مصر:العهد الجديد يتحصّن بـالميدان و«الإخوان» يواجهون بالتظاهر اليوم وقادتهم إلى الاعتقال

05-07-2013

مصر:العهد الجديد يتحصّن بـالميدان و«الإخوان» يواجهون بالتظاهر اليوم وقادتهم إلى الاعتقال

... حتى فجر اليوم، كان المصريون لا يزالون صامدين في ميادينهم، احتفالاً بـ«العهد الجديد»، وتحصيناً له من «ثورة مضادة» يقودها «الإخوان المسلمون» للانقضاض على مكتسبات «30 يونيو».
وفيما أدّى الرئيس المؤقت القاضي عدلي منصور، يوم أمس، اليمين الدستورية أمام زملائه في المحكمة الدستورية، تنفيذاً للمرحلة الأولى من خريطة المستقبل التي وضعتها قيادة الجيش المصري، بإشراف فقهاء السياسة والدستور، وبمباركة القيادات الدينية والسياسية، دعت حركة «تمرّد» المصريين إلى الاحتشاد في ميادين مصر، اليوم، ضمن فعاليات أطلقت عليها تسمية «مليونية الدفاع عن مكتسبات الثورة». عدلي منصور (واقفا) بعد أداء اليمين الدستورية كرئيس مؤقت لمصر أمام زملائه في المحكمة الدستورية في القاهرة امس (ا ف ب)
في هذا الوقت، ذكرت مصادر أمنية أن قوات الامن اعتقلت المرشد العام لجماعة «الاخوان المسلمين»، بعدما أمرت النيابة العامة بتوقيفه إلى جانب قيادات الجماعة، وأبرزهم نائبه الاول خيرت الشاطر وعصام العريان ومحمد البلتاجي، فيما لا يزال الرئيس المخلوع محمّد مرسي قيد الإقامة الجبرية.
في المقابل يخوض «الإخوان» معركتهم ضد «ثورة 30 يونيو» على اكثر من مستوى، حيث دعوا إلى تنظيم تظاهرات اليوم تحت شعار «الدفاع عن الشرعية»، في موازاة تأجيجهم أعمال العنف في محافظات عدّة، بما فيها القاهرة، فيما يبدو أن رسالة مساعد الرئيس المخلوع للشؤون الخارجية عصام الحداد لعواصم العالم قد مهّدت لحملة دولية ضد «العهد الجديد» لجهة محاولة تصوير ما جرى منذ 30 حزيران على انه «انقلاب عسكري» وليس «ثورة شعبية».
1
بين الاحتفال والرعب.
يشعر المصريون بالفرح، برغم هجمات بقايا العصابات الارهابية المسلحة (جيوش تحالف الارهاب) على الشوارع بعشوائية، والتهديد بحرق مصر، وشن حرب «طالبانية» أو «قاعدية» على شعبها عقاباً على ازاحة محمد مرسي، وسحب شرعيته التي تصورت أنها «صك ملكية».
الاخوان تحولوا الى قبيلة ملعونة، تطارد اجهزة الامن زعاماتها، بينما يهرب الشطار منهم، ويفاوض البعض بورقة العنف ليحصل على فرصة سفر.
مرسي تحت تصرف الجيش، بعدما تصور انه سيصبح بطلا بدفاعه المستميت على كرسيه، وباستغاثاته لراعيه الاميركي: الحقوني.. انهم يسرقون شرعيتي.
مازال المصريون في الشارع بالملايين، في كرنفالهم السياسي المفتوح، انتصاراً على «احتلال» الاخوان. ما زالوا ايضاً يقدمون تعريفات جديدة للاحداث السياسية، فالعالم اليوم يعيد النظر في الافكار الثابتة عن «الانقلاب العسكري» و«الثورة الشعبية».
المصريون في موجة ثالثة من العودة الى الحركة بعد الثبات. اربكوا العالم قبل ان يربكوا انفسهم. ليس بتعريف ساخر مثل «الانقلاب الشعبي» يرد على الاتهامات/ التخوفات من أن مشهد «30 يونيو» كان انقلابا عسكرياً، او الرغبات المدفونة (من قبل الغائبين عن 25 يناير) لاعتبارها اول خط ثورة جديدة يلتقي فيها الشعب والدولة.
الشعب يعيد تعريف نفسه. والدولة تفكك التحام مؤسساتها بالسلطة، لتواجه «الاحتلال»، وهذا سبب الارتباك، فكيف يمكن ان تشارك الدولة في الثورة على الرئيس؟
هل هي مؤامرة ؟ خيانة ؟ انتقام؟
أم انها إزاحة لألواح السلطة بفعل «قوة المجتمع»؟
هذا ما يمكن ان يتكشف في الايام المقبلة: هل يحافظ الجيش على خطوتيه الى الخلف، ويكتفي بترميم صورته عن المجتمع، بعد الفشل في ادارة المرحلة الانتقالية الاولى؟ ام ان النزعة السلطوية للجيش ستدفع القيادة الشابة إلى تبني روح «التمسحة» لتبتلع الثورة وتجعلها قناعاً على ديكتاتوريتها العسكرية؟
ربما الاجابة لا تسير في اتجاه الحافة، وتتشكل طبيعة جديدة للسلطة في مصر، وهذا رهن التفكير اصلا في وضع الجيش داخل الدولة المصرية، وهو سؤال لم يراجع تقريباً منذ الانعطافات التاريخية مع محمد علي وجمال عبد الناصر.
2
رئيس مؤقت... ورئيس حكومة قوي.
هذه من النوادر في تاريخ مصر السياسي. ربما مرة واحدة سابقة حين تولى صوفي ابو طالب الرئاسة (بحكم البروتوكول) بعد اغتيال أنور السادات لمدة 60 يوما. لكن عدلي منصور ليس بروتوكوليا، كما انه ليس جنرالا مثل سوار الذهب، ليحتفل بكرمه ونبله في التخلي عن السلطة بعد عامه الانتقالي.
رئيس مصر الجديد قاض في المحكمة الدستورية، اي في مكان بين التكنوقراط، وكهنة الدولة. نعم، للدولة في مصر كهنتها. الدولة في مصر كما انها جسد شبه ميت، فانها تعمل وتنتج، ويخرج من بين ماكيناتها «رئيس مؤقت» لا يمكنه استدعاء الادوات السلطوية القادرة على التهام الدولة ومؤسساتها.
رئيس غير سلطوي، ولفترة انتقالية (قد تصل الى عامين)، وهذا وحده تفكيك لطبيعة الحكم «التاريخية» التي ترسخ في الوعي كأنها «حقيقة مطلقة» او «مقدسة» فوق التاريخ.
سيكون «مؤقتا» ويرحل.
وسلطة الادارة (الحكومة) ستكون مستقلة. ربما تذهب للدكتور محمد البرادعي، بحسب التوقعات، ومعه اربعة نواب (للاقتصاد والامن القومي والسياسة والعدالة الانتقالية).
البرادعي هو مندوب القوى السياسية الجديدة في التفاوض مع الجيش (باستشارات من الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، الحكيم القادم من لحظة تأسيس دولة التحرر الوطني) وبينهما مؤسسات الدولة (البيروقراطية/ التكنوقراطية) ويمثلها الرئيس عدلي منصور.
من هذا التفاوض ستخرج ملامح المرحلة الانتقالية الثالثة.
3
تحطمت اساطير .
وهذا ما يجعل ازاحة محمد مرسي، لها ملامح ثورية.
فالازاحة حطمت تنظيم «الاخوان» الذي لا يقهر ولا يمكن ابعاده عن السلطة.
تعامل المصريون على ان الإخوان قدرهم، او ما يشبه ذلك، وخروجهم الكبير في «30 يونيو» كان باتجاه تغيير القدر، الذي صاحبته ازاحات موازية في قوة سيطرة الراعي الاميركي وشراكته في تكوين السلطة. إلى اي مدى سيكون اهتزاز موقع واشنطن في معادلة مستقبل السلطة تحطيماً للاساطير؟ سنرى.

وائل عبد الفتاح

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...