الاصلاحات الاقتصادية في الدول العربية

28-01-2007

الاصلاحات الاقتصادية في الدول العربية

هل يتمكن العرب من المحافظة على زخم اقتصادي يحقق لهم نمواً معقولاً هذه السنة؟

تشير التقارير إلى تراجع في الأداء الاقتصادي العالمي، وتؤكد الأمم المتحدة في تقرير جديد ان النمو الاقتصادي في حال من التراجع ويمكن ان ينخفض إلى 3.2 في المئة هذه السنة بعد ان بلغ 3.8 في المئة السنة الماضية.

ومع اعتماد الاقتصادات العربية على النفط في شكل رئيس، فإن أسعار النفط آخذه في التراجع ووصلت إلى 52 دولاراً نهاية الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، ما يعزز إمكانات انخفاض إيرادات بيع النفط في عدد من الدول العربية المنتجة للنفط.

وفي الوقت نفسه لم يكن أداء أسواق المال العربية عام 2006 جيداً، ما يعني تراجعاً في إيرادات العديد من الشركات والمستثمرين، وربما تكبد المستثمرون خسائر كبيرة قد تدفعهم إلى إعادة النظر في خططهم الاستثمارية.

وواجه عدد من البلدان العربية صعوبات في تحقيق الإيرادات في عدد من القطاعات الحيوية، مثل السياحة، نتيجة لعوامل سياسية وأمنية، كالحرب التي جرت خلال الصيف في لبنان والأعمال الإرهابية التي تأثرت فيها مصر والأردن وانعكاساتها السلبية على تدفق السياح.

لكن الاقتصادات العربية لا تزال تعاني الركود وبطء التحولات والإصلاحات الضرورية التي تعزز قدرتها على الانطلاق والحيوية. وتُحسِّن تدفق الاستثمارات المباشرة اليها. وتذكر الأمم المتحدة ان قيمة الاستثمارات التي تدفقت في منطقة غرب آسيا ارتفعت من 34.5 بليون دولار عام 2005 إلى 43.3 بليون دولار عام 2006، أي بنسبة نمو بلغت 25.5 في المئة، وتشمل هذه المنطقة بلدان الخليج العربي. إلا ان تدفق الاستثمارات إلى مصر انخفض من 5.4 بليون دولار عام 2005 إلى 5.3 بليون دولار عام 2006، وتراجع تدفق الاستثمارات المباشرة إلى المغرب من 2.9 بليون دولار عام 2005 إلى 2.3 بليون دولار عام 2006، فيما بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة الأجنبية على المستوى العالمي 1.2 تريليون دولار عام 2006.

وتؤكد هذه الحقائق الاقتصادية أن البلدان العربية لا تزال غير جذابة للكثير من المستثمرين، ما يمثل تحديات مهمة للسلطات الاقتصادية التي يجب ان تتعرف الى المشكلات والمعضلات التي تحول دون نمو تدفقات رؤوس الأموال إلى بلداننا العربية. ويعود نمو الاستثمارات في بلدان الخليج إلى لاهتمام بقطاعي النفط والغاز ومشاريع البنية التحتية ومشاريع الطاقة في بلدان عُرفت بجدارتها الائتمانية نتيجة لتوافر أموال سائلة بفعل ارتفاع أسعار النفط.

ويشار إلى ان بلدان الخليج تواجه تحديات مهمة في مجال تحسين قدرتها الإنتاجية للنفط والغاز خلال السنوات المقبلة، ما يستوجب رفع الطاقات الإنتاجية وتعزيز المشاركة مع الشركات النفطية العملاقة من خلال صيغ تعاقدية مؤاتية.

وتواجـــه بلدان عربــية أخـرى مشكلات أمنية تضعف جاذبيتها الاستثمارية، (العراق ولبنان)، أو قانونية (سورية). أما التردد في اتخاذ القرارات الحاسمة المتعلقة بالتخصيص والانفتاح فهي مشكلات تعاني منها الكويت ومصر، على رغم محاولات السلطات المعنية إنجاز تغييرات في البيئة الاقتصادية.

ولا يمكن ان نقصر المشكلة على التردد في إنجاز الإصلاحات أو قصور الأنظمة والتشريعات فهناك مشكلات المستوى المعيشي وانخفاض القـــدرة الشرائيـــة لدى قطاعات واسعة من سكان هذه البلــــدان بما لا يتيــــح لعدد من المشاريع الاستثمارية تحقيق الجدوى المنشودة. فالمطلوب فهم واضح لكل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لكي تتوافر عناصر النجاح للمشاريع المطروحة على المستثمرين.

ومن أهم التحديات أوضاع العمال في البلدان العربية، إذ يتدفق الآلاف منهم سنوياً إلى أسواق العمل العربية، ولا يجد الكثير منهم فرصاً مواتية للعمل. ويعاني مختلف البلدان العربية من تعقيدات ديموغرافية لم تتمكن من معالجتها على مر العقود الماضية، تتمثل بارتفاع معدلات النمو السكانية الطبيعية.

ولم تستوعب أنظمة التعليم المستجدات في الأنظمة الاقتصادية العالمية ولذلك تأتي نتائج التعليم دون المستوى ولا تتوافق مع بيئة اقتصادية تعتمد على التنافس والمهارة والكفاءة. وقد لا تتمكن أي من البلدان العربية من إصلاح أوضاعها التعليمية هذه السنة، إلا ان المطلوب هو البدء في وضع الأسس الملائمة للإصلاح التعليمي بما يمكنها بعد سنوات من الاستجابة لمتطلبات سوق العمل في ظل آليات الاقتصاد الحر.

ومهما يكن، فإن واقع الاقتصادات العربية يتطلب معالجات منهجية ومبرمجة بحيث لا تخضع عملية الإصلاح للمزاج السياسي أو التغيير العشوائي، اذ ان المطلوب تبني مشروع للإصلاح ينجز على أسس واضحة وفق برامج واقعية.

عامر التميمي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...