قصائد للفرنسي بيير ريفردي

23-04-2006

قصائد للفرنسي بيير ريفردي

ملاك على السطح وقمر في دلو ماء  
 <لا أعرف أبدا مثال عمل أدبي أوحى بقلة ثقة لمؤلفه أكثر من عملي أنا>. هكذا اعترف بيار ريفردي (مواليد العام 1889 في <ناربون>) في آواخر حياته. وبرغم اعترافه هذا، لم يخطئ الجميع حين كالوا له المديح وهو لمّا يزل على قيد الحياة، وحتى قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره. كان ريفردي معلما من معلمي الشعر، إذ اعتبره أندريه بروتون والسورياليون الشباب، بعد موت أبواينير <أكبر شاعر حي> (في ذلك الزمن بالطبع) وحين توفي، بعيدا عن الأضواء العام ,1960 كتب الشاعر الفرنسي لوي أراغون في كتاب حوى شهادات بمثابة تحية للراحل: <حين كان حيا، كان ريفردي بالنسبة إلينا سوبو وبروتون وإيلوار وأنا طهارة العالم بأسره>. لذلك بقي الجميع مخلصين له، برغم أن أحدا لم يستطع أن يقلد ذلك الرجل الاستثنائي الذي دفعه جنون دقته وتواضعه لأن يعزل نفسه عن جميع معاصريه.
فسوريالية ريفردي لا تحجب شيئا. إذ انها لا تنطلق إلا في الليل الداخلي: فالحائط عنده ليس سوى حائط والمصباح ليس سوى مصباح، أما بالنسبة إلى بروتون، فهذا أمر من غير الممكن قبوله لأن على السوريالية عنده أن تكون باباً إلى نور الحياة الما فوق طبيعية.

اسكندر حبش 


يوم رتيب
بسبب المياه ينزلق السقف
بسبب المطر يذوي كل شيء
النفط والكحول وشمعتي الضعيفة
أحرقت المنزل.
حديقة بدون عصافير
حديقة بدون ضجة
ستقطفون ورودا سوداء
الأوراق ليست خضراء أبداً
الشوك كله أحمر
وأياديكم مدماة.
في الممر الوسطي يمر زياح
عبر نافذتي الميتة
تشعل شمعة
تخرج أغنية بطيئة.
إنها هي والأخرى
الجارة أيضا
الجميع يغنون بأعلى أصواتهم
وعلى الدرج حيث يضحكون
صرخ الذي كان يسقط
يهرب كلب
لا نسمع سوى بكاء المطر.
القلب القاسي
لم أرغب في رؤية وجهك الحزين مجددا
خديّك الغائرين وشعرك المتطاير
رحلتُ عبر الحقول
تحت الغابات الرطبة
ليلا نهار
تحت الشمس وتحت المطر
تحت قدمي تطرطق الأوراق الميتة
أحيانا يلمع القمر.
عدنا وتواجهنا
نظرنا إلى بعضنا بدون كلام
ولم تعد لديّ أمكنة كافية لأغادر مجددا
بقيت طويلا مستندا إلى شجرة
وحبك الرهيب أمامي
شعرت بالكآبة أكثر مما أشعر به في كابوس
أحدهم أكبر منك أنقذني أخيرا
كل النظرات الباكية تتبعني
وضد هذا الضعف الذي لا نستطيع صراعه
أهرب بسرعة نحو الخبث
نحو القوة التي ترفع قبضتيها مثل السلاح
على الوحش الذي سحبني بمخالبه من نعومتك
بعيدا عن عناق ذراعيك الرخوتين
رحلت وأنا أتنشق ملء الهواء
عبر الحقول عبر الغابات
نحو المدينة السحرية حيث يخفق قلبي.
دمار مكتمل
فقدت السرّ الذي أسروا به إليّ
لم أعد أجيد القيام بشيء.
للحظة اعتقدت أن الأمور ستسير على ما يرام
لم يعد يغريني أي شيء
إنه رجل بلا قدمين يرغب في الركض
امرأة بدون رأس ترغب في الحديث
طفل ليس له سوى عينين كي يبكي.
ومع ذلك رأيتك تركض
كنت أصبحت بعيدا
يرن بوق
يصرخ الحشد
وأنت لا تعود أبدا
أمامنا درب طويل لنجتازه خطوة خطوة
سنفعل ذلك معا.
أحتقر وجهك المشرق
اليد التي تمدها إليّ
وبطنك، وأنت شخص عجوز تشبهني
لا أجد شيئا عند العودة
لم يعطوني شيئا
تم إنفاق كلّ شيء.
تهاوت قطعة من الخزف
في الليل.
مفاجأة في الأعلى
ستفتح الأبواب في نهاية الممرّ
ثمة مفاجأة تنتظر الذين يعبرونها
سيلتقي بعض الأصدقاء هنا
ثمة مصباح لا نشعله
وعينك الوحيدة التي تلمع.
نهبط السلالم حفاة الأقدام
إنه لص أو آخر الواصلين
الذين لم نعد ننتظرهم
يختفي القمر في دلو ماء
ملاك على السطح يلعب بالدولاب
ينهار المنزل.
ثمة أغنية تنساب في الساقية.
الرصيف
النجوم خلف الحائط
يقفز إلى الداخل قلب يرغب في الخروج
أحب اللحظة التي تمضي
ذاكرتك متعبة من كثرة
ما سمعت جثث الضجيج
في الصمت
لا يحيا شيء
في عمق المياه تسجن الصورة نفسها
على صفحة السماء يرن جرس
الشراع قطعة من المرفأ الذي ينفصل.
ستبقى هنا
ستنظر إلى الذي يذهب
يغني أحدهم ولا تفهم أبدا
يجيء الصوت من الأعالي
يجيء الرجل من البعيد
بالكادر سترغب في أن تتنفس
والآخر سيمتص السماء بنسمة.
سهرة
بين المنزل والسماء
ينفتح كل شيء
لأن الريح تصفر
صعدت النجوم من المدخنة
واحدة وراء واحدة، تثبتت
على السقف
قافلة جميلة
ترقص
إلا أن البعض يرغب في النزول
سنمر مرة أخرى لنصطحبكم
هذا المساء
أشرق النهار متأخرا
تعب أكبر حقا
عليك أن تبقى لفترة أطول
غيمة تتبع مجرى
النور الذي يتقشر
أفق مشوه فم يتثاءب.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...