ما المطلوب من مسلسلات السيرة الذاتية؟

02-07-2011

ما المطلوب من مسلسلات السيرة الذاتية؟

في وقت يستفسر فيه إعلاميون عن مدى إمكانية أن يتناول مسلسل "الشحرورة" الذي يروي سيرة المطربة صباح، مفاصل شخصية وعائلية حساسية من حياتها، لا تتوقف مجموعات على "فايس بوك" عن مهاجمة الفنان فراس إبراهيم وصناع مسلسل "في حضرة الغياب" حول سيرة الشاعر الراحل محمود درويش.صباح الجزائري وتيم حسن وأسعد فضة في «نزار قباني» والهجوم يتركز أساساً على الفنان إبراهيم والاعتراض على تجسيده لشخصية درويش، كما يطال المشروع ككل، الأمر الذي ربما تزداد وتيرته مع عرض العمل. هذا السيناريو كان قد تكرر بخطوطه العريضة منذ سنوات مع مسلسل "أسمهان" للمخرج شوقي الماجري، وقبله مع مسلسل "نزار قباني" للمخرج باسل الخطيب، ومسلسلات سيرة أخرى قدمتها الدراما المصرية. وفي كل مرة كان ملخص الجدل بين المتخاصمين يدور حول نقاط بعينها: ما الذي نريده من مسلسل السيرة الشخصية؟ كمال القصة أو اختيار المهم منها، على اعتبار أنه من الصعوبة ان تلم 22 ساعة درامية بشخصية استحقت أن يكتب عنها مسلسل تلفزيوني؟! ما المطلوب من مسلسل السيرة: الكمال المثالي في شخصية صاحبها، أم اكتمال التفاصيل حوله بسوئها وحسنها؟! ثمة وجهتا نظر هنا: أليس تخصيص مسلسل عن شخصية بعينها هو تكريما لها، وبالتالي من غير المناسب أن نتناول الجوانب المظلمة من حياتها، ولا سيما إذا كانت متوفاة وعندها نكون كمن ننبش قبره. في المقابل، أليس مسلسل السيرة هو أقرب إلى الوثيقة، وتقديم الشخصية بكامل تفاصيلها الإنسانية بمثابة أمانة، لم تحفظها معظم مسلسلات السيرة، وقد أخذت على عاتقها مهمة تطهير الشخصيات الني قدمتها كما لو أنها شخصيات طهرانية منزهة عن كل ما هو سلبي؟! أليست الدراما صورة مجتزأة من الحياة، يعمل فيها الخيال، فلماذا نصر على أن تكون السيرة الذاتية كل الحياة، وننظر بعين الريبة والشك من أي خيال يرد فيها؟! رغم أن الاجتزاء لا يعني التخلي عن صدقية ما يرد فيه وغض النظر عن مفارقته للواقع؟ الأسئلة السابقة برمتها، تبقى حتى الساعة موضوع جدل لم تحسمه كل ما قدم من مسلسلات سيرة ذاتية. وحتى تلك التي لقيت احتفاء نقديا وجماهيرياً مثل مسلسلي "أم كلثوم" و"أسمهان"، لم تنج من أصوات معارضة، ولا سيما تلك التي يقف خلفها الورثة. لماذا التخوف أساسا من عمل درامي لا يرتقي الى قامة الشخصية التي يؤرخ لسيرتها، أليس فشل المسلسل في هذا المجال فشلا لصناعه وإساءة لتاريخهم المهني، فلماذا نصر على أن نجعله إساءة للشخصية التي يتناولونها؟! أما ما يقال عن أن الممثل أو المخرج أو الكاتب يريد التسلق على "شهرة" الشخصية التي يتناول سيرتها درامياً، فربما من المفيد أن نتذكر أن أيا من هؤلاء يجدر امتلاكه المفاتيح الفنية لتقديم الشخصية، على نحو يرضي النقاد والجمهور، وإلا فسيدخل في رهان فني خاسر. هي دعوة إذاً لتلقي مسلسلات السيرة بقلب مفتوح، كأي عمل فني متخيل، يتقاطع فيه اسم البطل وتفاصيل حياته مع اسم وتفاصيل حياة شخصية مشهورة. هكذا على الأقل نستمتع بالمسلسل كعمل فني، ولنترك لذوي الاختصاص أن يحاكموا مضمونه، ومستواه الفني والفكري. ويكفي أن تجمعنا شخصية معروفة كجمهور على محبتها، وبعد المشاهدة نقارن ونحاكم.. والأمور دوماً بخواتيمها.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...