الغلاء وأصحاب الدخل المحدود

05-02-2012

الغلاء وأصحاب الدخل المحدود

مع بلوغ الازمة السورية ذروتها ومؤشر الاسعار لا يتجه الا الى أعلى حيث لحقت موجتها الاسواق السورية ملهبةً اسعار المواد الاستهلاكية وبشكل ملحوظ, اصبح الغلاء هم مشترك اخترق كافة شرائح المجتمع وليس التجاري منها فحسب .. وهذا ما خلق انعدام في التوازن الاقتصادي وخاصة عند أصحاب الدخل المحدود ..

تصاعد غلاء المواد الغذائية والمحروقات والمواد المستهلكة بات أمراُ يهدد المواطنين وهو شان أثار القلق، فما هو السبب الحقيقي لهذا الغلاء ؟.. هل يعود الى غياب الرقابة وجشع التجار ام هناك اسباب اخرى؟.. وكيف يتعايش اصحاب الدخل المحدود مع الغلاء ؟..

يتحدث الدكتور اكرم حوراني في جامعة دمشق (علم التجارة والاقتصاد) الذي صنف الشعب السوري الى فئتين ويقول : لابد من الرجوع لتوزيع الدخل القومي في سورية ما بين العاملين بأجر وبين اصحاب الاعمال خلال السنوات العشر السابقة, العاملين باجر يحصلون على 30% من الدخل القومي وهم يعيلون نحو 80% من سكان سورية البالغ عددهم 22 مليون شخص ويعني ذلك ان 22 مليون منهم 80% يعالون من قبل العاملين باجر سواء في القطاع العام او الخاص او القوات العسكرية او الامنية او الشرطة ... وهم يعتبروا من اصحاب الدخل المحدود

ويضيف معتبرا الازمة الحالية في سورية سببا مباشرا في ارتفاع الاسعار وبالتالي التسبب في عجز المستهلكين المعيشي وخاصة ذوي الدخل المحدود : ترافق مع الأزمة ارتفاع بالمستوى العام وهو الذي كان منضبطا حوال 8 اشهر حتى ظهرت بعض الصعوبات في قضايا التمويل وخاصه التمويل الخارجي للمستوردات حيث بدا البنك المركزي في سورية يوقف تمويل ورادات القطاع الخاص او يطالب القطاع الخاص ان يمول وارداته من موارده الخاصة من القطع واقتصر تمويل البنك المركزي كما هو الوضع حاليا على نحو 27 % من الواردات الغذائية والدوائية ومدخلات الصناعة الاساسية وطبعا ذلك نتيجة السياسات المتقلبة والمتضاربة احيانا والمتعددة التي وصفت بعدم استقرار تلك السياسات التي اتخذت من قبل البنك المركزي وبالتالي انتقل هذا الاضطراب الى السوق الذي رفع المستوى العام بالاسعار خلال الاسابيع القليلة الاخيرة و الذي يقابله هبوط مباشرفي القوة الشرائية وتقليص استهلاك ذوي الدخل المحدود ..

يقول السيد ابو بشار "موظف حكومي" الذي صدم بواقع الغلاء واعتبره استغلال لأرض وشعب "يعانيان" كما وصف : نمر بازمات عديدة واعتقد ان هناك بعضا من التجار يستغلون الوضع بحجة غلاء المواد الاولية .. فجميعهم يجد من ارتفاع الدولار ذريعة حتى يلاحق موجة الغلاء ويواكبها .. غير مراعين غيرهم ممن تدهورت اوضاعهم بسبب انعدام فرص العمل واخرين من الفقراء الذين لا قدرة لهم على الشراء .. ويضيف : وحقيقة انا اول الناس الذين فضلوا اللجوء الى التقشف كافضل حل واكتفي بشراء الاولويات فقط ...

ولا يخالفه السيد معاذ الذي يشكو وضعه الاقتصادي الزهيد معتبرا ان الغلاء اليوم "كالشعرة التي قسمت ظهر البعير" و يقول : اعمل عدة اعمال حتى استطيع تامين الرزق لي ولعائلتي وامام تلك الظروف احتار حقا كيف اتصرف وأي الأمرين اختار .. ويتسائل كيف لأب مثله يعيل اربعة اطفال ان يامن احتياجات اطفاله الغذائية والصحية امام هذا الغلاء فيما كان سابقا يعاني من الاصل حتى يُؤمن ذلك ..؟؟ ويضيف : الان اشتري اكثر شئ نحتاجه .. كما اننا بتنا نقتصد, واليوم الذي نضطر فيه لصرف اكثر من الاستطاعة..نحرم انفسنا في المقابل حتى نعوض هذا الكسر.. فكم من ايام مرت بنا ولا يتوفر لدينا ما نستخدمه لندفئ به انفسنا ..

"ارحمونا .. ارحمونا " هكذا بدات السيدة روعة "أم وليد"حديثها تخاطب فيه التجار ومن كان مسؤولا عن ارتفاع الاسعار وهو نداء ليس بالغريب يشترك فيه كافة السورين اليوم ,تقول : الى اين سننتهي امام هذا الغلاء فانا زوجي عامل بسيط ولدينا من الاولاد خمسة ولا قدرة لي على العمل ومع ذلك احيك الملابس حتى اخفف من الاعباء المتراكمة علينا وهي اقل ما يمكنني توفيره ومع كل ذلك ترانا ننهار امام مفاجئات الغلاء التي نراقبها كل يوم وهي في تزايد مستمر وتضيف :نمتنع عن شراء اللحوم فهي لم تدخل منزلنا منذ شهورعدة عداك عن توفير الكهرباء حتى لا نضطر لدفع اكثر من ميزانيتنا ..

اما السيدة نوال "سكرتيرة" التي تلوم غياب الرقابة واستغلال الكثيرين ممن يحتكرون البضائع ويرفعون اسعارها لاستغلال حاجة المواطنين تقول : انا سيدة مطلقة واعيش مع والدتي وولدي , واعمل سكرتيرة عند طبيب .. لطالما شعرت بالعجز الاقتصادي امام ما ادفعه واليوم مع الغلاء الذي كان سببه بعضا من التجار اشعر بالعجز التام .. توقفت عن التبضع الا ما احتاجه ولا اتزود بكميات كما في السابق .. بل اكتفي بالقليل حتى اسد حاجتي واخشى دوام الحال على ذلك فترة طويلة فأنا احمل مسؤوليات عدة كلها تقع على عاتقي ومثل تلك الاوضاع .. سانتهي بالانهيار حتما ..

ويتابع الدكتور حوراني حديثه الذي شرح دور عجز الموازنة في الدولة وهو ما يؤثر بمدى تقديم خدماتها للمواطنين ويضيف : كان القطاع الخاص جاهزا لتعويض هذا التراجع ولكن تكاليفه مرتفعة مما زاد الضغط على ذوي الدخل المحدود ..
كما احال ارباكات الوضع الاقتصادي ايضا الى سياسات الحكومة السابقة التي عمقت عدم عدالة توزيع الدخل القومي وهمشت الريف وادت الى تراجع كل من الصناعة والزراعة في الناتج القومي وزيادة دور التجارة والخدمات والمضاربة العقارية والسياحة ويضيف :جميعها قطاعات غير مولدة لفرص العمل مما ادى زيادة الفقر والبطالة وتراجع معيشة ذوي الدخل المحدود الذي ادى الى اضرابات اجتماعية غير مرغوبة ..

سوزانا يحياوي

المصدر: عربي برس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...