النوم والرضا الوظيفي

27-06-2011

النوم والرضا الوظيفي

لايزال «الرضا الوظيفي» Job Satisfaction قضية تثير كثيراً من الأسئلة. إذ يبحث الكل عن كيفية تحقيقه على أرض الواقع الإداري. والحق إن سعادة الإنسان أثناء أداء عمله، ليست أمراً كمالياً، كما يظن البعض، بل هي تتويج لأداء الإنسان المنتج والاستثمار الوظيفي. ويحمل مفهوم «الرضا الوظيفي» في ثناياه عناصر أهمها الاستمتاع بأداء العمل، والسعادة عند إنجاز المهمات على الوجه المطلوب، والارتياح لتقدير المؤسسة أو ربّ العمل. وينجم عن هذه الأمور استقرار وظيفي، يضمن مردوداً اقتصادياً يتناسب مع طبيعة العمل.

من النتائج الإيجابية للسعادة الوظيفية، ما أظهرته كثير من الدراسات العلمية، عن وجود تباين واضح في نسب المعاناة من اضطرابات النوم، بين الراضين وظيفياً وغيرهم. ففي دراسة حديثة طُبّقت على عينة كبيرة من الأفراد (14 ألفاً) في المجتمع البريطاني، تبيّن أن الموظف المفتقد للشعور بالرضا الوظيفي، أكثر عرضة للأرق ورداءة النوم، من نظيره الذي يحسّ بالرضا عن عمله. كما أبدى كثيرون من المنخرطين في أعمال مكتبية روتينية، امتعاضهم من أرقهم ورداءة نومهم، مقارنة بأولئك العاملين في وظائف تتطلب قدراً كبيراً من التعليم والمِهَنية.

في السياق نفسه، ربما لا يكون مستغرباً أن يعاني ما يزيد عن 40 في المئة من العاطلين من العمل، من أرق مزمن وتململ متواصل أثناء النوم، بالمقارنة بأولئك المرتبطين بأعمال وظيفية ومهنية مختلفة. وترجع أسباب هذا الأمر، إلى انتظام مواعيد النوم والاستيقاظ بشكل أفضل لدى الأشخاص الذين لديهم ارتباط مستمر بأوقات العمل، إضافة إلى شعور الفرد العامل بفائدته اجتماعياً، واطمئنانه للحصول على عائد مادي ينفق منه على مستلزماته المعيشية.

تشير هذه الوقائع وما يشبهها إلى ضرورة إجراء مسح علمي شامل عن ظاهرة «الرضا الوظيفي» في المجتمعات العربية كافة، للوقوف على مدى ارتياح العاملين في بيئة أعمالهم، ومعرفة درجة معاناتهم اضطرابات مزمنة في المزاج أو النوم، تؤثر سلبياً على إنتاجهم الوظيفي، وتكبح جماح طموحهم المهني.

ومن الممكن أن تُتبع هذه الدراسات بخطط عن حلول شاملة للمشكلات الإدارية التي تعوق التنمية البشرية، وتسعى بشكل عاجل لمحاربة الفساد الإداري بأشكاله كلها، وتوفير وظائف للأعداد المتزايدة من الشباب العاطلين من العمل، سعياً لتجنيبهم مشكلات سلوكية واجتماعية واقتصادية ونفسية متنوّعة. وللنقاش بقية.

أيمن بدر كريم

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...