكميات النقص والخسارة غير الملحوظة، ومزاعم عديدة عن ريعية المصفاة كائناً من كان فإنّما لأغراض لا تدخل المصلحة العامّة فيها. ‏

ولكن بعد هذه الحدّة من المدير العام تجاه هذا الملف وبعد شهور من بدء التقصي الذي بدأته تشرين ظهرت مرونة طارئة في وجهة نظر المدير العام تجاه مسألة الريعية والأسباب المعتمدة سابقاً كأسباب للخسارة، بما يؤكّد أنّ تشرين حرّكت ملفاً راكداً في المصفاة، ومؤخراً أصبح المدير العام متقبلاً من حيث المبدأ مناقشة أسباب الريعية والخسارة في مصفاة حمص ومسايرة جهود بعض من كوادر المصفاة الراغبين بتنفيذ فكرة ندوة حول هذا الموضوع، إضافة إلى قيام مدير عام المصفاة بالتمهيد لتشكيل مجموعة عمل للبحث في الريعية، سيكون لتشرين متابعة خاصّة و مفصلة حول ريعية المصفاة.. ‏

وتسأل تشرين: ما سبب عدم تنبّه المدير العام لمسألة بهذا الحجم مع أنّه كان معاون مدير عام سابقاً ومديراً للتخطيط، ويشغل منذ عام ونصف موقع المدير العام للشركة..؟! ‏

ولأنّ الشيء بالشيء يذكر، فأين دور مديرية التخطيط، ومديرية الدراسات ومديرية الرقابة الدّاخلية..وممثلي التنظيمين الحزبي والنقابي في الشركة، تجاه كشف أسباب الانحرافات سنوياً في تنفيذ الخطة الإنتاجية؟! ولماذا تعاجزوا عن معرفة ما يجب إنتاجه وفق الأسس العلمية من كميات النفط المكررة فعلياً، وتفسير الخلل في العملية الإنتاجية..؟! ويمكن مثلاً استيعاب وقبول مفاجآت وخلل بخطة إنتاجية، ولكن هل من المقبول بعد تنفيذ الخطة الإنتاجية عدم معرفة ماحدث.؟! إنّها مسؤولية رئيسية على المدير العام ومديريتي التخطيط والرقابة الداخلية على الأقل.. ‏ ومن أكبر المفارقات أنّ يتمكّن مدير عام شركة المصفاة وبسهولة متناهية من كسب تواقيع كامل مديري الشركة دون استثناء، وكامل مستشاريها، وكامل ممثلي تنظيمها الحزبي والنقابي، على وثيقة تقول: لاحظ الجميع أنّ عقلية جديدة في أسلوب العمل بدأت تظهر في المصفاة لتحسين الواقع الفني والإداري والبيئي، وأكد الجميع أنّ مصفاة حمص تعيش مرحلة استقرار فني وإداري لا مثيل لها وتعقدّ اجتماعات دورية لتقييم الأداء وتعزيز الإيجابيات وتدارك السلبيات.. ‏

إذاً لماذا هذا التطابق والانسجام الكبير في تشكيلة الإدارة لم يكشف الخلل الإنتاجي وتصويبه؟! لابدّ من رأي هنا بأنّ شركاتنا ومؤسساتنا العامّة تحتاج إلى من يتحمّلون مسؤولية تواقيعهم، وليس إلى ممارسة دور الجوقات التي مهمّتها التغطية على خلل الأداء والإنتاج..

ظافر أحمد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...