فرح العيد .. محجوب بـ "غـلاء الأسعار"!!

20-12-2007

فرح العيد .. محجوب بـ "غـلاء الأسعار"!!

هل تعتقد أنني سأقول أن "غلاء الأسعار" الذي عجزت حكومتنا الرشيدة عن ضبطه وتصويبه مع الأخذ بعين الاعتبار خبرتها الكبيرة في الضبط والتصويب ، هو السبب في حجب فرح العيد عنا وعن أطفالنا ورجالنا ونسائنا ومدننا وشوارعنا وبيوتنا ؟ أنت إذاً ، تستبق الكلمات وتظلمني ...
أنا لا أختلف معك بأن غلاء الأسعار ((قلَّل)) إلى حد ما من مظاهر الفرح المعتادة فالشوارع ليست مزينة كما ينبغي وأغلب العائلات لم تستطع أن تشتري لأولادها ثياباً جديدة وألعاباً جديدة والضيافات في البيوت لم تكن تحتوي على الأنواع المألوفة من الحلويات .. هذا صحيح ، لكنه لا يعني أنني كنت سأقول ذلك !
أعرف جيداً يا صديقي أن "غلاء الأسعار" عامل مؤثر جداً ، خاصة وأن العيد لسوء الحظ وافانا هذا العام في موعد حرج للغاية ، حيث تثاقب مع استنفاذ أغلب العائلات لراتبها الشهري خلال الأسبوع الأول من الشهر ، وإحجام الحكومة عن دفع رواتب الشهر التالي قبل العيد بحجة أنها لا تدفع الرواتب بشكل مسبق إلا في العشرة الأيام الأخيرة من الشهر الحالي . وبما أن العيد جاء في التاسع عشر من الشهر وليس في العشرين منه فالحكومة لم تستطع أن تخالف الأعراف المعمول بها من قبل جميع حكوماتنا السابقة ـ نوَّر الله أضرحتها ـ باعتبارها مرجعية معتمدة لا يمكن مخالفة الفتاوى التي صدرت عنها .  أنا أعرف ذلك ، لكن هذا لا يعني أنني كنت سأقوله !!
صحيح أن " غلاء الأسعار" جعل الناس تشعر باليأس والعجز لا سيما بعد أن فقدت الأمل بباب نجاتها الأخير أي صرف منحة للعاملين في الدولة تعادل راتب شهر أو بأسوأ الأحوال نصف راتب ... أوافق معك أن الناس كانت تتهامس بهذا الاحتمال الإنقاذي وتتداوله فيما بينها كآخر ورقة تحفظ ماء وجهها أمام العيد وفرحته ... وأوافق على أن عدم صرف هذه المنحة كان له تأثير نفسي سلبي جداً على مزاج الناس الأمر الذي ((حدَّ)) نوعاً ما من قدرتهم على الفرح بالعيد ... لكن مع ذلك فليس هذا ما كنت سأقوله !!
أجل أجل ... "غلاء الأسعار" مستمر منذ فترة طويلة والناس لم تستطع أن تدخر أي مبلغ استعداداً للمواجهة المرتقبة مع العيد وأفراحه واقتناص ما تستطيع اقتناصه من هذه الأفراح . نعم الادخار كان يمكن أن يساعد الناس لو تمكنوا منه على خوض هذه المواجهة بروح معنوية كبيرة والفوز من العيد بفرحة ما بعدها فرحة .. وعدم الادخار ((أثَّر)) قليلاً على قدرة الناس على تحمل تبعات هذه المواجهة القاسية مع العيد المدجج بالأفراح ... نعم نعم أنت على حق لكن ليس هذا ما كان يجول في خاطري !!
يا صديقي سآتي معك "غلاء الأسعار" مسؤول بنسبة معينة عن غياب الفرح في الأعياد لأنه تسبب كما تقول في إعادة تصنيف عدد محدود من المواطنين وربطهم بإحكام بحزام الفقر وإن خروج هؤلاء من ملاك الطبقة الوسطى ونقلهم قسراً إلى ملاك الطبقة الدنيا قد ((تسبب)) في إحداث خلل ضئيل في عملية الفرح التي يجب أن تترافق مع العيد ... سآتي معك في ذلك لكن ليس هذا ما كنت أنوي أن أقوله !!!
نعم نعم ، الطبقة الوسطى هي بمثابة الروح للمجتمع وهي التي تعبر عن مشاعره وطموحاته وأحلامه وهي الأقدر على تجسيد أفراحه في العيد .. وغياب هذه الطبقة أو إلحاق ملاكها بملاك الطبقة الدنيا يؤدي إلى إضعاف قدرة المجتمع على التعبير عن فرحه الحقيقي في العيد .. أنا موافق معك تماماً على ذلك ولكن ليس هذا ما كنت أخطط لكتابته !!
أنت تخبرني الآن ما أنا شاهد عليه ، أدرك تماماً أن "غلاء الأسعار" مشكلة وربما أزمة تحتاج إلى حل ضروري وأن حكومتنا الرشيدة مسؤولة بسبب عجزها عن ضبط الأسعار وتصويبها وأن الناس كانت عاجزة عن الفرح في العيد بسبب غلاء الأسعار وأن الحكومة ـ كما تقول أنت ـ يجب أن تستقيل فوراً فوراً فوراً بسبب ذلك.. أنا أدرك ذلك .. لكنني أحمد الله أنك أنت من قاله وليس أنا !!!

عبد الله علي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...