مشروعاتنا متعثرة حتى في السودان

24-04-2007

مشروعاتنا متعثرة حتى في السودان

صحيح انه في الوقت الذي نقرأ فيه هذا التحقيق تكون الشركة العامة للطرق والجسور قد استجابت وصرفت مستحقات عمالها الموفدين الى السودان لتنفيذ مشروعها هناك.

وهي رواتب وبدلات ايفاد وطعام تعود الى ستة شهور مضت عاشوا خلالها حالة الموت البطيء. ‏

لكن ضرورة النشر تقتضي لردع الشركة عن تطنيش معاناة عمالها خاصة أن المشروع لا يزال في بداياته. ‏

هذا اولاً: وثانياً: ان المشروع يعاني من صعوبات مالية وفنية حتى ان عدداً لا بأس به من معداته وآلياته الاساسية معطلة الامر الذي شل المشروع وأوصله الى حالة التوقف الجزئي. ‏

هذا المشروع الذي تطمح الشركة ان تدر الذهب منه تعالج صعوبات ببطء شديد رغم مرور 10% من مدة عقده وهو امر يسيء الى تاريخها الانشائي الذي تشهد له دول الاتحاد السوفييتي والاردن ولبنان بالجودة والسمعة الطيبة. ‏

الآن لا نعرف لمصلحة من يتم هذا الخطأ.. ومن المسؤول عنه؟ ‏

حيث يقول العمال الموفدون من قبل الشركة الى السودان مع شركة آفر وآرب وعددهم 15 عاملاً انهم منذ ستة اشهر لم يتقاضوا رواتبهم ولا تعويضاتهم وهم يعيشون تحت خط الفقر في السودان. لا بل كادوا يموتون جوعاً وكل ذلك بعلم مدير عام الشركة ومدير الفرع الخارجي ومدير المشروع في السودان وعندما نسأل ـ يضيف العمال ـ مدير المشروع يجيب: لقد ارسلنا كتباً الى الادارة العامة في سورية ولم يردنا اي جواب لابل ان مدير المشروع قال لنا: اشتغلوا وخذوا نقوداً.. فمن اين نأتي بالعمل ونحن خارج بلادنا. فهل هذا الكلام معقول؟ ‏

ولما وصل وضعنا المادي الى حالة يرثى لها قام مدير آفروآرب بالتصدق علينا فأرسل مبلغ 200 دولار لكل عامل من المهندس محمد العبد الله فرح. ‏

وعندما علمت السفارة السورية في السودان بامرنا قال لنا السفير اكتبوا لي كتاباً كي اساعدكم في الحصول على رواتبكم لكن العمال خافوا من ان يعرف المدير العام بذلك ويعاقب من كتب الشكوى. ‏

وبتاريخ 1/1/2007 اجتمع مدير آفروآرب مع العمال ومدير المشروع وقال حرفياً: انا لست مسؤولاً عنكم لان رواتبكم من الادارة في سورية وحتى الآن دفعت 950 الف دولار ومع ذلك سأعطيكم رواتبكم وفعلاً اعطى الادارة مبلغ 17 الف دولار حيث تم صرف رو اتب بعض العمال والباقي لم يتقاضوا اي مبلغ علماً انهم غادروا السودان وليس معهم اجرة سيارة من المطار الى منازلهم. ‏

ويتابع العمال في شكواهم قائلين: انهم وبعد ان ملوا الانتظار لجؤوا الى وفد اتحاد نقابات العمال الذي زار السودان حيث اخبروه بحالهم وواقع مشروع السودان وبعد اسبوع من هذه المقابلة تم صرف للعمال بدل ايفاد لمدة ثلاثة شهور اي حتى نهاية عام 2006 بالعملة السورية فبقي بدل الايفاد معلقاً بالدولار منذ 1/9/2006 وحتى مغادرتهم السودان بل حتى نيسان الجاري. ‏

ويتساءل العمال من هو صاحب القرار في صرف رواتبهم وتعويضهاتهم علماً انه تم تحويل مبلغ 25 الف دولار من مشروع جنوب لبنان الى السودان ولم يعرفوا اين صرف هذا المبلغ. ‏

ولم ينس العمال ان يذكرونا دائماً في عدم ذكر اسمائهم خوفاً من العقوبة التي قد يتخذها المدير العام بحقهم خاصة أن هناك سوابق له ونحن كنا صادقين في وعدنا لهم باغفال اسمائهم وعدم نشرها. ‏

كما تطرقوا الى الواقع المتدني للتعويضات فقالوا ان نسبة الايفاد التي يتقاضونها هي 70% فقط من الراتب المقطوع الذي هو اساساً اقل من 10 آلاف ليرة سورية اي 90 دولاراً فقط علماً ان من صلاحيات المدير العام رفع هذه النسبة الى 250% كبدل ايفاد و 200 دولار بدل طعام مشيرين الى ان اسعار الخضر والفواكه غالية جداً. ‏

‏ وتحدث العمال عن واقع المشروع في السودان فقالوا انه متعثر حيث تم صب قواعد المجبل والكسارة بشكل غير سليم وكان القياس بالقدم وليس بالمتر وتم قص الكونفير الرئيس للكسارة ليس اقل من ثمانية امتار وتمنوا ان تذهب لجنة محايدة الى السودان لتلاحظ ان الكسارة معطلة واذا ارادت الادارة ان ينجح المشروع عليهم ارسال كسارة 130 وعندها يدر الذهب الابيض كما تطمح. ‏

واشاروا الى ان معظم الآليات التي ارسلت الى السودان لا تعمل ومنها: ثلاثة بلدوزرات، المولدات من نوع رولزرايس وكمنز تحتاج الى اصلاح محركات حيث تم استئجار مولدة لاستكمال كمية الزفت المطلوبة والآن المجبل توقف وتم نقل المولدة الى الكسارة لتشغيلها. ‏

وهناك آليات اخرى معطلة منها سيارة مرسيدس ورفاعة BM وتراكس دولاب وآخر جنزير وكريدر ومجموعة كاتربيلر..الخ ‏

‏ مدير الفرع الخارجي في الشركة العامة للطرق والجسور المهندس محسن شركس بدا متعاطفاً مع مطالب العمال لدرجة قال صراحة «معهم حق». ‏

لكن فضل، وبدأ الحديث عن مشروع السودان مكرراً وصف العمال له انه يدر ذهباً وقال: ان المشروع هو تعبيد وتزفيت طرقات الخرطوم ومدته خمس سنوات اعتباراً من الاول من تشرين الاول 2006 وبقيمة 35 مليون دولار لافتاً انه في العام الماضي تم انجاز تزفيت 7 كيلو مترات من الطرقات. واعترف المدير ان جزءاً من آليات المشروع قديمة وهي كما وردت في شكوى العمال (المذكورة اعلاه). ‏

وأوضح ان المشكلة الاساسية امام المشروع في تأمين الحصويات ولذلك امكانية الشركة تنصب في اعادة تشغيل الكسارة مشيراً الى انه تم تشكيل لجنة بالقرارين رقم 367 تاريخ 4/3/2007 ورقم 549 تاريخ 29/3/2007 مهامها «بحث ودراسة الصعوبات في مشروع ولاية الخرطوم». ‏

وفي الاجتماع الذي عقدته اللجنة بتاريخ 1/4/2007 تم مناقشة الصعوبات التي يعاني منها المشروع وهي: ‏

اولاً: الحاجة الماسة الى شراء وتركيب كسارة مطرقية لمعالجة ظاهرة التشحف في المواد الحصوية وانتاج حصويات مطابقة للمواصفات المطلوبة حيث يمكن تأمين هذه الكسارة من السودان بقيمة 25 الف دولار تقريباً مع ضرورة تأمين ثلاثة اطقم جواكيش لها بقيمة 6 الاف دولار. ‏

ثانياً: تأمين مجموعات توليد كهربائية كافية لتشغيل الكسارة والمجبل وهذا الموضوع يتطلب ما يلي: ‏

ـ اصلاح مولدة نوع كاتر بلر 635 ك.ف.أ بكلفة 20 الف دولار. ‏

ـ اصلاح مولدة كاتر بلر 512 ك.ف.أ. ‏

ـ اصلاح مولدة نوع رولز رايس باستطاعة 2 ـ 5 ك.ف.أ. ‏

ـ شراء مولدة جديدة 750 ك.ف.أ. لتشغيل الكسارة وضمان استمرار عملها. ‏

ـ اصلاح الآليات والمعدات المعطلة حالياً ويحتاج ذلك الى حوالي 50 الف دولار. ‏

ـ بقاء سيولة مالية في المشروع من اجل الصيانات والاصلاحات الطارئة لضمان استمرار العمل بقيمة 50الف دولار. ‏

ثالثاً: ارسال كادر فني متكامل للعمل في المشروع. ‏

واوضح م. شركس انه تمت الموافقة على المقترحات المذكورة أعلاه وخصص مبلغ 130 الف دولار لمتابعتها وتجاوز معوقات المشروع. ‏

وحول حقوق العمل ومستحقاتهم المالية قال مدير الفرع ان القرار 35 لعام 2003 هو الناظم لصرف مستقحات عمال المشروع. حيث ينقسم راتب العامل الى شقين: ‏

شق بالعملة السورية وآخر بالدولار او عملة بلد الايفاد. ‏

اما الراتب بالعملة السورية فجميع العمال يتقاضونه حتى تاريخه دون انقطاع. ‏

وبالنسبة لبدلات الايفاد وهي 70% من الراتب المقطوع (35% بالليرة السورية و 35% بالدولار من بلد الايفاد) فقد تم صرف الجزء المتعلق بالليرة حتى نهاية آذار الماضي. كما قبض العاملون الموفدون الى السودان حالياً بدل طعام عن الشهور الثلاثة الاولى من هذا العام والتي كانت متراكمة. وتم صرف للعاملين المنتجين في المشروع وعددهم 19 عاملاً مستحقاتهم في الشهر الاخير من 2006 ولم يبق سوى سبعة عمال.. لافتاً انه تم صرف مليون ليرة هذا اليوم مستحقات للعمال. ‏

اي هناك 9 عمال رجعوا الى سورية منذ اسبوعين لم يقبضوا مستحقاتهم بدل ايفاد بالدولار+ بدل طعام عن الثلاثة شهور الاولى من 2007. ‏

وسيتم صرفها خلال الاسبوع الجاري. ‏

وختم حديثه بالقول: ان العمال محقون لناحية الرواتب اما بالنسبة للمشروع فهو جيد وسيدر اموالاً كثيرة للبلد في حال تم تنفيذ مقترحات اللجنة المذكورة اعلاه.. خاصة ان المشروع ما يزال في مرحلة التأسيس وهي صعبة للشركة التي استطاعت اختراق سوق السودان وعندما يقلع المشروع ويبدأ الانتاج سيكون هناك حوافز ومكافآت كبيرة للعمال. ‏

بآليات عمرها ربع قرن نريد ان ننجز مشاريع في افريقيا وننافس الشركات الكبرى. والانكى من ذلك ان اكثر من عشر آليات معطلة في المشروع ومنها الكسارة والبلدوزرات. ‏

هذا الواقع يستحق المعالجة السريعة قبل ان يعرف السودانيون اننا نتأخر في انجاز مشاريعنا لمدة تفوق اضعاف فترة العقد. وهنا لا بد ان نكرر ما يقوله العمال: لمصلحة من تعطيل المشروع.؟ ‏

عمران محفوض

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...