كاوبوي بدوي بخبرات سورية

26-12-2007

كاوبوي بدوي بخبرات سورية

بعد سلسلة طويلة من الأعمال المتنوعة، التاريخية والمعاصرة، الاجتماعية والعاطفية، يصور المخرج السوري المعروف حاتم علي مسلسله الجديد الذي تدور أحداثه في بيئة بدوية.

الخبر يبدو غريباً بعض الشيء لمن عرف أعمال هذا المخرج واهتماماته وتوجهاته الفنية والفكرية، وأيضاً لمن يتذكر صورة المسلسل التلفزيوني البدوي في ذاكرة المشاهدين العرب، وهي صورة تجعل إنتاج عمل من هذا اللون اليوم أشبه بعودة غير مرحب بها، خصوصاً في ضوء تقدم الأعمال الدرامية التلفزيونية كثيراً منذ زمن المسلسلات البدوية التي رافقت بدايات البث التفزيوني العربي.

ومع هذا، نتفاءل بعمل حاتم علي الجديد انطلاقاً من سببين، يتعلق أولهما بجديته وموهبته الكبيرة والتي اعتاد توظيفها في أعمال عالية المستويين الفني والفكري، ثم انطلاقاً من أن النقد السلبي الذي رافق الأعمال البدوية هو وليد فهم خاطئ حكم ذهنية صناعها الذين جعلوا من البيئة البدوية حكايات لا تتغير وساحة لصراعات هامشية وشبه فولكلورية.

مع ذلك فالبيئة البدوية هي في المآل الأخير إحدى بيئاتنا الاجتماعية، وهي تزخر كأي بيئة أخرى بهمومها الحقيقية التي تتجاوز أحزان أبناء العمومة العشاق وتذهب إلى قضايا أعمق وأكثر جدية... قضايا ذات صلة حقيقية بالحياة، خصوصاً أن البيئة البدوية ذاتها شهدت خلال العقود الأربعة الماضية تغيرات شملت كثيراً من وجوهها وتفاصيلها.

نتفاءل بعمل حاتم علي ونخشى منه. أما التفاؤل فنراه وليد ثقة بهذا الفنان الموهوب والجاد، بينما تأتي الخشية من نجاحه المتوقع والذي يمكن بل على الأغلب سيفتح الباب لعشاق التقليد والركض وراء الموضة لإنتاج أعمال بدوية لا علاقة لها بالجمالية والفنية.

هؤلاء سيسارعون كالعادة إلى تلفيق أعمال تستفيد من الكلفة الإنتاجية الرخيصة للأعمال البدوية ليمطروا المشاهد بقصص وحكايات لا تتبدل، تحت ذريعة «كاوبوي» عربي ينقل المشاهد إلى لون من فانتازيا الصحراء التي لا تضر ولا تنفع وإن كانت في الحقيقة تضر وتذهب بالمخيلة إلى فضاءات ضيقة.

هي مرة أخرى لعبة الفن الذي إما أن يكون مبدعاً وحقيقياً أو لا يكون. أما البيئة والموضوع فمساحات مفتوحة تنتظر من يكتب على صفحاتها بجمالية وإتقان.

راسم المدهون

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...